الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سرقة الحرية والديمقراطية

أمير الحلو

2011 / 7 / 5
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أمير الحلو/ بغداد

تعلمنا في السياسة أن هناك فرقاً بين الثورة والانقلاب، فالاولى عملية تغيير جذرية وشاملة تنقل المجتمع والدولة من حال الى حال، أما الأنقلاب فحسب تعبير كارل ماركس (خدوش في القشرة) لا أثر لها في الحياة ومناحيها.
أقول ذلك بمناسبة ما شهدته منطقتنا من ثورات تكللت بالنجاح وبانتفاضات على الطريق رغم التضحيات الجسيمة التي تقدمها الشعوب فلا شك أننا نسعّد كثيراً بما حدث وسيحدث لأنه بداية لأنطلاقة جديدة نرجو أن تكون لصالح الشعوب.
ومع تعاطفي مع ما حدث إلا أن بعض (النذر) أخذت تقلق المثقفين وجميع الذين يعرفون معنى القراءة ثم الكتابة وأوجه التطور في الحياة، فقد رأيت فيلماً من تونس يظهر فيه احتجاج بعض المجموعات المتخلفة فكرياً على عقد ندوة وعرض فيلم تونسي وطالبوا بمنع كل ما يتقاطع مع فكرهم، وهذا ما يدعونا، ليس اليأس من الثورات، بل التساؤل عن معناها اذا كان (نتاجها) مثل هذه المجموعات التي تريد استبدال الديكتاتورية الفردية بديكتاتورية فئوية، وقد تلجأ الى القوة مستقبلاً لفرض ما تريده على الشعب.
والدولة الأخرى التي نجحت فيها الثورة هي مصر، ولكن (نذر) محاولة بعض المجموعات المتشددة حرف الثورة عن مسارها الديمقراطي بدأت من خلال عمليات المنع (غير الرسمي) لبعض القضايا التي لا تمس أمن وأخلاق وحياء المجتمع، وبذلك تريد هذه المجموعات سلب الشعب حريته، وفرض أرادتها وافكارها على الناس حتى لو أضطرت الى استخدام التهديد ثم القوة!
إن الثورة بحد ذاتها هي العمل على نقل المجتمع الى حالة (جمالية) أفضل وأعطاء الناس حريتهم في التصرف والتفكير بما لا يضر بهم وبمصالحهم، لذلك فأنا أتساءل من أين أتى هؤلاء بـ (صلاحيات) التحليل والتحريم والتدخل بكل صغيرة وكبيرة من شؤون المجتمع الواسع الذي هو للجميع وليس حكراً لفئة حزبية أو جهوية أو فئوية تؤمن بمبادئ خاصة بها!
إن الثقافة لها مجالاتها الواسعة سواء في الكتابة الروائية أو الشعرية أو في مجال الفن المسرحي والسينمائي، لذلك فأن معنى الحرية الحقيقي هو في انتعاش هذه المجالات وممارساتها المشروعة، وحتى لو كان لدى البعض أعتراض على أفكار فيلم أو مسرحية أو محاضرة فأن اعتراضها خاص بها ولا يمكن أن تجبر المجتمع على مسايرتها في افكارها، لذلك فأن تعاطفنا مع الثورات التي قامت بات يشوبه القلق من محاولات التدخل في حرية ومعتقدات الناس، فذلك سرقة للثورة الحقيقية وأهدافها، كان الشاعر الشعبي صلاح جاهين يرقب بعض الظواهر السلبية حتى وهو يكتب (ملاحمه) في حب الوطن والحرية، لذلك فأنه بعد أن بدأت مسيرة التطبيع مع اسرائيل وسماعه بأن بعض البنود في الاتفاقية تقيّد حرية مصر في مجالات ثقافية واعلامية وعسكرية فقد قال بحزن (يا خوفي في يوم النصر ... ترجع سينا وتروح مصر) ولا أعتقد أن هناك تعبيراً أروع من ذلك نضعه جواباً لما نشهده من محاولات جعل الانتصار نكسة، وتضحية بالوطن كله من أجل قضايا صغيرة، فالحرية والديمقراطية لا تتجزأن، واذا ما قامت ثورة ضد حكم ديكتاتوري فأن البديل هو فتح أبواب الحرية الملتزمة أمام الناس، وأن لا يضيع مكسب قيام الثورة من أجل (حفنة) من المتخلفين الذين يريدون عودة الديكتاتورية بلباسهم المهلهل وأفكارهم المتخلفة، وبث روح الرعب والخوف بين الناس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في الصميم
شكر البابلي ( 2011 / 7 / 6 - 18:10 )
تحية الى الكاتب
احيك وانت في بغداد الحبيية مادة في صمصيم الموضوع وقراءة دقيقة للذين يريدون التسلق بسم الديميقراطية و الحرية لخنق الشعوب بمختلف المسيات لقد حربوا حظهم في افغانستان ولم يفلحوا

اخر الافلام

.. تشاد: انتخابات رئاسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من استيلاء ال


.. تسجيل صوتي مسرّب قد يورط ترامب في قضية -شراء الصمت- | #سوشال




.. غارة إسرائيلية على رفح جنوبي غزة


.. 4 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي لمنز عائلة أبو لبدة في ح




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى الإخلاء الفوري إلى