الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزهريون يكتبون دستور -مصر الجديدة-!

شاكر النابلسي

2011 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


كعادة الأزهر في لعب دور رئيسي في الأحداث المصرية على مرِّ الأيام، قام الأزهر الحديث بقيادة الشيخ أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر بإصدار "وثيقة الأزهر" التاريخية والمهمة، والتي تصلح أن تكون خطة عمل للرئيس الجديد، ويصلح معها الشيخ أحمد الطيب للترشح لرئاسة الجمهورية، فهو أحق من أي مرشح آخر بهذا المنصب الرفيع، في ظل عدم وجود مرشح للرئاسة حتى الآن، لديه خطة عمل متكاملة، كما قالت الكاتبة غادة شريف في مقالها (عريس يا بووي) (جريدة "المصري اليوم"، 21/6/2011).

تاريخ عريق
فالأزهر هو حركة المقاومة للاستعمار الفرنسي في عام 1798 الذي جاءت به حملة نابليون 1798 بقيادة الشيخ حسن العطار. والأزهر هو الذي خرّج الشيخ رفاعة الطهطاوي صاحب الفكر التنويري الذي أفاد محمد علي باشا في نهضة مصر الحديثة. والأزهر هو مكان انطلاقة الشيخ محمد عبده التنويرية والإصلاحية. والأزهر هو حداثة طه حسين ومصطفى عبد الرازق (شقيق علي عبد الرازق، صاحب كتاب "الإسلام وأصول الحكم"، 1925). والأزهر بقيادة شيخ الأزهر الشيخ مصطفى المراغي، هو الذي لعب دوراً مهماً في الدعوة إلى تنصيب الملك فؤاد خليفة للمسلمين، بعد سقوط الخلافة الإسلامية في اسطنبول 1924. إضافة إلى أن الأزهر وشيوخه، كان لهم الدور الفعال في ثورة 1919، والمظاهرات الصاخبة ضد الاحتلال البريطاني. كما أن شيخ الأزهر الشيخ محمود شلتوت (1893- 1963) شارك في ثورة 1919. وهو الذي أثبت في محاضرته عام 1937 ، في "مؤتمر لاهاي" الدولي، أن "الشريعة الإسلامية تشريع مستقل صالح للتشريع في كل مكان."

دور سياسي كبير
"وكان للأزهر الفضل الأول في تدشين الدولة الحديث في مصر، وصاحب أول تجربة انتخاب ديمقراطي بالمفهوم الحديث في مصر والمنطقة، عندما توافق عدد من رموزه وعلمائه على تنصيب الألباني الأصل محمد علي حاكما لمصر، والذي بدأ مسيرة بناء مصر ما بعد العصور الوسطى وفق أسس سليمة، وبقي لرجال الأزهر دور أهل الحل والعقد لفترة بجانب الحاكم، إلى أن استبدت به شهوة الحكم وأغواه الانفراد." كما قال الكاتب المصري محمد عبيد.

مرتكزات "وثيقة الأزهر"
إذن، وثيقة الأزهر الجديدة في الأمس كانت امتداداً طبيعياً وحضارياً لدور الأزهر في الحياة المصرية والعربية والإسلامية بشكل عام، حيث ارتكزت هذه الوثيقة على مرتكزات أهمها:
1- البعد الفقهي في إحياء علوم الدين وتجديدها، طبقاً لمذهب أهل السنة والجماعة، الذي يجمع بين العقل والنقل، ويكشف عن قواعد التأويل المرعية للنصوص الشرعية.
2- البعد التاريخي لدور الأزهر المجيد في قيادة الحركة الوطنية نحو الحرية، والاستقلال .
3- البعد الحضاري لإحياء مختلف العلوم الطبيعية، والآداب، والفنون، بتنوعاتها الخصبة .
4- البعد العملي في قيادة حركة المجتمع وتشكيل قادة الرأي في الحياة المصرية .
5- البعدُ الجامع للعلم، والريادة، والنهضة، والثقافة في الوطن العربي والعالم الإسلامي.

محاور "وثيقة الأزهر" الحداثية
ومن خلال وثيقة الأزهر يعود الأزهر لقيادة دفة الحياة المصرية بشكل عام.
وقد قالت "وثيقة الأزهر" الأخيرة التي تلاها شيخ الأزهر أحمد الطيب من أن "التوافق قد تم على ضرورة تأسيس مسيرة الوطن على مبادئ كلية وقواعد شاملة، تناقشها قوى المجتمع المصري، وتستبصر في سيرها بالخطى الرشيدة، لتصل في النهاية إلي الأطر الفكرية الحاكمة لقواعد المجتمع ونهجه السليم.
وتلت الوثيقة المذكورة المباديء التي تحدد طبيعة المرجعية الإسلامية، وهي مباديء حداثية في حد ذاتها، فيما لو فهمنا الحداثة على أنها قطيعة العلم التجريبي في القرن السابع عشر مع التأملات الإغريقية المسماة علماً. أو قطيعة فلسفة الأنوار مع المعتقدات الظلامية. أو قطيعة العقل مع النقل. وهي قطيعة الديمقراطية مع الاستبداد، كما يقول المفكر التونسي العفيف الأخضر. وهذه أهم محاور الوثيقة:
1- دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة، التي تعتمد على دستور ترتضيه الأمة، يفصل بين سلطات الدولة ومؤسساتها القانونية الحاكمة.
2- اعتماد النظام الديمقراطي، القائم على الانتخاب الحر المباشر، الذي هو الصيغةَ العصرية لتحقيق مبادئ الشورى الإسلامية، بما يضمنه من تعددية، ومن تداول سلمي للسلطة، ومن تحديد للاختصاصات ومراقبة للأداء ومحاسبة للمسئولين أمام ممثلي الشعب.
3- الالتزام بمنظومة الحريات الأساسية في الفكر والرأي، مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والمرأة والطفل، والتأكيد على مبدأ التعددية واحترام الأديان السماوية، واعتبار المواطنة مناط المسؤولية فى المجتمع .
4- الاحترام التام لآداب الاختلاف وأخلاقيات الحوار، وضرورة اجتناب التكفير، والتخوين، واستغلال الدين، واستخدامه، لبعث الفرقة والتنابذ والعداء بين المواطنين، مع اعتبار الحث على الفتنة الطائفية والدعوات العنصرية جريمة في حق الوطن.
5- تأكيد الالتزام بالمواثيق والقرارات الدولية، والتمسك بالمنجزات الحضارية في العلاقات الإنسانية، المتوافقة مع التقاليد السمحة للثقافة الإسلامية والعربية، والمتسقة مع الخبرة الحضارية الطويلة للشعب المصري في عصوره المختلفة.
6- الحرص التام على صيانة كرامة الأمة المصرية والحفاظ على عزتها الوطنية، وتأكيد الحماية التامة والاحترام الكامل لدور العبادة لأتباع الديانات السماوية الثلاث.
7- اعتبار التعليم والبحث العلمي ودخول عصر المعرفة قاطرة التقدم الحضاري في مصر، وتكريس كل الجهود لتدارك ما فاتنا في هذه المجالات، وحشد طاقة المجتمع كلّه لمحو الأمية.
8- إعمال فقه الأولويات في تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية، ومواجهة الاستبداد ومكافحة الفساد والقضاء على البطالة، وبما يفجر طاقات المجتمع وإبداعاته في الجوانب الاقتصادية والبرامج الاجتماعية والثقافية والإعلامية.
الأزهر يكتب دستور مصر الجديدة
وبعد، فلعل هذه الأسس وغيرها في "وثيقة الأزهر"، تصلح أن تكون المرتكز الأساسي للدستور المصري الجديد، الذي تنوي الدولة وضعه بعد الانتخابات الرئاسية في سبتمبر القادم. والمهم في وثيقة الأزهر هذه، ما قاله الكاتب المصري سمير مرقس (وثيقة الأزهر: مبادىء التقدم المصرية نحو الدولة العصرية) (جريدة "المصري اليوم"، 29/6/2011) من أنها "علامة فاصلة فى تاريخ مصر الحديثة، فمن خلال ما تضمنته من مبادئ، تُعبِّر عن الخبرة الحضارية المصرية التي عرفتها مصر الحديثة، حيث تجدد الالتزام وتوصى بالاهتداء بها. إنها وثيقة مبادئ حضارية مصرية نحو بلوغ الدولة العصرية."
"وثيقة الأزهر" كسرت الحاجز الجليدي
كذلك، فإن المهم في هذه الوثيقة أنها كسرت الحاجز الجليدي بين رجال الأزهر والعَلْمانيين المصرين، إذ بينت المناقشات والحوارات التي سبقت إصدار هذه الوثيقة أن العَلْمانيين ليسوا ملحدين ولا كفاراً كما يشاع عنهم. وهو ما قاله حلمي النمنم، من أن "فريقاً من الكتاب الإسلامويين سعى إلى إثارة فزاعة الإلحاد والحرب على الإسلام كلما ذكرت كلمة [العَلْمانية]، وهؤلاء لا يعرفون من [العَلْمانية] سوى جانب من العَلْمانية الفرنسية التي ترمي إلى الإلحاد، بينما بقية العَلْمانية الفرنسية، كانت تعنى التمرد على الكنيسة كسلطة، ولم يكن تمردهم بأي حال على المسيحية ذاتها، ويمكن العودة إلى التراث الإسلامي لنجد أنه لا يعادي العَلْمانية التي تعنى رفض قيام دولة كهنوتية، وتعني احترام الدنيا والسعي فيها للعمران، وتحقيق التقدم، والخير، والسعادة، لبنى البشر." ("الممتعضون"، "المصري اليوم"، 19/6/2011).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضباط إسرائيليون لا يريدون مواصلة الخدمة العسكرية


.. سقوط صاروخ على قاعدة في كريات شمونة




.. مشاهد لغارة إسرائيلية على بعلبك في البقاع شرقي لبنان‌


.. صحيفة إيرانية : التيار المتطرف في إيران يخشى وجود لاريجاني




.. بعد صدور الحكم النهائي .. 30 يوما أمام الرئيس الأميركي الساب