الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشروع الفلسطيني بعد غياب عرفات

محمود زعرور

2004 / 11 / 16
القضية الفلسطينية


عند الحديث عن المشروع الفلسطيني الذي تمثل بدور منظمة التحرير الفلسطينية في التمسك بأهداف الشعب الفلسطيني في الحرية والإستقلال وتحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة ، ثمة ما يشبه الإجماع بأن هذا المشروع ارتبط على نحو وثيق بشخصية ياسر عرفات ، الرئيس الفلسطيني الراحل ، والرمز الأكثر تعبيرآ عن القضية الفلسطينية ، ونضال الشعب الفلسطيني في السعي نحو تحقيق أهدافه ، في ظل أوضاع فلسطينية وإقليمية ودولية بالغة التعقيد . وأعتقد أن في صلب المشروع الفلسطيني الساعي لتحقيق الدولة الفلسطينية يكمن مبدأ من أهم المبادئ التي عمل من أجلها ياسر عرفات وهو القرار الفلسطيني المستقل .هناك تجسيدات عملية لهذا التوجه نحو امتلاك القرار الفلسطيني تمثلت بمحطات فارقة ، وعلى مراحل ، ففي مؤتمر القمة العربية المنعقد في المغرب ( الرباط - 1973 ) استطاع ياسر عرفات انتزاع قرار من القمة تمثل باعتبار منظمة التحرير ممثلا شرعيآ وحيدآ للشعب الفلسطيني . وفي تداعيات الحرب الأهلية اللبنانية ( 1975 ) ، والاجتياح الأسرائيلي للجنوب اللبناني ( 1978 ) ثم الاجتياح الإسرائيلي الشامل على لبنان وحصار بيروت ( 1982 ) ، ومغادرة الفلسطينيين على إثره إلى تونس ، وكذلك الصدام مع سورية ( 1983 ) في مخيمات البداوي في مدينة طرابلس بشمال لبنان ، أدرك ياسر عرفات أن عليه تعميق التوجه الإستقلالي ، وذلك بتخليص منظمة التحرير والقضية الفلسطينية عمومآ من محاولات الهيمنة أو الوصاية أوالإحتواء من قبل الدول العربية ، وساعده في ذلك اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام ( 1987 ) ، ليحث المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في الجزائرعام ( 1988 ) على إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة ، وتلا ذلك الاعتراف بالقرار 242 كأساس لحل الصراع ودعوة اسحق رابين ، رئيس الوزراء الإسرائيلي أنذاك من أجل مفاوضات السلام ، وأيضا إعلانه في فرنسا ( 1989 ) بأن الميثاق الوطني الفلسطيني الذي يعتبر الكفاح المسلح الطريق الوحيد لتحرير كامل التراب الفلسطيني باطل وملغى . إن ما أقره عرفات من قرارات ، خاصة القرارات المتعلقة بمبدأ 242 ، وبنبذ العنف ، وبانتهاج السبيل السلمي لتحقيق الدولة الفلسطينية ، ستعززه وتؤكده أحداث ووقائع مختلفة ، أهمها سقوط الاتحاد السوفييتي الذي كان داعمآ أساسيآ للقضية الفلسطينية ، وعبر حمايته للتوازن الدولي ، وكذلك ، وهذا هو الأهم ، إدراك الفلسطينيين للوضع الرسمي العربي الذي اتصف بالضعف من جهة ، وبمحاولات الوصاية أو الهيمنة على القضية الفلسطينية من جهة ثانية ، مما سيبقيها ورقة من أوراق الضغط أوالتفاوض بيد هذه الدولة العربية أو تلك . وعلى هذا الأساس كانت مشاركة الوفد الفلسطيني في مباحثات مؤتمر مدريد للسلام ضمن الوفد الأردني كصورة شكلية ، تغطي المباحثات الآهم التي كانت تجري سرآ في أوسلو والتي أفضت إلى توقيع اتفاقية الحكم الذاتي في غزة وأريحا ، في واشنطن عام ( 1993 ) ، ثم إلى توقيع اتفاق تمثل بإضافة الضفة الغربية إلى الحكم الذاتي ، في واشنطن عام ( 1995 ) ، وصولا إلى مفاوضات الحل النهائي مع ايهود باراك برعاية الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون ، في كامب ديفيد في عام ( 2000) ، والتي اصطدمت بمسألتي السيادة على مدينة القدس ، واللاجئين ، لتتلاحق الأحداث المعروفة من تولي حكومة شارون اليمينية المتشددة السلطة في اسرائيل ، وبدء حصار عرفات في مقر المقاطعة بمدينة رام الله ، واستحداث منصب رئيس الوزراء في السلطة الفلسطينية وتولي محمود عباس ( أبو مازن ) لهذا المنصب ، ليكون هذا التغيير جزءآ من حركة مطالب واسعة ، فلسطينية بالأساس ، تمحورت حول الأصلاحات بشكل شامل ، والتي سرعان ما استغلها الاسرائيليون والأمريكيون في محاولات فرض إملاءات قاسية .
