الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد هي الأبقى

وسام صابر

2011 / 7 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


"فهذا الوطن الممتد من البحر الى البحر، سجون متلاصقة سجان يمسك سجان "
هذا البيت من قصيدة للشاعر مظفر النواب الذي قضى معظم سنين حياته مشرداً من بلد لبلد، لأنه حرص على نقاء كلمته ولم يستطع طغيان الجلاد ولا إغراءاته في التأثير عليه ولو ببيتا واحدا يمدح فيها من لا يستحق المدح. فقال هذا البيت بعد ان مر بالكثير من الدول العربية ولمس ما يحدث هناك من اضطهاد وكبت للحريات ، بحيث يتحول البلد الى سجن كبير لا تستطيع الافلات منه حتى لو كنت بريئا حد السذاجة ، فبقيت قصائد المظفر خالدة ترددها الشعوب العربية قبل العراقيون، لأنها عبرت عن دواخلهم وغضبهم من الحكام الذين كانوا بيادق بيد القوى الأكبر!.
بل هؤلاء الحكام كانوا سجانون لشعوبهم، حكموا بلادهم وحضروا المؤتمرات والندوات والقمم بصفتهم رؤساء ، وحصلوا على كل الاحترام الذي يستحقه أي رئيس ، فمعظمهم قد دفع الأموال ، التي هي مال الشعب وكان من المفترض ان يبنون ويعمرون بها البلاد ، دفعوها للشعراء والصحافيين لتلميع صورهم امام شعوبهم وامام العالم ، منهم من صدق (جهلا) وقد حرص هؤلاء على زرع الجهل في كل زاوية وركن ، ومنهم من صدق (طمعا) لانهم بذلو لهم الاموال والهدايا ، فمثلا في الاردن بنى صدام حسين حياً كاملا ومن احسن طراز واسماه (حي الصحفيين) فهل سيجرؤ أي صحفي يسكن في هذا الحي على إدانة صدام حسين وحكمه؟.
اعترفت قبل مدة، المطربة الأمريكية المشهورة (بيونسيه) مع بعض المطربين الآخرين ، اعترفوا بأنهم غنوا للقذافي وابنه في الكثير من الحفلات والأمسيات ، ومن شدة استيائهم وخجلهم بعد ان شاهدوا حقيقة من غنوا له ، قرروا التبرع بالأموال التي حصلوا عليها من تلك الحفلات ، بينما نذكر كلنا ، بعد فضح ممارسات نظام البعث لاسيما بعد غزوه للكويت ، انتقد الكثيرون الكاتب المعروف يوسف إدريس على قبوله لجائزة صدام ، وطالبه البعض بإرجاع أموال تلك الجائزة احتجاجا ، أو التبرع فيها كما فعلت بيونسيه الآن ، لكنه رفض وقتها!
كل القصائد والمقالات التي مدحت هؤلاء السجانين كان مصيرها سلة المهملات ، فلا احد يسمع الآن ولا أغنية من الأغاني (وهي كثيرة جدا) من التي كتبها او لحنها او غناها خيرة الكتاب والملحنين والمطربين العراقيين لصدام ، خلال حرب القادسية او خلال الحصار، بل أصبح من العار التغني بتلك القصائد والألحان.
بينما لو نظرنا الى المطربة الكبيرة فيروز والاغاني التي غنتها لتمجيد بغداد او دمشق او مصر ...الخ ، هذه الاغاني لا تفارق مسامعنا ولن نتوقف عن ترديدها لانها غنتها بحب للحضارة والناس جميعا. اما اغاني وديع الصافي ووردة الجزائرية وسميرة سعيد وغيرهم الكثير من الذين غنوا لصدام حسين مقابل الاف الدولارات ! فلم يعد لها وجود ولم تعد لها قيمة ، بل انها قد تكون صفحة سوداء بتاريخ هؤلاء المطربين الذين يحاولون نسيانها وطيها ، وليت الذي حصل يكون درسا لكل من وهبه الله موهبة الكتابة او التلحين او الغناء ، ليحافظ على موهبته ونعمة الله عليه ، من النسيان والمهانة ، وليحافظ على انجازه وأعماله ، ويجعلها للناس وللشعب الذي هوالأبقى وليس لشخص معين ، فكل الناس زوال ولن يدوم الا الذكر الطيب والعمل الصالح والشجاع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يهاجم مجددا مدعي عام نيويورك ويصعد لهجته ضد بايدن | #أ


.. استطلاع يكشف عدم اكتراث ذوي الأصول الإفريقية بانتخابات الرئا




.. بمشاركة 33 دولة.. انطلاق تدريبات -الأسد المتأهب- في الأردن |


.. الوجهة مجهولة.. نزوح كثيف من جباليا بسبب توغل الاحتلال




.. شهداء وجرحى بقصف الاحتلال على تل الزعتر في غزة