الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اساطير الاعمار والتنمية

حافظ آل بشارة

2011 / 7 / 7
مواضيع وابحاث سياسية



دائما نسمع اصواتا في الاعلام تنتقد ظاهرة اهمال الاعمار والاستثمار ، بعض الناقدين هم ممن تعلموا على العمولات لكنهم يتحدثون بلغة اصحاب القضية ، وعندما ارادت الحكومة ان تدفع عن نفسها تهمة اهمال الاعمار سارعت فورا الى استدعاء مستثمرين اجانب لتستعرضهم امام الكاميرات سودا وبيضا وبعضهم عيونه بالطول والآخر بالعرض ومن بلدان لا يعرفها الا ابن بطوطة ، يعتقدون ان الاعمار يجب ان يكون على هذه الشاكلة ، لكن مفكري هذا البلد الذين لا كرسي لهم في الحكومة ولا في البرلمان ولا في الاحزاب يعتقدون ان العراق مهدم بشريا وعمرانيا ويحتاج الى تنمية شاملة ، الاعمار جزء واحد من التنمية ، التنمية مفهوم واسع يضم الاعمار وغيره ، التنمية عملية اصلاحية متعددة الاغراض منتظمة ومتوالية زمنيا فهي ارتقاء حضاري ، سميت تنمية لانها تضم اصلاحات مادية ومعنوية وانسانية وعمرانية ، المشكلة لاتحل بتوقيع عقود مع شركات اجنبية ، فالشركات تقوم بالعملية الاسهل من التنمية ، فقد تبني مصانع ومعامل وطرق وجسورا ومجمعات سكنية لكنها في النهاية تسلمها الى المجتمع الذي يجب ان يتحمل التشغيل والادارة والصيانة . لا بد من الأيمان بأن البناء المادي المتطور الصناعي والعمراني هو نتيجة حسية لتراكم معنوي استغرق اجيالا ، فتراكم التطور المعنوي ينتج تطورا ماديا ، هناك دولة وشعب ورؤية كونية وعقيدة ونظام تعليم وخبرات علمية وعلاقات اجتماعية وتشريعات ونظام تنفيذي وحريات وحقوق انسانية واطار اخلاقي ، وسلطة معنوية لمفهوم الوطن الواحد تغلب على اي انتماء ثانوي وثقة قوية بين المكونات ، وثقة بالنفس وعدم الشعور بالانسحاق امام الاجانب ، هذه الخلطة الكثيفة من المفاهيم التي تدخل في تربية الانسان تجعل المجتمع ينمو معنويا بالاتجاه الصحيح فيكون التطور المادي تحصيل حاصل لهذا الارتقاء الحضاري المنظم ، نحن الآن نشتغل بالمقلوب نريد ان نقوم بالاعمار المادي بدون تنمية شاملة ، اي اعمار الجدران واهمال الانسان ، وكان المطلوب من الحكومة ان تستغل الدعم العالمي والاقليمي لها وتستغل الخطوات التي تحققت في طريق الديمقراطية وان كانت بسيطة للشروع ببرنامج تنمية شاملة لترسيخ القيم المذكورة ، ربما ننجح بسبب الاموال النفطية الهائلة في بناء العراق عمرانيا وصناعيا ولكن هذا البناء سوف يتم تسليمه الى مجتمع مهدم لا يحسن استخدامه ولا يحسن تشغيله او استثماره ، عندها سيمارس الناس عملية تحطيم هذه البنية المتطورة بشكل تدريجي ، هذا بلد يفتقد كثيرا من عناصر البنية الانسانية ، بناء الانسان لا يتم عبر شركات اجنبية بل هي مهمة الاسرة والمدرسة والمسجد واجهزة المرجعية ومنظمات المجتمع المدني ، من جديد نسأل اين دوائر الاععمار الثقافي للمجتمع مثل وزارة الثقافة ، شبكة الاعلام العراقية ، ماذا قدما حتى الآن ؟ هل توجد في اوراق الحكومة عبارة (التنمية الثقافية)؟ الله اعلم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة ترفع شعار -الخلافة هي الحل- تثير مخاوف عرب ومسلمين في


.. جامعة كولومبيا: عبر النوافذ والأبواب الخلفية.. شرطة نيوريورك




.. تصريحات لإرضاء المتطرفين في الحكومة للبقاء في السلطة؟.. ماذا


.. هل أصبح نتنياهو عبئا على واشنطن؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. طبيبة أردنية أشرفت على مئات عمليات الولادة في غزة خلال الحرب