الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة ثورة ، أو شارع ثائر يصغي له المجلس الأعلى والحكومة الانتقالية

مجدي مهني أمين

2011 / 7 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


كانت الجماهير تنتظر جمعة الغضب الثانية في 8 يوليو، كي تعبر الجماهير عن رفضها للعديد من القرارات والإجراءات التي يتخذها (أو لا يتخذها) المجلس الأعلى بالطريقة التي تؤثر سلبا في أهداف الثورة ، وإذ بالجماهير تسبق هذه الجمعة بالعديد من التظاهرات، ولم تتردد الشرطة في مهاجمة المتظاهرين في مسرح البالون، والتحرير، بالقنابل المسيلة للدموع وقطع الرخام، في تعاون تام بين الشرطة والبلطجية ، أي أن الأمن هو هو ، وغضب الجماهير كما هو ، وكأننا نعود للمربع الأول.

نعم لقد قامت الثورة وتولى الجيش حمايتها، وأوضح اللواء حجازي في لقاء الخميس قبيل ثورة الغضب (الجمعة 27 مايو 2011)، في اللقاء مع برنامج "بكرة أحلى" (راجع الرابط الأول):
- كانت الثورة بلا قائد.

وهنا تولى المجلس الأعلى المسئولية ،
نعم الدرع قائم ، ولكن أين الثوار؟
أين الثوار وفلول النظام السابق تقود باقتدار ثورتها المضادة؟
أين الثوار وبعض رموز النظام السابق لا تزال تحتل مراكزها في أجهزة الدولة؟
أين الثوار وقتلة الشهداء لا يزالوا في مناصبهم ، بعضهم يحاكم في الصباح ويعود في المساء لممارسة دوره، يأمر وينهي ويساوم الشهود وأسر الشهداء على دم أبنائهم بمبالغ ستدفع من خزانة الدولة؟
أين الثوار ومحاكمات القتلة تسير ببطء، والعديد من القتلة أحرار طلقاء؟
أين الثوار وتيار ديني نشط يحتل الساحة السياسية، ويقود الثورة والبلاد لدولة دينية (اسمها الحركي دولة مدنية بمرجعية دينية)، تيار نشط منظم ، لديه تمويله وموارده القوية، فارضا سطوته على الشارع ، أسس ثلاثة أحزاب حتى الآن، واعدا بالحصول على أكثر من نصف مقاعد البرلمان القادم، كما أصبح له من يمثله في انتخابات الرئاسة القادمة؟

نعم لقد نجحت الثورة عندما قام الشباب في يوم الشرطة في 25 يناير بثورتهم ، ليحولوا هذا اليوم من رمز للقهر والمهانة، إلى يوم عزة وكرامة وفتح جديد في تاريخ مصر نحو العدالة والحرية، نعم نجحت الثورة عندما قام الجيش بحمايتها، معبرا عما قاله اللواء العصار:
- لقد استقبل الشعب الجيش يوم نزل الشارع يوم 28 يناير بالترحاب، ولم نتعرض لأحد من منطلق ان الدستور بيقول ان القوات المسلحة ملك الشعب المصري، واحنا اتصرفنا على هذا الأساس، إحنا مِلك الشعب."

ولأن "الثورة كانت بلا قائد"، فقد تساءل د.عمرو خالد في اللقاء سابق الذكرعمن يمثل الثوار الآن، والجواب : لا أحد؛ فقد تولي المجلس القيادة، وبقى الثوار في الشارع، ومنع المجلس التظاهرات، وتعامل بشدة مع المتظاهرين، فكان الاعتقال والتعذيب، والكشف عن عذرية المتظاهرات، والمحاكمات العسكرية ، والضيق بالنقد واعتبار التعرض للمجلس خط أحمر.

.. خط أحمر مرة أخرى!

لعلها كانت كلمة تنكأ الجراح ، فوقعها يذكر الناس بالنظام السابق الذي وضع العديد من الخطوط الحمراء كي يرتكب خلف هذه الخطوط (الحمراء) الكثير من الفظائع، وكي يحضّر لثوريث يأخذ مصر خلف أي عصر من عصور الحرية.
وبالطبع لم يتراجع العديد من الشرفاء في النقد أو تقديم النصيحة على أقل تقدير ، فالمجلس يلعب دورا سياسيا ، وهنا كان النقد ضرورة وطنية ، مهما كان الثمن.
في الواقع كان الأفضل ان يستمر الثوار في قيادة ثورتهم حتى تحقق أهدافها، بدلا مما نعيشه الآن من أضطراب وشد وجذر، لقد دخل الجيش طرفا، وتولى المجلس المسئولية وغاب الثوار ، وحضر السياسيون والأمن وفلول النظام السابق كي يملأوا فراغ تغيب الثوار عن الساحة.
كان يمكن لحكومة د. عصام شرف أن تكون حكومة انتقالية ممثلة للثوار، لقد جاء الدكتور شرف لميدان التحرير ليستمد من الميدان شرعيته الثورية ، ولكن نقص أن يخرج الدكتور من الميدان بكافة الثوار القادرين معه على تكوين الحكومة الانتقالية، وكي تكون هذه الحكومة ممثلة للثوار، تدير معه كافة شئون البلاد وأن تكون معه في حوار مع المجلس في بناء هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ البلاد.
وقتها كنا سنتذوق طعم الثورة في الإعلام والصحافة وكافة المرافق، في العمل على رفع الحد الأدنى وتحديد الحد الأقصى للأجور، في تحرير كافة المرافق الحيوية من فلول النظام السابق، في تقديم كافة المجرمين والفاسدين وقتلة الثوار للعدالة، في حماية حقوق الشهداء ، في تخليد الشهيد خالد سعيد مفجر الثورة الأول، بدلا من طول انتظار النطق بالحكم في قضيته العادلة. كنا سنرى "محاكم ثورة" للجناة والفاسدين دون "المحاكم العسكرية" التي تقام للثوار أنفسهم. كنا سننعم بإيقاع يتناسب وحجم الثورة ، وانجازات تتناسب مع طموحاتها وتضحياتها.

ولكن كيف يمكن لحكومة الدكتور شرف أن تقود ومعها العديد من فلول ورموز النظام السابق، الثورة كانت في حاجة إلى القيام بعملية تطهير كامل لكافة أجهزة الدولة، وملء الفراغ بالثوار. كافة الأجهزة في حاجة للتطهير؛ التطهير بالاستبعاد، والتطهير بإحلال الثوار صنو الشهداء الأطهار.
التطهير لكافة الأجهزة، وعلى رأسها جهاز الشرطة من كافة مسئوليه من قادوا هجوما شرسا على المتظاهرين في مسرح البالون والتحرير، وضللوا وزير الداخلية، ولم ينفذوا تعليماته، واستمروا يضربون المتظاهرين ويقذونهم بالقنابل المسيلة للدموع وقطع الرخام، يعاونهم البلطجية، يومي 27 و28 يونيو الماضي، فالأمن له ثأر مع الشعب، الأمن يرغب بشدة في العودة لدوره في التعامل المجحف مع المواطن، ولدوره المتسلط على كافة أجهزة الدولة، ويرغب في الهروب من كافة جرائمه التي ارتكبها مع المواطنين خلال الثورة وقبل الثورة.
تطهير هذا الجهاز ضرورة ومكسب وطني، بل هو المكسب الأساسي للثورة الذي يجب أن نسعى قدما كي يتحقق بالكامل، ضرورة لا تحتمل الانتظار، ضرورة كي يتولى الشرفاء من رجال الشرطة مسئولية هذا الجهاز وكي يستبعد منه من اساءوا للشعب وقتلوا الثوار.
لو تم التطهير لجهاز الأمن، وتم بدقة تحديد صلاحياته في عدم تمدده لإدارة باقي أجهزة الدولة ، سنضمن محاكمة عادلة لكافة الجناة، وسنضمن علانية وشفافية المحاكمات، وسنضمن انسحاب البلطجية من الميدان السياسي، وسنضمن انتخابات حرة نزيهة، لا شك أننا جميعا نرغب في عودة جهاز الأمن لدورة الوطني، ولكننا نريد أمنا جديدا، بروح جديدة ، نريد أمنا يرد الهيبة للقانون، ويحفظ هيبة وكرامة المواطن.
إن ما يضمن لثورتنا النجاح المنشود هو أن يعمل المجلس بكافة امكاناته في تطهير كافة أجهزة الدولة من بقايا النظام السابق، وفي أن يتبوأ الثوار دورهم في قيادة المرحلة القادمة، أما إن بقى الثوار في الشارع فعلى المجلس والحكومة أن تصغي لمطالبهم في ميدان التحرير وكافة ميادين المحروسة، اليوم وغدا وبعد غد حتى تتحقق كافة أهداف الثورة وإلا تضيع مكاسب الثورة في أروقة السياسة، أو بمؤامرات فلول النظام السابق، أو تحت وطأة الأمن الراغب في الثأر من الثورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة