الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهاية الاستبداد

أحمد شهاب
باحث كويتي في شؤون التنمية السياسية .

(Ahmad Shehab)

2004 / 11 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


تزعم الرئيس ياسر عرفات احدى اهم القضايا المعقدة في العالمين الاسلامي والعربي، فبين كون القدس أحد اهم المواقع المقدسة والتي تحتوي قبلة المسلمين الأولى مسجد الاقصى المبارك، وبين مواجهة عدو يعتبر من الد الاعداء التاريخيين للمسلمين، اذ قابل اليهود دعوة نبي الاسلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالكثير من المؤامرات والمكائد، واستمرت محاولاتهم حثيثة لتشويه صورة الاسلام والمسلمين وبذلوا المساعي الدؤوبة لبث الفرقة بينهم، ودس الروايات والاخبار الكاذبة في كتبهم وهو ما عرف بعدئذ ( بالاسرائيليات ) ، يضاف الى ذلك مجيء هذا الصراع ضمن صراع عسكري وسياسي واقتصادي وثقافي وعقائدي شامل بين الطرفين.
ولاشك ان الصمود في ميدان الصراع وتنوع طرائق المواجهة من العمل العسكري ، الى التنظيم السري الى النشاط السياسي الدولي ، امر يحسب للمرحوم عرفات ورفاقه ، والى قدرته الفائقة على استثمار كل الظروف لصالح القضية الفلسطينية ، وربما لا يزال يتذكر الكثيرون منا كيف كانت تثير زيارات الرجل للدول تموجات في الشارع السياسي والاجتماعي؟
اتسمت حركة الرئيس عرفات بالكثير من الحنكة السياسية ، واستطاع ان يعيد ( القضية ) الى الواجهة كلما حاول آخرون وضعها خلف الكواليس ، على ان هذا الذكاء السياسي لم يعفه من تكرار ( الخطيئة التاريخية ) المتمثلة بالاستبداد ، وبناء دولة تسلطية ، متمركزة بشكل مفرط في شخص القائد الرمز الضرورة ، يبرز فيها دور وكالات امنية واستخباراتية مبسوطة اليد قادرة على تغييب رأي الشارع الفلسطيني لا سيما في فترة ما بعد عرفات.
سوف يؤدي غياب شخصية (كاريزما) بحجم عرفات الى سيادة حالة من الجمود السياسي الفلسطيني، وسيكون محور اهتمام القضية الفلسطينية الجديدة في المرحلة القادمة الحفاظ على السلطة، وحمايتها من التنافسات السياسية المحلية، ومحاولة الالتفاف على الارادة العامة للشعب الفلسطيني، عبر ترتيب تفاهمات سياسية مع التيارات النضالية الشعبية واقصائها تدريجيا وبهدوء عن سدة الحكم.
تعتمد الانظمة التسلطية على تخفيض فرص الظهور السياسي للآخرين الا بمقدار الظل للزعيم القائد الذي يمسك بيده كل امور الدولة والمنظمة، ولن يتمكن احد من البروز الا بالتفلت من الاطار الرسمي والخروج الى الدائرة الوطنية الاوسع مثلما فعلت حركة حماس والجهاد وغيرهما، وهذه الفئات سيتم الالتفاف عليها في الايام المقبلة، اما الضعف الذاتي الذي يلازم قيادات حركة فتح فسيتم التغلب عليه بانتخاب احد اعضائها، واتباع سياسات اقرب الى الاعتدال لتحقيق قبول الدول المعنية بخلافة عرفات فالولايات المتحدة ستدفع في الايام المقبلة الى اعادة الحوار المقطوع مع السلطة الفلسطينية، كما ان اسرائيل ستبادر الى سحب الوحدات العسكرية وفتح المعابر، والتنسيق من اجل الانسحاب من قطاع غزة، ولا يستبعد ان تبذل الدولتان مساعدات مالية سخية لتقوية نفوذ التيار المعتدل في السلطة.
لذا فمن المرجح ان تكون اسماء مثل محمود عباس ( ابو مازن ) ، واحمد قريع ( ابو العلاء ) ومحمد دحلان اضافة لنصر يوسف من ابرز شخصيات المرحلة المقبلة، لكون الاول يقف ضد المقاومة ويزدري الانتفاضة، والثاني محسوب على التكنقراط والثالث من اقرب الشخصيات الفلسطينية الى اسرائيل، والاخير رئيس جهاز الامن.
لا مركزية السلطة رغم انها تحمل بعض السلبيات بنظر البعض ، الا انها المعبر الوحيد للخروج من التأزمات السياسية في البلدان العربية ، ان استمراء الاستبداد في الوطن العربي ادى الى بناء اكثر انماط الحكم جمودا، حتى لم يعد هناك مبرر لوجود السلطة سوى للحفاظ على الأنظمة وتأمين مصالحها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنس الشايب يكشف عن أفضل صانع محتوى في الوطن العربي.. وهدية ب


.. أساتذة ينتظرون اعتقالهم.. الشرطة الأميركية تقتحم جامعة كاليف




.. سقوط 28 قتيلاً في قطاع غزة خلال 24 ساعة | #رادار


.. -لن أغير سياستي-.. بايدن يعلق على احتجاجات طلاب الجامعات | #




.. هل يمكن إبرام اتفاق أمني سعودي أميركي بعيدا عن مسار التطبيع