إن إمساك ياسر عرفات بالمشروع الفلسطيني ، وحلم تحقيق الدولة ، دفعه على الدوام ، في ظل اختلال موازين القوى ، إلى سد أي ذريعة ممكنة قد يتذرع بها الطرف الاسرائيلي ، وعلى هذا الأساس ، تمت الموافقة على مشروع خارطة الطريق في ظل رئاسة محمود عباس للوزارة( 2003 )،التي جوبهت بتحفظات شارون المتوقعة ، كما قام ياسر عرفات بأرسال من يمثله إلى حفل توقيع اتفاقية وثيقة جينيف غير الرسمية التي إعدها كل من ياسر عبد ربه عضو اللجنة التنفيذية ووزير الإعلام الأسبق ويوسي بيلين وزير العدل الاسرائيلي السابق ، وهي الوثيقة التي رفضها شارون أيضآ رغم الترحيب الامريكي والاوربي بها .
لقد وصل المشروع الفلسطيني ، برحيل عرفات من جهة ، وبتزايد الضغوط الاسرائيلية المتمثلة بالاحتلال وبناء الجدار وبخطة شارون في الانسحاب من غزة كفك ارتباط أحادي وغير متعلق بخارطة الطريق في ظل دعم أمريكي شامل من جهة ثانية .
وفي خطوة لافتة ، فرض الفلسطينيون احترام العالم لهم ، عبر الانتقال السلمي والديمقراطي والمؤسساتي لسلطات الرئيس الراحل عرفات ، فتولى روحي فتوح رئاسة السلطة لمدة ستين يومآ حسب القانون الأساسي الذي ينص على تولي رئيس المجلس التشريعي منصب الرئاسة لمدة ستين يومآ في حال فراغ المنصب ، وكذلك انتخبت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير محمود عباس ( أبو مازن ) رئيسآ لها ، وتم أيضآ تولي احمد قريع ( أبوعلاء ) رئيس الوزراء منصب رئيس مجلس الأمن القومي ، في حين كانت رئاسة حركة فتح لفاروق القدومي .وتبقى الانتخابات الرئاسية والتشريعية الخطوة الأهم ، لكنها تتطلب ظروفآ مغايرة لتلك الظروف الراهنة ، والمتمثلة بدوام الضغوط الاسرائيلية من احتلال وإغلاق وغير ذلك .
إن حلم الدولة الفلسطينية الذي عاش من أجله ياسر عرفات وسيتابعه رفاقه من بعده ، مرهون باستعداد الطرف الاسرائيلي لتقديم تنازلات مهمة ، لكن كل الدلائل تشير حتى الأن أن حكومة أرئيل شارون اليمينية المتشددة والمدعومة من الإدارة الأمريكية ، تقرأ جيدآ موازين القوى ، بدلا من إصغائها لنداءات السلام .
لقد احتضنت فرنسا الأيام الأخيرة لعرفات ، وأعدت له مراسم تشييع كرئيس دولة بارز ، وأعلن الاتحاد الأوربي على لسان خافييه سولانا مفوض السياسة الخارجية بأن إقامة الدولة الفلسطينية أفضل تخليد لعرفات ، فهل يكون لفرنسا ، والاتحاد الاوربي دورآ في تغيير الواقع ؟
لقد توفر لعرفات وجود شريك سلام هو اسحق رابين كان يجله ويدعوه ب( شريكي في سلام الشجعان ) فمن هو الشريك الاسرائيلي للرئيس الفلسطيني الذي سينتخب في كانون الثاني مطلع العام المقبل؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. مصادرنا: استهداف مسيرة إسرائيلية لسيارة في بنت جبيل جنوبي لب




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. مصادر عربية متفائلة بمحادثات القاهرة.. وتل أبيب تقول إنها لم




.. بروفايل | وفاة الداعية والمفكر والسياسي السوري عصام العطار