الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التراجيديا والكوميديا (tragedy-comedy)

عمار الجنابي
(Amaar Abed Salman)

2011 / 7 / 10
الادب والفن


استخدم (افلاطون) نظرية الوهم في الفن لطعن الشعر المسرحي الذي كان يعتبره قائما على الخداع ولايبحث عن الحقيقة وفي حديثه عن التراجيديا ركز على اثرها في نفوس المشاهدين فهي تشكل خطرا حسب رأيه لان المشاهد لهذا الفن عندما يجد نفسه امام مشهد محزن لاحد الابطال يحس بلذة المشاهدة فينساق مع ذلك المشهد مما يولد في نفسه نفس الشعور الذي يشاهده وهو شعور لايمكن التخلص منه حتى عند افضل الناس واكثرهم ثقافة وفكرا (1) ويتحدث في كتابه( القوانين ) عن جديه الشعراء المأساويين ذلك ان هدفهم قد يلتقي مع هدف الفلاسفة اذا صور كل منهم الحياة في اجمل صورها وارقاها وبذلك ينتهي بتعريف التراجيديا الكاملة بانها تقليد للحياة الرائعة للجمال الكاملة السمو بل ويعلن ايضا ان الفلاسفة شعراء يحاولون تقديم حياة جميلة راقيه ولايعني ذلك ان كل شاعر تراجيدي يملك الحريه الكاملة في تشييد مسرحه دون صعوبات وانما يجب ان يخضع شعره للرقابة حتى يكون تصويره للحياة رائعا وراقيا(2) وعلى هذا الاساس فان الشعراء التراجيديين اذا خضعوا للاسس والقوانين التي وضعها (افلاطون) وانتجوا ادبا يتفق مع اهداف الفلاسفة وجدوا لمسرحهم مكانا في جمهوريته الفاضله .وذلك بان يكون هدفهم هو تقليد الحياة الكاملة في اروع صورها واسمى معانيها ولم يلجأ افلاطون الى كثير من التفصيل في معالجته للتراجيديا وانما ركز اهتمامه على خطرها ودعا الى ضرورة فرض رقابة على الاعمال المسرحية وبالمقابل تحدث عن الجوقة المسرحيه لما لها تاثير في المشاهدين(3) ولقد كان من الطبيعي ان يتعرض لنظريه التطهير(catharsis) بعد حديثه عن اثرالتراجيديا في نفس المتفرج وهو يقول:عندما انشد بصوت عال تنثار الشفقة وتمتلئ عيناي بالدموع وعندما تثير الخوف او الرهبه يقف شعري خوفا ويأخذ قلبي في الاضطراب(4)وهذا دليل على ان (افلاطون) قد وعى الى ان المسرح يولد في النفس الخوف كما يثير فيها الشفقة او الرهبه ممايؤدي الى التطهير((catharsis)) الذي اهتم به اهتماما كبيرا لانه كان يعتبره تطهيرا ناقصا فالتطهير الحقيقي بالنسبه اليه لايتم الاعن طريق الفكر. ولاينكر افلاطون اللذة التي تتولد في النفس من مشاهدة المسرح لكنه يعتبرها لذة ممزوجة بالالم والحزن فمشاهد التراجيديا يبكي في الوقت نفسه الذي يشعر فيه بالالم .عكس مشاهد الكوميديا يشعر بالفرح ويبدوا انه يرفض هذا النوع من اللذة الممزوجة بالالم فهو يهدف الى لذة خاليه من الالم وهي لذة رياضية بحتة .وقد هاجم الكوميديا كما هاجم التراجيديا مستخدما في هدمها المنطق نفسه الذي استخدمه في هدم التراجيديا لكن مايلاحظ انه رفض الكوميديا في جمهوريته فهي تثير متعة قوية في نفوس مشاهديها وهذا الاستمتاع لايدفعهم الى بغض الفساد بل يولد في نفوسهم شعورا مماثلا لما يشاهدونه وبهذا فأنه قد يؤثر في سلوكهم اضاف الى ذلك فالكوميديا تدفع الى الضحك القوي وهو امر يشعر بالخجل كما انها تتضمن امورا لاصلة لها بالفن كالرقص المنحط(5) الى جانب تلك الاراء عن التراجيديا والكوميديا نجده يؤكد ان الشرط الاساسي في نجاح الفنان هو ان يكون الاستمتاع هو الهدف الوحيد للفن الذي يقدمه وهذا يقود الى الاعتقاد بأن هناك نوعان من الفن التراجيدي والكوميدي لايهدف الا الى المرح والاستمتاع دون ان يكون ممزوجا بأي نوع من الالم.والدليل على ذلك ان (افلاطون) نفسه سمح بأن يعرض هذا النوع من التراجيديا والكوميديا في المهرجانات الفنية والاعياد .وقد عبر احد النقاد عن هذا المعنى بقوله:ان افلاطون يعلن ان الانتاج الفني الذي يهدف الى فائدة او الى اظهار الحقيقة او الى خلق مشابهة للحقيقة .هذا النوع من الانتاج الفني يمكن ان يهدف الى الاستمتاع الخالص وذلك اذا ابتعد عن ترك أثار سيئة .وهومايمكن ان يسمى بالاستمتاع الخالي من الالم(6)وما يلاحظ عند افلاطون انه عاب على الشعراء عدم مراعاتهم للموسيقى الشعريه التي تناسب الموضوع الذي يعالجونه كما اكد ان لكل موضوع لغته الخاصة به.



المصادر
____________
1-ينظر" النقد المسرحي عند اليونان-د.عطية عامر-ص91
2- تاريخ الفلسفة اليونانية-يوسف كرم-ص101
3-النقد الادبي الحديث-د.محمد غنيمي هلال-ص35
4-في النقد الادبي-د.شوقي ضيف -ص41
5- الادب وفنونه-د.محمد مندور-ص53
6-فن الشعر -ارسطو طاليس-75








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صابر الرباعي يكشف كواليس ألبومه الجديد ورؤيته لسوق الغناء ال


.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس




.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-


.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت




.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً