الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-باعة- الثورة!

سعد هجرس

2011 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


كان المشهد فى ميدان التحرير مساء الأحد الماضى عبثياً ومأساويا فى الوقت ذاته. فهذا الميدان، الذى بات رمزا للثورة المصرية ومكاناً مشعاً وملهماً لشعوب العالم بأسره، تحول إلى "سويقة" يختلط فيها الحابل بالنابل. حيث احتل "الباعة المتجولون" مكان الثوار، وانتزعت النداءات على الذرة والبطاطا المشوية وحمص الشام الفضاء العام من شعارات الثورة ومطالباتها بالتغيير والحريات والعدالة الاجتماعية!
ومع تدقيق النظر فى هذا المشهد اللامعقول لا يكون صعباً اكتشاف أن الباعة المتجولين إياهم ليسوا مجرد أشخاص غلابة يجرون – مثلنا جميعاً – وراء لقمة العيش وإنما ينبئ سلوكهم أن لهم "هوية مزدوجة"، الأمر الذى أكده ذلك الهجوم "الحربى" الذى قاموا بشنه على المعتصمين مستخدمين السنج والسيوف وسائر أنواع الأسلحة البيضاء.
وسواء كان هؤلاء مجرد باعه جائلين – كما يقول رجال الأمن – أو مخبرين وأعوان للبوليس – كما يقول المعتصمين – فإن المؤكد أن الشرطة لم تعد تحتكر العنف فى المجتمع، وإنما أصبحت تنافسها جهات كثيرة فى مقدمتها "البلطجية" الذين أصبحوا رقماً فى المعادلة السياسية!
والفضل فى ذلك يعود إلى وزارة الداخلية التى نفضت يدها من ملف هؤلاء البلطجية رغم أنها تعرفهم بالأسم والعنوان وتستطيع أن تلقى القبض عليهم بين عشية وضحاها. ومع ذلك فإنها لا تقدم على ذلك رغم أن البلاد تعيش فى ظل حالة طوارئ، ورغم أن المجتمع كله يجأر بالشكوى من استئساد هؤلاء البلطجية وترويعهم للبلاد والعباد.
وقد تجلى هذا الموقف الذى تتمسك به وزارة الداخلية – كما لو أن هناك بروتوكول تعاون ومذكرة تفاهم بينها وبين إخواننا البلطجية!!- فى ذلك الغياب المطلق لأى قوات تابعة للشرطة المدنية أو العسكرية، فى ميدان التحرير الذى أضرم فيه الباعة المتجولون النار وعاثوا فيه فساداً دون حسيب أو رقيب!!
***
هذا المشهد المتكرر جعل البعض يصف وزارة الداخلية بأنها "الذراع الخفية للثورة المضادة"، وجعل البعض الآخر يضعها ضمن "الطابور الخامس".
غير أن "الرجل الطيب" وزير الداخلية، اللواء منصور العيسوى يرفض القول بأن مصر المحروسة تعانى من "انفلات أمنى"، ويرى بالمقابل أن مصر "تشهد انفلاتا أخلاقيا وإعلامياً".
كيف يا معالى الوزير؟!
الأجابة الجاهزة هى أن "هناك تواجد أمنى من قوات الشرطة فى الشارع بشكل مكثف أكثر مما كانت عليه قبل 25 يناير".
أى أن الأمن مستتب .. لكن المشكلة فينا نحن الإعلاميين والصحفيين الذين نروج لـ"شائعة" الانفلات الأمنى!!
حسنا يا معالى الوزير .. الاعلام يكذب وهناك تواجد أمنى فى الشارع بشكل مكثف.. فما هو تفسيرك إذن لما حدث فى ميدان التحرير يوم الأحد الماضى، وما هو تفسيرك لعدم وجود شرطى واحد، حتى شرطى مرور، لا فى ميدان التحرير ولا فى الشوارع المحيطة به لساعات طويلة فى ذلك اليوم الأسود؟!
هذا عن "الغياب". أما عن "الحضور" فإن هناك تساؤلات كثيرة للمصريين تبحث عن إجابة من وزير الداخلية ورئيس الحكومة، أهمها عن عودة سياسة حبيب العادلى الباطشة كلما ظهرت قوات الأمن المركزى ( فى المرات المعدودة لظهورهما، وعن عودة سياسة استفزاز مشاعر المواطنين (حتى بالصورة الكاريكاتورية لرجل الشرطة الذى يؤدى رقصة أفضل من فرقة رضا للفنون الشعبية بالسيوف أمام المتظاهرين!)، وعن استمرار رجال حبيب العادلى فى مواقع قيادة وزارة الداخلية رغم اتهامهم بقتل أبنائنا وبناتنا، وعن استمرار التستر على حبيب العادلى وإحاطته بستارة كثيفة من رجال الشرطة لمنع رؤية المصريين له حتى وهو قيد المحاكمة!!
هل هذه كلها فبركة إعلامية يا سيادة الوزير؟!
وهل بمثل هذه التصريحات يمكن استعادة الثقة المفقودة بين المصريين وجهاز الشرطة؟!
***
إن اللواء العيسوى ورجاله يدركون أن الاعتصام والتظاهر ليس هدفاً فى ذاته، بل إن الثورة نفسها ليست هدفاً فى ذاته. والمطلوب لإعادة الاستقرار ليس تعليق كل مظاهر القلق والاحتقان والتوتر على شماعة الثورة والتظاهر والاعتصام، وإنما البحث عن أساس المشاكل التى لا تترك للناس خياراً سوى التمرد.
وجذور المشاكل ليست خافية على أحد .. ابتداء من التلكؤ المريب فى محاكمة حسنى مبارك وزعانف نظامه، ومروراً بالاستهتار بدماء الشهداء والمصابين، ومحاولة الالتفاف حول مطالبها والسطو على الثورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتياح رفح.. هل هي عملية محدودة؟


.. اعتراض القبة الحديدية صواريخ فوق سديروت بغلاف غزة




.. الولايات المتحدة تعزز قواتها البحرية لمواجهة الأخطار المحدقة


.. قوات الاحتلال تدمر منشآت مدنية في عين أيوب قرب راس كركر غرب




.. جون كيربي: نعمل حاليا على مراجعة رد حماس على الصفقة ونناقشه