الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليونان عورة الرأسمالية المكشوفة!

رزاق عبود

2011 / 7 / 5
العولمة وتطورات العالم المعاصر


المقرضين، ومستخدمي قطاع الدولة، والمتقاعدين في اليونان يمكنهم تنفس الصعداء. قابلية اليونان على الدفع قد تأمنت، في الاقل مؤقتا. برلمان اليونان صوت يوم الخميس 30/6/2011 ب154 صوت من 300 لصالح قانون جديد، يسمح بتطبيق حزمة تقشف قدرها 28 مليار دولار. بعد ضغوط كبيرة من قبل اليمين الاوربي على اليمين اليوناني للتصويت لصالح الاجراءات التقشفية من اجل الحل المؤقت للازمة المالية. هذه يعني انه تتوفر الان اموال في خزينة الدولة لدفع رواتب موظفي الدولة، ورواتب التقاعد حتى نهاية الصيف الحالي. وان كل الدائنين المحليين، الذين بحوزتهم سندات الدولة مستحقة الصرف خلال الصيف سيتمكنون من استلام مبالغها.
لكن القانون مختلف عليه، ولا يحظى بالاجماع، ورفض حتى من قبل بعض نواب الحزب الحاكم. عدد المتظاهرين في ساحة سينتاجما، الذين يطالبون باستقالة الحكومة، والوقف الفوري لدولاب الاقتراض اليوناني، تزايد بسرعة عند الساعة السابعة مساءا في مواجهة البوليس، الذي يحمي الحواجز المقامة حول البرلمان. العاصمة اثينا حاولت ان تعود الخميس الى حياتها الطبيعية بعد يومين من الاضراب العام، واسوء الاضطرابات، والصدامات منذ سنين عديدة.
الغاز المسيل للدموع لا زال مسيطرا على الاجواء، عندما حاول عمال الصيانة تنظيف مخلفات المواجهات. كل المتحدثين الى وكالات الانباء العالمية القوا باللوم على البوليس، وليس على المتظاهرين، الذي يرمون الحجارة.
حسب الميتالوجيا اليونانية فان اله البحار"ذيتيس" حاول ان يجعل ابنه الاول اخيل خالدا عبر تعميده في الماء المقدس في نهر ستيكس. ولان امه امسكته من كعبه صار كعب اخيل هو الجزء الوحيد الممكن اصابته. خلال حرب ترويا اصيب البطل النصف اله بسهم في كعبه. فكان هذا سبب موته. ومن هنا جاء تعبير كعب اخيل.
اليونان صارت كعب اخيل الاوربي. هذه الدولة الصغيرة، قد تصبح اكبر اخفاق للاتحاد الاوربي. قادة الاتحاد الاوربي اصيبوا بالذعر، وهم يشاهدون الانتفاضة العنيفة في مهد الحضارة الاوربية، ومولد الديمقراطية.
استقصاء اليونان مثل فتح علبة باندوراس. هنا توجد كل شرور الكون. الديون الفلكية، الفساد، المحسوبية، التهرب الضريبي، بيروقراطية فظة، قطاع خاص يمص دم عماله، وقطاع دولة مترهل، كما لو كان فيلا خارق السمنة، وكسول. الان الكعب مكشوف، واليونان يرافقها في ثقل المديونية ايرلندا، وايطاليا، واسبانيا، والبرتغال. البنوك العالمية، والنخب الحاكمة يقومون الان بكل جهدهم لتوفير التنفس الاصطناعي لليونان. لكن لا احد يعرف كيف سيتمكن اليونانيون من تسديد كل هذه الديون، والفوائد الضخمة المترتبة للمقرضين. ليس السواح ذوي الدخل المحدود. وليست الام تيريزا، من يضع شروط القروض. الاستقطاب في بنية الاتحاد الاوربي يتزايد. المستشارة الالمانية ميركل تتشكى من الجنوبيين "الكسالى". مع ان احصاءات الاتحاد الاوربي توضح، ان اليونانيين يعملون ساعات مضاعفة لما يعمله الالمان. رغم سن التقاعد المبكر. رغم الاضرابات، وعيدين وطنيين احدهما يتعلق بالاحتلال الالماني. بعد سحق النازيين لليونان استلمت المانيا قروضا لاعادة البناء. والغيت ديون اليونان على المانيا. الان يطالب اليونانيون ان يحصل نفس الشئ بالنسبة لديون المانيا على اليونان. لكن لو الغيت ديون اليونان، فان كل الدول الاخرى ستطالب بالغاء ديونها، وهذاغير ممكن. قد يتسائل الكثير في الشمال الاوربي لماذا يجب عليهم العمل الشاق، والطويل لدعم اولئك الجنوبيين الممرغين في الوحل. بلد في سبعينات القرن الماضي كانت ديكتاتورية. وبعد سقوط الطغمة العسكرية، وحتى اليوم تداولت السلطة السياسية فيه ثلاث عوائل. شعب يثمن الحياة اكثر من العمل. بلد كان فيه اقل معدل للانتحار في العالم 6،5 لكل 000 100 نسمة عام 2010 .ارتفعت معدلات الانتحار بشكل مفاجئ بنسبة40% كنتيجة مباشرة للازمة. الاهل المحملين بعبأ الديون يخسرون اعمالهم، ولا يستطيعون، ان يقدموا لابنائهم حتى المعيشة اليومية. تقول الكاتبة السويدية ذات الاصل اليوناني الكساندرا باسكاليدو: "كعب اخيل الاوربي مصاب. السؤال المطروح هو كم من الوقت يتمكن الاتحاد الاوربي من الحفاظ على الضحية على قيد الحياة"؟!

ونحن نطرح السؤال الاعم، الذي يهمنا: كم من الازمات، والفضائح، والمجاعات الجديدة بحاجة لاقناع الجماهير، والسياسيين، ان سياسة الليبرالية الجديدة الراسمالية نتائجها مدمرة، وقد تزيل شعوب، ودول من خارطة النشاط البشري! فهل يتعظ من يحكم بلدنا اليوم بان ما استوردوه من وصفة اقتصادية بمشورة صندوق النقد الدولي، هي وصفة فاسدة مثل الادوية، والاجهزة، التي استوردوها من السوق السوداء العالمية؟!

رزاق عبود
2/7/2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الترجي التونسي يستضيف الأهلي المصري في ذهاب الدور النهائي|#ه


.. الوصل يحقق انتصارا تاريخيا على النصر ليتوج بكأس رئيس دولة ال




.. لماذا تخاف إسرائيل من مخيم جنين؟


.. شهيدان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في مخيم بربرة وسط رفح جنوب




.. مطعم للطاكوس يحصل على نجمة في دليل ميشلان للمطاعم الراقية