الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة المصرية من منظور جرامشى

محمد عادل زكى

2011 / 7 / 4
العولمة وتطورات العالم المعاصر


فرضيات جرامشى
محمد عادل زكى
فى كراسات السجن، ترجمة: عادل غنيم، يقول جرامشى:"عند نشوء حركة ثورية ما فإنه يتعين أن يسير التحليل الواقعى فى الإتجاهات الآتية: 1- المحتوى الإجتماعى لجماهير وأنصار الثورة. 2- ما هو دور الجماهير فى ميزان القوى الآخذة فى التحول؟ 3- ما الدلالة السياسية والإجتماعية للمطالب التى يتقدم بها قادة الحركة، والتى تلقى القبول العام؟ وما هى الحاجات التى تلبيها؟ 4- بحث ملائمة الوسائل للغايات المتوخاة". ويختتم جرامشى سرده لعناصر تحليل الثورة، أى ثورة، برفضه للإفتراضات التى ترى أن هذه الحركة سوف تنحرف حتماًً، وتخدم أهدافاًً تختلف كل الإختلاف عما توقعته الجماهير، ويرى جرامشى أن هذا الإفتراض لا يكون جديراًً بالإعتبار إلا فى التحليل النهائى. إن إفتراضات جرامشى تلك تُُلهم بلا شك الكثير حال تناولهم الثورة، أى ثورة، بتحليل موسع أو مختصر، لا يهم. وبالفعل كانت إفتراضات جرامشى أساساًً شيّد عليه الكثيرون تحليلاتهم والتى سعوا من خلالها إلى تكوين موقف واضح من الثورة، وظنوا أنهم فعلوا!! ولكن هل من الممكن أن نتعامل مع فرضيات جرامشى بشكل مختلف؛ فنأخذ تلك الفرضيات برمتها ونضعها فى مكانها الصحيح من مُُجمل التصور الواعى بحركة التاريخ البطيئة والعظيمة، لا بغرض نقدها، فلا مجال هنا لذلك، وإنما إبتداءً من الرغبة فى إعادة فهم الفرضيات ذاتها فهماًً يدفعنا إلى الأمام لا يكبلنا فى أرض الجمود؟فلنساير أطروحات جرامشى،بشأن ثورة 25 يناير فى مصر، فما هو المحتوى الإجتماعى لجماهير وأنصار الثورة؟ الإجابة: الطبقة الوسطى هى التى مثلت عماد ثورة 25 يناير، وما هو دور هذه الجماهير فى ميزان القوى الآخذة فى التحول؟ الإجابة: تمكنت تلك الطبقة من إسقاط رأس النظام، وبعضاًً من رموزه. وما هى الدلالة السياسية والإجتماعية للمطالب التى يتقدم بها قادة الحركة، والتى تلقى القبول العام؟ الإجابة: تدل المطالب التى يتقدم بها قادة الحركة، على حالة عارمة من الغضب العام، والرغبة فى حياة كريمة، وربما الرغبة فى السلطة كذلك!! وما هى الحاجات التى تلبيها؟ الإجابة: وهى لا تنفصل عن الإجابة السابقة مباشرة؛ إذ أن الحاجات التى تلبيها تتمثل فى إعادة صياغة النظام السياسى شكلاًً وموضوعاًً، ومن ثم إعادة تشكيل الحياة الإجتماعية على نحو يحترم معنى الإنسان وحقوقه. وفى سبيل ذلك تكون الثورة من خلال تجمع ملايين الجماهير وإعتصامهم سوياًً فى تظاهرات سلمية، تطالب بكل ذلك، وهذا الذى قال جرامشى بشأنه: بحث ملائمة الوسائل للغايات المتوخاة. ولكن مثل تلك الإجابات، وهى صحيحة، لا تصل بنا لأبعد من فعل الرصد؛ كما إنها لا تؤدى بنا إلا إلى تصورات خائبة عن الثورة، ومستقبلها؛ وتركها إلى حيث الإنطباعات الشخصية، دون هدف واضح، ولذا سنأخذ تلك الفرضيات إلى حيث الفعل، لا الرصد. فلنجعل. فلنُُحدِِث. فلنفعل. لا ننتظر الحدث، بل نخلقه. ولذلك نعيد فهم فرضيات جرامشى على نحو مختلف، فما هو المحتوى الإجتماعى لجماهير وأنصار الثورة؟ الإجابة: ثوار واعون بأن النظام الإقتصادى الذى تشكل فى ركابه النظام الحاكم الفاسد، هو العدو الأوحد الوحيد، وما النظام الفاسد إلا أحد صوره. ما هو دور هذه الجماهير فى ميزان القوى الآخذة فى التحول؟ الإجابة: تغيير حقيقى للنظام الإقتصادى، بتغيير حقيقى لنمط إنتاج لا يصنع سوى نعشاًً نلفظ بداخله أنفاسنا الأخيرة. ما هى الدلالة السياسية والإجتماعية للمطالب التى يتقدم بها قادة الحركة؟ الإجابة: الفهم الواعى بحركة التاريخ، وإدراك الدور الحتمى فى دفع عجلة التاريخ، وخلق الحدث الثورى الحقيقى إبتداءًً من وعى ثورى حقيقى مؤمن بقضيته الواضحة. وما هى الحاجات التى تلبيها؟ الإجابة: وهى هنا كذلك لا تنفصل عن الإجابة السابقة مباشرة، إذ تنبع الحاجات من رفض الحياة سفهاًً، والموت إنتحاراًً، دون أن نعى معنى الحياة والهدف منها. أن الحاجات التى نريدها تتلخص فى رغبتنا فى مشروع حضارى لمستقبل آمن، يقيم علاقات حقوقية حقيقية، يكون الفرد فيها من أجل الكل، والكل من أجل الفرد. وإنما إبتداءًً من نمط إنتاج، يعى معنى كون الفرد من أجل الكُُل، والكُُل من أجل الفرد. وليس أقوالاًً مرسلة فى سياق عِلم أخلاق مصطنع. وفى سبيل تحقيق ذلك، لا مفر من الدماء الثورية المجيدة، وإنما الموت من أجل قضية، لا من أجل اللاشىء؛ إن الأطروحات التى قدمها جرامشى هى أطروحات ثورية فاعلة، يتعين التعامل معها بثورية واعية بأن الثورة الحقيقية هى ضد نظام إسترق أرواحنا على ظهر كوكب ينتحر بعد أن قاد المخبولون العميان؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اشك انها ثورة انها مقدمات ثورة
محمد حسين يونس ( 2011 / 7 / 4 - 05:28 )
النمط الانتاجي الطفيلي و الذى داوم علي حمايتة منتفعين يتمسكون بكراسي الحكم هو الفيصل .. فلقد تدهورت الزراعة الي درجة تجريف الارض و الرى بالمجارى و التسميد بالحماة.. و تدهورت الصناعة لدرجة غلق اغلب مصانع عبد الناصر الاف.. و تدهورت الخدمات لدرجة نشر التلوث و الامراض مع كل قطرة مياة .. المصريون لا يعملون و اذا عملوا لا ينتجون و اذا انتجوا جاء المنتج غالي و غير متقن و لا يصمد للمنافسة لذلك هم يجلسون في ميدان التحرير توفيرا لما سيدفعونة علي القهوة و سياتي يوما لم يتخيلة جرامشي ابدا حينما يسلم هذا الشعب عنقة لمجموعة من المعاتية الذين يسخرونة لمكاسبهم الطفيلية فهم لا يتقنون الا الغزو و النهب و السرقة من خلال تجارة مشبوهة


2 - تحياتى
محمد عادل زكى ( 2011 / 7 / 4 - 06:53 )
تعليق اكثر من رائع، ويستمد روعته من الواقع الحقيقى المرير، فعلاًً ليست ثورة؛ إنما مقدمة ثورة ، نحن الأن نبتهج إبتهاج البلهاء بإعادة إنتاج السلطة


3 - مقال رائع
أشرف حسن منصور ( 2011 / 7 / 4 - 10:02 )
مقال رائع يا عزيزي محمد. لاحظت فيه غياب النظرة التشاؤمية التي ظهرت لديك في أوائل أيام الثورة بعد تنحي مبارك، وقد قلت آنذاك أن ما يحدث هو إعادة إنتاج للسلطة. فهل رجعت عن هذه الفكرة التي للأسف نرى أنها تحتمل الآن شيئا من الصحة؟ أم أن هناك شيئا آخر؟ عامة إنني سعيد بعودة روح التفاؤل إليك


4 - إعادة إنتاج السلطة
محمد عادل زكى ( 2011 / 7 / 4 - 15:00 )
صديقى العزيز جداًً، دكتور أشرف منصور، مفكر فى حجمك لازم طبعاًً يعى تماماًً نبض وأحاسيس الكاتب الذى يقرأ له وبالفعل كنت، ولم ازل، على قناعاتى الكاملة بأننا للأسف نعيد إنتاج السلطة، وقناعاتى تلك كانت من اليوم الأول ولم تتغير على الإطلاق، وعن المقال فعلاًً يحوى تفاؤل، ولكن الأهم أنه يشير إلى نفس القناعة بأننا نعيد إنتاج السلطة، وللأسف بمنتهى البلاهة الثورية، ويتبدى ذلك فى المقال بكوننا فى حالة عجز عن تحقيق فرضيات جرامشى وبصفة خاصة تغيير حقيقى للنظام الإقتصادى، بتغيير حقيقى لنمط إنتاج لا يصنع سوى نعشاًً نلفظ بداخله أنفاسنا الأخيرة، وللحق إن ما يجعلنى حقاًً وصدقاًً متفائلاًً هو تعليقاتك الثرية،سلام عظيم لصديق عظيم ،

اخر الافلام

.. حزب الله يهدد باستهداف مواقع جديدة داخل إسرائيل ردا على مقتل


.. المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي يبحث اليوم رد حماس بشأن الت




.. مصادر فلسطينية: ارتفاع عدد القتلى في غزة إلى 38011 | #رادار


.. الناخبون البريطانيون يواصلون الإدلاء بأصواتهم لاختيار الحكوم




.. فرنسا.. استمرار الحملات الانتخابية للجولة الثانية للانتخابات