الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجديد إنتاج السلطة

محمد عادل زكى

2011 / 7 / 7
العولمة وتطورات العالم المعاصر


ما الذى أراده، بالضبط، ثوار 25 يناير؟ وما الذى يريدنه حتى الآن، كُل تلك الإتجاهات والفرق والأحزاب، والجماعات. . . ؟ عدة إجابات من الممكن تقديمها، بل هى فعلاًً التى تُقدَم بمنتهى الوضوح، لكنها، فى معظمها، لا تنتمى سوى إلا إلى عِلم الأخلاق، والمثالية المرهفة الحالمة. فالثوار(محامون، أطباء، مهندسون، قضاة، معلمون، شيوخ، قساوسة، رجال، نساء، شباب، أطفال، إشتراكيون، تروتسكيون، ثوريون، ليبراليون، متأسلمون، جهاديون، عمال، حرفيون، رعاع المدن. . . .إلخ) كلهم فى ميدان التحرير، وجميع ميادين الثورة فى البلاد، لا يريدون سوى مجموعة من المطالب المشروعة جداًً، فهم يطالبون بإحترامهم كمواطنين شرفاء مِن قِبل مؤسسة الشرطة، وأعضاء النيابات، وهم يطالبون بتوفير فرص العمل، ورفع الحد الأدنى للأجور، وهم يطالبون بحياة كريمة، وهم يطالبون بالقضاء على الفساد والتزوير والتربح والإختلاس والرشوة، والمحسوبية، وهم يطالبون بإعمال مبدأ سيادة القانون، مع بسط الرقابة القضائية الحقيقية على أعمال الإدارة، وهم يطالبون فى مرحلة أكثر تقدماًً بالقضاء على العلاقة المشبوهة ما بين رأس المال وبين السلطة، إلى آخر تلك المطالب التى يريد المتظاهرون من خلال تطبيقها إعادة تشكيل الخريطة السياسية، وإعادة توزيع الثروات، وفى المرحلة الأخيرة قرر متظاهروا 25 يناير رفع السقف، تبعاًً للغة السائدة، إلى حد مطالبة مصممة ومستميتة بتنحى رئيس الجمهورية، مع تحميله جميع مآسى الماضى، إختزالاًً للمسألة برمتها، وحينئذ ثمة تناول حماسى جداًً (سطحى جداًً) يتولى تقديم ملخصاًً فى هذا الشأن، هذا التناول إنما يرى الأزمة قد إنفرجت بتنحية الرئيس(إبتهاجاًً بكلمة خلعه)ولا يتبقى الأن أمامنا كمصريين شرفاء إلا تنظيف ميدان التحرير، وعدم مخالفة إشارة المرور، وعدم التحرش بالبنات، والكف عن إعطاء الإكراميات "الرشاوى" والإسراع لمساعدة الجار والمحتاج. . . . . إلخ، الثورة هنا نجحت (فى رأى جُُل ثوار 25 يناير) لأنها أسقطت نظام عميل (إمبريالى) فى رأى، و(طاغوتى) فى رأى آخر. بيد أن هذا التناول جاء دون لمس المشكلة الأساسية التي قادت إلى تفجُّر الثورة ذاتها، وهى مشكلة (النمط الاقتصادى المهيمن) الذى تشكل خلال العقود السابقة، والذى أفضى إلى الإفقار الشامل وإزدياد الجماهير تحت خط الفقر من جهة، والبطالة والجوع والمرض من الجهة الأخرى. إن وضع اليد على المشكلة الرئيسية يجعلنا ندرك بوضوح أين نحن من الثورة كفكرة، وإلى أين نتجه بها، فإن الوعى لازم بأن النظام لم يسقط، فعلياًً، إذ الذى سقط مظاهر وجوده وبعض رموزه، فقط بعض الأسماء وبعض المؤسسات، مع بقاء وجوده الهيكلى على الصعيد الإجتماعى والسياسى، وهو يستمد وجوده الهيكلى هذا من نمط الإنتاج المهيمن والذى نمى النظام فى ركابه، إنه النظام الذى يزيد الأغنياء غناءًً ويزيد الفقراء فقراًً، فالنظام الإقتصادى الذى تحكم فى مُجمل أداء النظام عبر سنوات من قهر الشعب وسحله، لم يزل موجوداًً بوجود شركاته ومشروعاته ومؤسساته وأسهمه وسنداته، ولم تزل مرتزقة النظام تتمتع بكامل وجودها الإجتماعى والسياسى!! إن (التوقف) عند خلع رئيس الدولة، ووزارته الفاسدة، إنما هو (سقوط) للثورة ليس النظام، فإن طريق الثورة لم يزل طويلاًً، فالثورة الحقيقية ليست ضد نظام حكم فاسد، وإنما هى ضد النظام الإقتصادى المهيمن والذى يتحكم فى هذا النظام الفاسد، إنه النظام المقدِِس لرأس المال، والساجد للسوق الواحد الأحد. وإن هذا التحديد للعدو إنما يُمثل لحظة تنبيه فى تاريخنا الثورى الواعى بأن الثورة الحقيقية لا تؤدى مطلقاًً إلى إعادة إنتاج السلطة، وإنما تقود نحو مشروع حضارى لمستقبل آمن لا ترسم محدداته وملامحه النُُخب الإنتهازية وبرلمانات الذهب والدم، وسلطة القمع. وإنما الجماهير الغفيرة التى كادت أن تزحف على بطنها من الجوع والفقر والمرض. وإن هذا التحديد كذلك إنما يحذرنا بإستمرار من هؤلاء الإنتهازيين الحالمين بركوب الثورة وتوجيها إلى حيث يريدون. إنه التحديد الذى يعلنها ثورة لا هوادة فيها ضد نظام إسترق أرواحنا على ظهر كوكب ينتحر بعد أن قاد المخبولون العميان.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله يهدد باستهداف مواقع جديدة داخل إسرائيل ردا على مقتل


.. المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي يبحث اليوم رد حماس بشأن الت




.. مصادر فلسطينية: ارتفاع عدد القتلى في غزة إلى 38011 | #رادار


.. الناخبون البريطانيون يواصلون الإدلاء بأصواتهم لاختيار الحكوم




.. فرنسا.. استمرار الحملات الانتخابية للجولة الثانية للانتخابات