الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الذي يغتال اعيادنا ؟

جاسم المعموري

2004 / 11 / 16
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


هاهو العيد ياتي مرة اخرى , وها انا ذا في خيمة أ ُجبرتْ ان تكون وطني وأ ُجبرتُ ان اعيش فيها, وكأن كلا منا قد خلق للصحراء لتاكل رياحها المحملة بالرمال والنبال جسمي كما تاكل قماش خيمتي , ولتحرق الشمس ماء عيني كما تحرق كل الاماني بالمطر , وحين يغلب الوهمُ
واقعي المر الرهيب, فتبدو الخيمة بيتا على ضفاف الفرات يدخل اليه العيدُ محملا بالامنيات
الجميلة والهدايا المفرحة لقلوب اليتامى , تمتد يدي لتمسح على تلك الرؤوس المحرومة من
لمسات الحنان الابوي , فأكسب بكل شعرة تمسها يدي الاف الحسنات كما قال الرسول الرحيم صلى الله عليه واله , ثم يصرعُ الواقعُ الوهمَ لأجد يدي ممتدة في فراغ الخيمة المدوي والمنتشر
بين أروقتها , وفي أنين صمتها الحاد وصفير رياحها المرعب , فيما يتصبب العرقُ من جبين حار يخفي وراءه قنبلة يقترب ميعاد انفجارها شيئا فشيئا لتحطم كل شيء وهي تنتحر دون ان
يسمعها أحد سواها , ثم ارى جسدي وقد انتصب قائما دون ان ادري ان عقلي المثقل بالهموم قد اوعز لساقين دقيقتين كانهما رمحين لشدة الهزال بأن ينهضاني ويحملاني , فارى نفسي خارج الخيمة قرب حدود المخيم , وروح مشتاقة لا سلطان لي عليها تهفو نحو الحدود , وتطير الى الفرات ضمانة موجوعة ولطالما ضربتها سياط الشوق والحنين في معتقلات الفراق والغربة
فاقول واضعا يديّ على الاسلاك الشائكة المحيطة بالمخيم , سأظل عطشانا الى وطني مهما شربت من الاوطان الغريبة.. ويح هذا الزمن الرديء ما اتعسه ما اتفهه ما اوسخه , ما اتفه الايام بعيدا عنك ياوطني , ما تعس الاعياد ما اوسخ الناس بعيدا عن اهلك وطني .. حينما تسافر روحي بين نخيلك ايها الوطن وتمر على اهوارك وانهارك وجبالك وسهولك لتعيد هويتها
وتطهر ذاتها وتشحذ عزيمتها وتقوي ارادتها , تعود مجبرة الى جسد لطالما تركته وحيدا
حتى كاد ان يختفي من الكون تماما لشدة شحوبه ونحوله ودقته, كما لو انه لم يكن من قبل شيئا قط , فلا هي قادرة على ان تاخذه معها , ولا هو قادر على ان يرافقها وكأن الحياة وهم كبير
وخدعة لا مثيل لها .
كم من الدموع تجري فيك - الان - ياوطني .. كم من الدماء .. كم من ارواح تغادر
اجسادها قتلا وجوعا ومرضا وشوقا .. وكم من يتيم ويتيمة تلعن هذا الزمن الاغبر وأخلاقه
ورجاله ودوله واعياده وافراحه .. ان العيد يقف على ابوابك ياوطني ممنوعا من الدخول
وهو ينتظر منذ اربعين سنة مضت على الحدود وما زال جواز سفره بيد المخابرات العراقية
العفلقية البعثية الشوفينية الارهابية الامريكية الصهيونية الوهابية تدرسه وتتفحص فيه لتحوله
الى شعبتها الشهيرة شعبة الاغتيالات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا