الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المخرج لحل أزمة الدستور والانتخابات

اسلام احمد

2011 / 7 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


بات من الواضح أن الثورة تمر الآن بأخطر مرحلة في مسيرتها اذ ثمة حالة من الاستقطاب السياسي على الساحة غير مسبوقة , ومن ناحية أخرى فان قطاعات عريضة من المصريين قد بدأت تشعر بالسأم والضجر مما يجرى بل وبدأ اليأس يدب الى معظمها في ظل الانفلات الأمني وانهيار الاقتصاد فسمعنا كلاما عن فشل الثورة كما لمسنا تعاطفا من جانب الكثيرين مع المجلس العسكري والحكومة تمثل في مطالبات بوقف المظاهرات المليونية لما تسببه من زعزعة الأمن وترك المجلس العسكري والحكومة يباشران مهامهما وذلك بعد أن تم تصوير المشكلة من قبل الإعلام الحكومي على أنها تكمن في شباب الثورة الفوضويين!

ورغم ذلك فلا أستطيع ان ألوم البسطاء من الناس على موقفهم هذا بل على العكس فمعهم كل الحق وانما يقع اللوم على المجلس الأعلى للقوات المسلحة في المقام الأول , وعلى القوى السياسية في المقام الثاني ذلك أن المجلس العسكري في تقديري قد تسبب بسوء إدارته للمرحلة الانتقالية في حالة الاحتقان السياسي الراهن اذ فضلا عن المماطلة في محاكمة رموز النظام السابق وعلى رأسهم مبارك وحبيب العالي فانه ارتكب جملة من الأخطاء بدأت حين قام بإدارة المرحلة الانتقالية بشكل منفرد تماما دون الرجوع الى أهل الرأي ققام بتشكيل لجنة برئاسة المستشار طارق البشري لتعديل بعض مواد دستور 1971 الساقط , وذلك دون أن يكون معروفا ما هي المعايير التي تم على أساسها اختيار أعضاء اللجنة؟! , بينما كان من الصحيح أن يقوم بتشكيل لجنة تأسيسية تقوم بعمل دستور جديد للبلاد كما طالبنا منذ البداية بدلا من ترقيع الدستور القديم الذى سقطت شرعيته بقيام ثورة 25 يناير! , ثم قام المجلس الأعلى بعد انتهاء اللجنة من صياغة التعديلات بجرنا الى استفتاء شعبي حولها وأخيرا قام بإصدار إعلان دستوري ينظم إدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية , فوجئنا بأنه أغفل الكثير من التعديلات الدستورية التى تم الاستفتاء عليها! , ومن غير المعروف أيضا ولا المفهوم لماذا قام المجلس العسكري بعمل استفتاء شعبي على التعديلات الدستورية ولم يقم بعمل استفتاء على الإعلان الدستوري في صورته النهائية؟! مع أن الأولى أن يكون الاستفتاء على الإعلان الدستوري!

ومن هنا نشأ الخلاف بين القوى السياسية بداية حول الاستفتاء على التعديلات الدستورية فانشق الصف الوطني الى فريقين , الأول أنصار نعم وهم في الغالب الإسلاميون وعامة الناس , والفريق الثاني أنصار لا وهم بقية القوى السياسية لتشهد الساحة معركة شرسة جرى توظيف الدين فيها بشكل حقير من جانب الإسلاميين بغية خداع وتضليل الناس للتصويت بنعم! , ثم تعمق الخلاف بشكل أكبر بعد صدور الإعلان الدستوري اذ تبين أن وضع الدستور من خلال البرلمان غير قانوني ولا دستوري (وفق حكم للمحكمة الدستورية العليا في القضية ٣١ لسنة ٥١ قضائية) , ومن ثم طالبت القوى السياسية بأن يتم تعديل المادة 60 من الاعلان الدستوري ليتم وضع الدستور أولا قبل إجراء الانتخابات مع تأجيلها , الأمر الذى اعترضت عليه التيارات الإسلامية بشدة وعلى رأسها جماعة الاخوان المسلمين بدعوى الالتفاف على نتيجة الاستفتاء أي الالتفاف على الشرعية! , غير أن هؤلاء تناسوا أن شرعية الاستفتاء قد سقطت بصدور الإعلان الدستوري الذي أغفل الكثير من المواد التى تم الاستفتاء عليها بما يعني أن شرعية الإعلان الدستوري مستمدة من صدوره عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة وليس من الاستفتاء , والحاصل أن معركة نعم ولا قد تحولت بذلك الى معركة أخرى أكثر شراسة هي الدستور أولا أم الانتخابات أولا!, في سياق كهذا فقد كان من الطبيعي أن تفقد الثورة شعبيتها لدى الناس وأن تجد قوى الثورة المضادة مساحة تتحرك فيها للالتفاف على الثورة ومن ثم إجهاضها وقد بدا هذا واضحا في أحداث مسرح البالون وميدان التحرير الأخيرة

غير أننى ازعم أن احداث مسرح البالون وما شهدته من مصادمات بين الأمن المركزي والبلطجية من جهة وبين شباب الثورة وأهالي الشهداء من جهة أخرى رغم مأساويتها فإنها انطوت على خير كثير إذ مثلت صحوة للقوى السياسية المتنازعة على الساحة لتستيقظ من غفوتها وتنتبه الى خطورة الاستقطاب السياسي الراهن الذى قد يؤدي الى سرقة الثورة , ومن ثم فقد تخلى العديد من القوي السياسية عن مطلب الدستور أولا وعاد التركيز مرة أخرى على المطالب الأساسية للثورة المتمثلة في تطهير البلاد من الفساد والاستبداد تمهيدا لبناء نظام سياسي جديد قائم على الحرية والعدالة الاجتماعية , ومن هنا فقد جاء شعار (الثورة أولا) الذى رفعه ائتلاف شباب الثورة لجمعة 8 يوليو عبقريا ومعبرا الى حد كبير عن تغيير جذري

بيد أن البعض ما زال يصر على خوض معركة الدستور أولا ام الانتخابات أولا , ولأنني اعتقد جازما أن من شأن استمرار هذا الجدل أن يؤدي الى اجهاض الثورة فلا مناص من بحث مخرج لتلك الأزمة العقيمة , وفي تقديري أن ثمة حلولا لها تتمثل فيما يلي :

1_ اقترحت الجمعية الوطنية للتغيير التقدم بطلب فتوى من الجمعية العمومية للفتوى والتشريع بمجلس الدولة حول الخلاف المحتدم بين القوى السياسية حول الدستور أولا أم الانتخابات أولا , وهي جهة مختصة بإبداء الرأى فى المسائل الدولية والدستورية والتشريعية التى تحال إليها بسبب أهميتها من رئيس الجمهورية أو من رئيس الهيئة التشريعية أو من رئيس مجلس الوزراء أو من أحد الوزراء أو من رئيس مجلس الدولة , ولقد قامت الجمعية بالفعل بتقديم الاقتراح الى رئيس الوزراء , وهو حل ان تم فربما يشكل مخرجا قانونيا للأزمة يتعين على الجميع قبوله

2_اذا سلمنا بأن مكمن الخلاف ليس في موضوع الدستور وانما في الانتخابات اذ تتمسك جماعة الاخوان باجراء الانتخابات اولا في سبتمبر المقبل , كونها الجهة الوحيدة المنظمة والجاهزة تماما لخوضها , على عكس القوى السياسية الأخرى خاصة الأحزاب الجديدة التى أفرزتها الثورة , فان ثمة حل عبقري اقترحه بعض المحللين مثل الدكتور نادر الفرجاني يتمثل في الاتفاق على أن يتم وضع الدستور أولا سواء بتعديل المادة 60 من الاعلان الدستوري ليتم تشكيل جمعية تأسيسية تقوم بوضع الدستور الجديد خلال ثلاثة شهور أو بأن يتم صدور مادة أخرى تنص على ذلك , مع الالتزام بالمسار الزمني المحدد للانتخابات بحيث تجرى مع نهاية العام الجاري , وهنا قد يتساءل البعض هل يمكن عمل دستور خلال ثلاثة أشهر فقط؟! , والجواب كما أخبرني صديق يعمل مستشار بمجلس الدولة أنه من الممكن جدا صياغة دستور جديد خلال عدة أشهر اذ ثمة مواد أساسية متفق عليها الخاصة بمدنية الدولة وشكل النظام السياسي والحريات المدنية الخ والبقية تأتي تباعا

3_الاتفاق بين كل القوى السياسية على مبادئ عامة فوق دستورية حاكمة للدستور يتعين على اللجنة التى ستضع الدستور المقبل الالتزام بها بحيث تضمن مدنية الدولة وفي نفس الوقت عدم المساس بالمادة الثانية من الدستور

4_أن يتم الاتفاق بين القوى السياسية على المعايير التى سيتم على أساسها تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد بحيث تضمن تمثيل كل القوى السياسية الفاعلة على الساحة

5_وياحبذا كما يقول الدكتور حسن نافعة لو تم الاتفاق بين القوى السياسية على تشكيل لجنة لإعداد مشروع قانون متكامل لانتخابات مجلس الشعب مع التنسيق في خوض تلك الانتخابات والسعى لأن يكون المجلس الجديد متوازناً قدر الإمكان فى تمثيل مختلف القوى، بما فى ذلك القوى الجديدة التى أفرزتها الثورة

6_ في ظل ضبابية كثير من الأمور وغياب جدول زمني للانتخابات الرئاسية فانه يتعين أيضا على القوى السياسية الاتفاق فيما بينها على مواعيد محددة للانتخابات البرلمانية والرئاسية

وبعيدا عن موضوع الدستور ومنعا لسرقة الثورة ادعو الجميع غدا وخاصة جماعة الاخوان المسلمين للمشاركة في المظاهرة المليونية , 8 يوليو , للمطالبة بتنفيذ مطالب الثورة الأساسية وهي باختصار كما جاءت في بيان ائتلاف شباب الثورة , نريد تغيير , حرية , عدالة اجتماعية , أمن حقيقي مع اعادة هيكلة وزارة الداخلية ومحاسبة المتورطين في قتل المتظاهرين

امل أن تمثل جمعة 8 يوليو بداية صفحة جديدة بين القوى السياسية نستعيد فيها روح الثورة التى كادت أن تضيع









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يكون قانون -الحريديم- في إسرائيل سببا في إنهاء الحرب؟ | ا


.. فيليب عرقتنجي ولينا أبيض: رحلة في ذكريات الحرب وأحلام الطفول




.. مصر: مشروع قانون الأحوال الشخصية.. الكلمة الأخيرة للمؤسسات ا


.. هآرتس: استعداد إسرائيل لحرب مع حزب الله بالون أكاذيب




.. إسرائيل تؤكد على خيار المواجهة مع حزب الله وواشنطن ترى أن ال