الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أرتجلُ الحب

أمل جمعة
(Amal Juma)

2011 / 7 / 6
الادب والفن


أرتجلُ الحب، هكذا، كحلم طفلٍ بقطعة حلوى بحجم بيته، وأرتجلُ النهاية بذهن محاربٍ شهم مسحَ مدينة الأعداء بسيفه وحنّ على زهرة بنفسجية تكاد تبزغُ، بكى لوحدتها، انحنى يقبل أوراقها بروح متعبد.

أرتجلُ الحب، كريماً وفائضاً كدعوة مقهور. كحليب مرضعة أسكتت الحربُ صراخ رضيعها وضايقها دفء الحليب الذي يأبى التخثر، يسيل مخترقاً عيون الأعداء والأصدقاء وذوي القربى والمساكين وعقيمات لم يحْبّلّنَ إلا للضرورة، وقت النعاس وقبل النوم وفي إيماءات الحلم.

أرتجلُ الحب حزيناً وخاطفاً كسيدة فارقها الصبا والزوج في ذات اللحظة، فسرقت رسائل المراهقات من صناديق البريد وحولتها لنفسها. كطعم الفرح الكاذب الذي اجتاح بيتها تلك السيدة الستينية بفارق لحظات قصيرة قبل أن يلقوا بولدها البكر في باحة المنزل مقتولاً وغارقا ًبدمه، كان الفرح لهاتف في الظهيرة. قالت صاحبته: أزف لك البشرى لقد رأيته عريساً الليلة فردت مفتونة ومصدقة: وأنا كذلك".

أرتجلُ الحب، مقصوصاً مثل خيبة عروس جاء عريسها بالموعد تماماً ولكنها تعثرت وسقطت وهي تقف لاستقباله فوق الطاولة الضيقة، لم تكسر ساقها كما خشيت فوجئت بأنها سليمة تماماً، لكن غادرها الفرح فقد رمقت في عيون صبية صمت مريب لم تستطع تفسيره حتى الآن.

أرتجل الحب،كاملاً وبهياً وفائضاً وزائداً عن حاجتي أكدسه فوق الرفوف وفي قعر الخزائن وفي طيات ثوبي وأدسه خلسة في حقيبة صديقتي وفي زهرية الورد وعلى نوافذ المدارس المسيجة بإحكام وأنثره في الطرقات، ألقيه مثل الياسمين المبعثر مساءً في حديقتي ،وتماماً عندما أوشك على الصراخ والاعتراف بنخز شوكة القلب تدوسني شاحنة مسرعة محملة بشتائم وسباب سائقها ،فأرتجل الصمت المذهول شكراً لأنني لا زلت أسمع سبابه ولازلت أحيا.

أرتجلُ الحب، بأخطاء نحوية فادحة ولغة دارجة ومعنى مبحوح قاله ألف قيس لألف ليلى ، بخجل مراهقة غير محظوظة، قابلها من تمنت وقد تشوه وجهها ببثور طارئة/ خافت نقيصة جمالها وقبل أن يهمس دارت على أعقابها بعكس رغبة القلب/ تحس دهشته تخترق ظهرها وترى في ظلها المتسارع خطواته المرتبكة تذهب بعيداً،تتحسس رسالته فوق قلبها ، تنظر لها للمرة الأخيرة قبل أن ترى فُتاتَها يتطاير في الهواء وتدوسه الأقدام.

أرتجلُ الحب مختصراً كوجبة عامل أعزب، فالوقت قليل لا يصلح للحنين ،ولا تكفي الساعة الأخيرة لمحكوم بالإعدام ليتذكر كم مر سريعاً دون أن ينتبه لحفيف ثوب كان يلامس ظلّه على الأرض ويمتزج معه ويرسم له شكلا أخر ‘ولكن لا وقت لديه ليتمهل في الذكريات ويرتشفها قطرة قطرة، لا وقت لدية للندم أو الاعتذار/ فهو محكوم أيضاً بإلحاح الذاكرة وسطوتها واختصاراتها المدوية في زمنه القليل.

أرتجل الحب، خائباً منذ البداية ومرهوناً بوردٍ مؤجل "أجلت الصبية وردها للعام القادم "فالمطر قليل وبخيل وكذا العشاق كسالى ومرهقون،لا وقت لديهم ليزرعوا الدرب بالتنهدات كما ظنّت،ولا صبر لديهم لتخلع عنها ما تكدس من وجع الانتظار، لم تذبل عيونهم على المنعطفات بتردد أول الهوى وبحسم شوكة القلب النافرة كدقة طبل.
ارتجلُ الحب، بسوء ظن متوارث، كلمّا حَكت الريبة ذهن الصبية جَفل القلب،تقف بيأس عروس البحر وترتجل رقصتها الأخيرة حافية، دامية القدمين كزهور حمراء انتشرت بخجل بين أعشاب فقيرة على تله صحراوية ناجت الربيع باخضرارٍ مسروق.
أرتجل وأرتجل وأرتجل،يضحك المتفرجون يفيض المسرح بسخريتهم وقهقهاتهم، ينسلون لاهثين لا يتذكر أحدهم أن يرمي بوردة أو قبعة أو... ستؤجل الصبية وردها للعام القادم وترتجل أغنية لانتظارها.
آذار
2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا