الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفجير انبوب غاز ام تفجير لتطبيع مرفوض شعبيا؟

محمود عبد الرحيم

2011 / 7 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


تفجير أنبوب غاز أم تفجير لتطبيع مرفوض شعبياً ؟

محمود عبد الرحيم
تفجير أنبوب الغاز المصري الممتد للكيان الصهيوني للمرة الثالثة خلال أشهر معدودة رسالة قوية لها مغزاها على أكثر من مستوى، باتجاه الداخل والخارج.

ولا يبدو مقبولاً توصيف من قاموا بهذا الفعل الشجاع بـ"المخربين" سيراً على نهج التوصيفات الصهيونية؛ لأنه يجيء، بلا أدنى شك، في سياق الحالة الثورية المصرية، ومحاولة محو آثار العدوان الذي اقترفه نظام مبارك المتصهين ضد الشعب المصري، وتوريطه لقلب العروبة مصر في تطبيع ساخن مع الكيان الصهيوني، تكملة لمسار الخطيئة الذي بدأه غير المأسوف عليه السادات، الذي أضر بالمصلحة الوطنية المصرية سياسيا واقتصاديا واستراتيجيا، وحمّل المصريين غصبا فاتورة رفاهية واستقرار عدو العرب الأول، الذي كان يراه الرئيس المخلوع بمهانة صديقا حميما، ويرون فيه كنزا استراتيجيا. فتكرار هذا التفجير للغاز رسالة للسلطة الحاكمة الجديدة في مصر التي حتى الآن لم تأخذ بعين الاعتبار ميراث الرفض الشعبي للتطبيع مع الكيان الصهيوني، ولا النداءات المتكررة التي تتعالى قبل وبعد ثورة يناير المجيدة بضرورة فك الارتباط المشبوه بين القاهرة وكل من (تل أبيب) وواشنطن، ومراجعة اتفاقية العار المسماة بـ"كامب ديفيد"، وتجميدها على الأقل، ووقف كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، خاصة ما يتعلق بتقديم دعم اقتصادي للعدو في صورة غاز بسعر بخس، في وقت يعاني فيه المصريون من أزمات في الوقود، علاوة على ضرورة إعادة بناء التحالفات الإقليمية والدولية، وتحديد العدو بشكل حاسم لا يربك الأجيال الجديدة، ويردع المهرولين الانتهازيين من المثقفين ورجال الأعمال، وحتى السياسيين الذين باتوا يعتبرون (إسرائيل) رقما في المعادلة الداخلية لمصر. وأظن أن هذه الرسالة أيضا موجهة لـ(إسرائيل)، فإن كانت قد استطاعت أن تخترق النظام المصري وتوجه قراراته بمساعدة "الشيطان الأكبر" واشنطن منذ حقبة السادات، فإن مصر الثورة حتماً ستقلب هذه الوضعية، وتستعيد لمصر استقلال قرارها الوطني، وتحررها من عار التطبيع بكافة السبل، وبالإرادة الشعبية ذاتها التي أطاحت بحاكم فاسد مستبد جعل من الأعداء أصدقاء، ومكنهم من استباحة سيادة الوطن واستغلال ثرواته وإضعاف مكانته وقيمته. نعلم أن الضغوط متواصلة على السلطة الانتقالية في مصر، والحوارات الأمريكية مفتوحة مع القوى السياسية المحتمل صعودها للسلطة أو المشاركة فيها، ولو عبر السيطرة على البرلمان خاصة الإسلاميين، وذلك لتأمين المصالح المشتركة (لتل أبيب) وواشنطن في مصر، لكن هيهات هيهات، فلن يقبل أي مصري ينتمي لمصر العروبة ويبحث عن المصلحة الوطنية إعادة تقييد هذا البلد الكبير، باتفاقات و"بروتوكولات" وتفاهمات صهيونية أو أمريكية تدخله إلى خندق التبعية والانكفاء على الذات مرة أخرى، على العكس فإن كل الاتفاقيات السابقة ينبغي على البرلمان المقبل أن يقوم بمراجعتها على النحو الذي يبين مدى انسجامها مع المصالح العليا للوطن أم لا، وهذا ما أكدته مسودة "دستور الثورة" التي أصدرتها اللجنة الشعبية للدستور. وكلنا تابعنا عند فتح ملفات الفساد للنظام السابق حجم الجرم الذي تم اقترافه في حق مصر والمصريين، والتي كانت (إسرائيل) مع مبارك وأعوانه شركاء فيه، وأتصور أن أحدا يهمه المصلحة الوطنية لن يرغب في إعادة هذا الوضع البائس، ومن يتجاهل هذه الحقيقة ويتصرف بانتهازية أو لا يأخذ في اعتباره الإرادة الشعبية مرة أخرى، سينال عقابه العاجل وليس الآجل. بالمناسبة، معركتنا مع التطبيع ليست فقط سياسية تتمثل في سحب السفير المصري من (تل أبيب)، وطرد سفير الكيان من القاهرة، وتجميد "كامب ديفيد"، وليست فقط اقتصادية تتمثل في وقف تصدير الغاز والانسحاب من اتفاقية "الكويز" وغيرها، ووقف التصدير والاستيراد واستقدام الخبراء الصهاينة، لكن الأخطر والأهم هو التطبيع الثقافي الذي يجب أن يحظى التصدي له بالأولوية في هذه المرحلة، خاصة أنه يومياً تتكشف حقائق مفزعة على صعيد اختراق الوسط الثقافي ومحاولات الاستقطاب وإسقاط حائط الصد الشعبي، آخرها اكتشاف ديوان شعر "إسرائيلي" يحمل عنوان"حليب سباع" تقوم دار نشر مصرية بطباعته بالتعاون مع السفارة "الإسرائيلية" بالقاهرة، وتقوم مؤسسة "دار التحرير" الحكومية بتوزيعه منذ مدة، الأخطر من هذا أن دار النشر التي تسمى "ابن لقمان" خارج القاهرة بالمنصورة، أي أن الاختراق وصل إلى أقاليم مصر، وبتعاون رسمي، متمثلا في المؤسسة الصحفية الحكومية، وبدعم مالي "إسرائيلي" بلا شك. ليس هذا فحسب، وإنما يتم إرسال نسخ من ديوان الشاعر "الإسرائيلي" روني سوميك، المترجم للعربية من قبل سلمان مصالحة ومراجعة حسين سراج (صحفي مصري متورط في النشاط التطبيعي من سنوات)، إلى الصحفيين بالمؤسسات الصحفية المختلفة، ومرفقاً معه رسالة من سفارة الكيان بالقاهرة تدعوهم للتعاون الثقافي وبناء جسور حوار، انطلاقاً من أن"الجهل عدو التقدم"، كما استهلت رسالتها التي أتيح لي أن اقرأها من خلال أحد الأصدقاء الصحفيين بمؤسسة الأهرام، التي كنا نظن أنها المؤسسة الصحفية الوحيدة المتورطة في ملف التطبيع، عبر مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بقيادة عبد المنعم سعيد الذي تم إسقاطه بسقوط نظام مبارك، إلى جانب عناصر بمجلة أكتوبر منها من قام بمراجعة هذا الديوان "الإسرائيلي". ما يعني أن الاختراق والاستهداف لمصر متواصلان على كافة الأصعدة، وما خفي كان أعظم، الأمر الذي يحتاج إلى وقفة صمود وتصدٍ واستعادة لزخم مقاومة التطبيع بكافة أشكاله، خاصة في هذه الأجواء الثورية التي توفر فرصة سانحة لتدمير كل مكتسبات الكيان في مصر، التي حصل عليها في ظل الرئيس المخلوع صديق الصهاينة وعدو المصريين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة