الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمنيات في زمن ألتحرير

علاء دهلة قمر

2011 / 7 / 5
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


على غير عادته...رن جرس الدار... ذهبت مسرعا فتحت الباب واذا القادم من اصدقاء العمر ... تصافحنا ... تعانقنا ...ضم احدنا الآخر بلهفة شوق وحنين فلم أره منذ كانت الحرب مع ايران لم تضع اوزارها بعد... دخلنا الدار اكمانا مابداناه من تحايا واشواق الى الأهل والأصدقاء، تحاورنا ... تناقشنا بامور كثيرة عن الغربة ، النضال السري، الوطن، الأحلام، الشارع العراقي، وطموحات وآمال وذكريات مازالت عالقة في الأذهان عن الموت والحياة ،شكوت له حالنا ... بل حالي قال لي اعرف كل اخبارك فالصحاب كانوا على علم بكل تفاصيل حياتك منذ حصولك على الشهادة العليا حتى زواجك وبقاؤك في الجيش سبع سنوات عجاف لانك لم تكن (...) اجبته بعد ان علمت باليقين انه عارف ما أنا فيه، كيف لك ان تعرف كل شيء اكيد انك تملك عصى سحرية او قوة خارقة تفوق مانسمعه في الأخبار عن قدرة التحقيقات الفيدرالية ومانشاهده في افلام الخيال العلمي... رد صاحبي قائلا : ستنتهي كل معاناتك وسأريك كل شيء على ارض الواقع... دعنا نذهب الى اقرب معرض للسيارات . وفعلا ذهبنا وعند وصولنا الى معرض (...) للسيارات قال لي اختر السيارة التي تناسبك وتعجبك فقلت له : انا لا املك ثمن اطارات سيارة لا ثمن سيارة ، رد صاحبي قائلا : لا عليك نحن سندفع ثمنها ، وفعلا سلمني مفتاح السيارة بعد ان دفع ثمنها وركبنا سوية وفي الطريق قال صاحبي : توقف هنا فهذه دور سكن للدولة الديمقراطية الجديدة وسوف نوزعها على الأرامل والفقراء وذوي الشهداء ولمن لا يملك دار سكن ... قلت : انه ليوم مبارك اتخلص فيه من دفع الايجار وتبدو الدور اجمل من بيوت الوزراء التي لا تعد ولا تحصى ولكن دعني ابلغ زوجتي ومن ثم اختار الدار...قال : ليس لدينا متسع من الوقت واتصل بالسرعة الممكنة كي تتفقان على مواصفات الدار ... اتصلت بزوجتي ودار بيننا جدل على المواصفات وبعدها اخترنا الدار المناسبة ، وفعلا سلمني مفاتيح بيتنا الجديد وقلت رحماك يارب على هذه النعم الزكية والله يحفظ الحكومة الجديدة .
قال صاحبي : الوقت مازال مبكرا وساعوضك عن السنين التي لم تذق فيها طعم الراتب وبعد ان اغلقنا باب بيتنا الجديد على امل نقل عائلتي ، تابعنا السير بالسيارة الحديثة الى وزارة (...) وقال لا داعي لأي مستمسك لتقديم طلب التعيين فالوزارة الجديدة لا تحتاج المستمسكات الروتينية من هوية الاحوال المدنية ، شهادة الجنسية العراقية ، بطاقة السكن ، البطاقة التموينية ،ولا تأييد المختار ، تأييد مركز الشرطة ولا حتى تأييد الحزب الذي تنتمي اليه او الديانة التي تعتنقها... يكفي انك ابن العراق الكبير ، ولعدم وجود التيار الكهربائي لتشغيل المصعد فقد اخذنا السلم حتى الطابق الخامس ، وقعت على طلب التعيين وقالوا لي انت ستكون مدير القسم (...) والخاص بمكتب السيد الوزير ويوم غد ستباشر عملك واما راتبك فالنفط كثير ولم ينضب وكلما قدمت الكثير سيزداد الراتب وبالدولار طبعا ، حمدت الله كثيرا وشكرت صاحبي وغادرنا الوزارة ... عندها قال صاحبي : بقيت لدينا مهمة واحدة فسوف نمر على البنك (...) فهناك عملية اخيرة ننهيها لتعود بعدها وانت مرتاح البال وقد امنا لك مستقبلك ومستقبل عائلتك ...سنضع لك رصيدا في البنك يلزمك في ايام المحن والمصائب... وصلنا البنك وشاهدنا الناس واقفين صفوفا منهم من يودع واخر من يستلم واخر يجري عملية التحويل ... وبدأنا بتوقيع اوراقنا حتى سمعنا صوت طلق ناري واصواتا عالية تدعونا الى ترك كل شيء ورفع ايدينا ثم طلبوا منا بعدها الأنبطاح ارضا ... قالوا نحن عصابات بنوك ... لاحركة ... ولاهمسة ... ولاكلمة ... كل ذلك يؤدي الى الموت.
بحثت عن صاحبي فوجدته مرميا بين الكراسي فتذكرت اغنية الى كاظم الساهر ولم اتمكن من الوصول اليه كي اطلب منه ان يخلصنا من هذه الورطة...فقد تخلى عني حتى وهو لايعرف كيف ينجو بنفسه ... وقلت لنفسي اين سلطانه ونفوذه واين كل تلك القوة وذلك الجبروت ، بهذه السرعة ينتهي كل شيء وتوسلت الى الله ان يأخذ كل شيء ويعيدني سالما الى سكني المتواضع والى عائلتي ،وقد تأسفت على كل ماجرى وكيف وصل الحال الى هذه النهاية وانا اتمتم مع نفسي مرة والومها مرة اخرى سمعت احدا يهمس في اذني تجاهلته للوهلة الأولى واعاد الكرة ثانية وثالثة واذا بصوت عال يقول بابا ... بابا ... بابا ... لقد تاخرت في النهوض هذا الصباح ... فتحت عيني فوجدت طفلي الصغير واقفا امامي حيث ايقظني وخلصني من كابوس مرعب مخيف فحمدت الله كثيرا لاني رغم كل ذلك لم اصب بأذى وتنفست الصعداء وارتشفت جرعة ماء اثلجت صدري .
والحق اقول لكم كم تمنيت لو رأيت صاحبي بعد تلك السنين وفي الوقت نفسه نخرج نحن الفقراء بمسيرة سلمية ان سمحوا لنا دعاة الديمقراطية في حكومة المحاصصة اللعينة ندعو فيها الى الله سبحانه ان يميتنا ويطيل في عمر الأغنياء والوزراء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الاحتلال غرب جنين بالضفة الغرب


.. إدارة جامعة جورج واشنطن الأمريكية تهدد بفض الاعتصام المؤيد ل




.. صحيفة تلغراف: الهجوم على رفح سيضغط على حماس لكنه لن يقضي علي


.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية




.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس