الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


100 راتب للموظفين والمطرقة والسندان

حسين رشيد

2011 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


ـ1ـ
تشهد الأيام المقبلة إطلاق سلفة 100 راتب للموظفين، وحسبما أعلن عنها في وسائل الإعلام المختلفة انها مساهمة ومساعدة للموظف ببناء دار تؤويه مع عائلته، وخطوة في حل أزمة السكن مثلما صرح بذلك بعض المسؤولين المعنيين بالأمر.
البعض من المستفيدين ربما يشرع ببناء دار، هذا إذا توفرت لديه قطعة الأرض المناسبة لذلك، اما إذا فكر بشراء قطعة أرض، فعليه ان يسدد القرض الأول الذي سيتسلمه، من ثم ينتظر ولده أن يكمل تعليمه المتسلسل حتى يتخرج ويعين في دائرة حكومية ويتسلم القرض الثاني، حتى يتسنى لهم بناء دار أحلامهم المؤجلة. فأسعار قطع الأراضي بلغت معدلات مخيفة، إذ وصل سعر المتر الواحد في بعض المناطق الى مليون دينار عراقي ومناطق أخرى الى مليوني دينار وأكثر، علما ان هذه المناطق بمقياس مدينة بغداد ربما تكون في الصف الثاني او الثالث من حيث الرقي.
واذا ما عدنا الى شروط منح القرض، نرى انها تضمنت أن يكون الموظف المستفيد لديه خدمة فعلية لمدة 5 سنوات وعلى ملاك الدائرة المثبت، بمنعى ان العقود غير مشمولين!، فضلا عن تسليمه الدولة سندا عقاريا خلال ستة أشهر من تسلمه القرض، يؤكد انتفاعه بهذه السلفة او القرض. كما عليه ان يقدم كفيلا، اما يكون موظفا يكفي راتبه الاسمي لسداد القسط الشهري للسلفة، او موظفين يغطي راتبهما هذا القسط.
الخطة او المشروع يهدف لتسليف نحو 2000 موظف حتى انتهاء السنة المالية الحالية، إذ جرى إبلاغ جميع دوائر الدولة لتقسم موظفيها المشمولين على 24 شهرا، حيث ستكون آلية السداد، مجموع 100 راتب اسمي للموظف، يقسم في السداد على 120 قسطا شهريا، ولمدة 10 سنوات. بفائدة مصرفية 8 بالمائة، لكنها ليست تراكمية، وسيجري استقطاعها بشكل ثابت مع القسط الشهري. السؤال الذي يطرح نفسه ترى هل سيكفي المبلغ المتبقي من الراتب للمعيشة، خاصة أن أغلب من سيستفيد من القرض يسكن بدار او شقة مؤجرة؟
وقد يعتبر البعض هذه النقاط وغيرها روتينية وممكنة نوعا ما. لكن ماذا تعني موافقة المدير العام على منح القرض، ومن يضمن نزاهة ونظافة المدير العام في منح الموافقات بشكل عملي ومهني وإنساني بعيدا عن حسابات الرشوة والفساد الإداري، والمحسوبية بأنواعها المختلفة. خاصة وان هؤلاء المدراء خضع أغلبهم لا بل جميعهم للمحاصصة في أغلب وزارات ودوائر الدولة العراقية الجديدة، وهذا ما يؤسف له جدا جدا.
-2-
لو افترضنا ان الراتب الكلي لبعض الموظفين مليون ونصف المليون دينار عراقي، واذا ما منح 100 راتب بنصف راتبه الكلي يعني المبلغ سيكون 75 مليون دينار عراقي. ترى هل هناك دار تتمتع بمواصفات سكن ملائمة ولائقة بهذا المبلغ، خاصة إذا عدنا الى أزمة السكن الموجودة الآن في عموم البلاد.
لكن كم موظفاً يتسلم هكذا راتب وكم واحداً منهم يستحق القرض وفق الشروط أعلاه، وكم واحداً منهم سينال رضا مديره العام. ولو ناقشنا الأمر بهدؤء وروية، وافترضنا انه تم التسلم وهناك موظف لديه قطعة أرض ترى هل سيكفي المبلغ المتسلم لإتمام البناء، خاصة أن إطلاق القرض سيرافقه ارتفاع كبير في الأسعار بشكل عام ومواد البناء بشكل خاص. وعلى سبيل المثال قبل عدة أشهر كانت سيارة الطابوق 750 الف دينار والآن في هذه الأيام وصلت الى مليون ومائة الف دينار هذا فقط بإعلان الخبر، ترى كم سيصل سعر الطابوق لحظة الإطلاق، وكم سيرتفع لحظة التسلم، والى أي رقم سيصل حين يزيد الطلب عليه. هذا الطابوق فقط ناهيك عن باقي المواد الأخرى الداخلة في البناء من اسمنت وحديد وجص وزجاج وكاشي بأنواعها، اضافة الى اليد العاملة.
من جهة أخرى التضخم المالي الذي ستشهده الأسواق بوجود هذا المال الممنوح او القرض الميسر بالفائدة المصرفية. في فترات سابقة خاصة أيام النظام البعثي المباد، والذي اعتمد مبدأ المكرمة من خلال زيادة طفيفة لا تغني ولا تنفع في رواتب الموظفين، لكنها كانت تلهب الأسعار بالأسواق وتصبح الزيادة نقمة عامة بدل أن تكون نعمة, وهذا ما ألفناه في بعض فترات التغيير النيساني من خلال زيادة الرواتب وكيف أثرت على السوق في حينها وبشكل تصاعدي، الأمر الذي يجعل من العاملين بالقطاع الخاص وخاصة من يعمل بأجر يومي ضحية لهذه الزيادة وتلك، خاصة مع الركود الذي يعانيه السوق العراقي والبطالة المرتفعة بشكل ملحوظ. الأمر الذي يدفعنا للمطالبة أن تكون هناك دراسة وافية وعلمية لجدوى هذا المشروع وعرض إيجابياته وسلبياته من قبل أساتذة اقتصاديين.
-3-
غاية المشروع الأولى هي محاولة القضاء على أزمة السكن، ومساعدة الموظف بشكل او بآخر، ولا بأس بذلك شريطة أن يكون المشروع مدروساً بشكل وافٍ ومفصّل، وأن تكون الإيجابيات تفوق السلبيات، إذا وجدت، وأن يعمل في المستقبل على إزالة هذه السلبيات. فحوى المشروع في بدايته وفق ما أعلن عنه وما خطط له في هذا العام، هو إقراض 2000 موظف، وإذا اعتمدنا معدل القرض لكل واحد من المقترضين 50 مليونا وهو الحد الأعلى للسلفة سيكون المبلغ الكلي 100 مليار دينار عراقي، وإذا حولت الى الدولار الأميركي ستساوي 80 مليون دولار او أكثر بقليل، وإذا عدنا الى سعر برميل النفط في الوقت الحالي والذي يتراوح ما بين 100 الى 110 دولارات للبرميل الواحد، واعتمدنا سعر وزارة النفط العراقية بالنسبة لبيع نفط العراق وهو 90 دولارا للبرميل الواحد، يعني أن مليون برميل من النفط بهذا السعر 90 دولارا يكون 90 مليون دولار أي 100 مليار دينار عراقي وأكثر، وهي قيمة المبلغ المرصود لهذا المشروع بمراحله الأولى. وإذا عدنا مرة أخرى الى إحصائيات وزارة النفط والرقم الذي يصدره العراق يوميا والبالغ مليونا و750 ألف برميل نفط وهو المعدل المعتمد في الوزارة. يمكننا القول إن بإمكان الحكومة تخصيص واردات يوم واحد من بيع النفط من كل شهر لمعالجة أزمة السكن. من خلال التعاقد مع شركات عالمية معروفة ببناء مجمعات سكنية عامودية وتوزيعها بين الموظفين بالأقساط ذاتها التي تمنح لهم على شكل قرض. مع الأخذ بنظر الاعتبار أن يكون الموظف وزوجته وأولاده ممن لا يملكون عقارا او يكون مسجلا باسم أحد منهم اي عقار سكني. من ثم يشمل الجميع بالمشروع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن بوست: صور جوية تكشف ملامح خطط إسرائيل لما بعد حرب غزة


.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف طلب إيران بجمعها في مخيمات بـ




.. عشرات القتلى والمصابين في هجمات إسرائيلية على مناطق عدة في ا


.. دانيال هاغاري: قوات الجيش تعمل على إعادة 128 مختطفا بسلام




.. اللواء الدويري: الجيش الإسرائيلي يتجاهل العوامل الغير محسوسة