الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العمال والفلاحون وثورة يناير

راجي مهدي

2011 / 7 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


عم البؤس والفقر أرجاء مصر واستوطنا في القري والنجوع والمصانع وما عاني أحد كما عاني العمال والفلاحون ،اما البرجوازية الصغيرة والمتوسطة والجزء الادني من البرجوازية الكبيرة فكان عناؤهم وشقاؤهم ليس بسبب الجوع والمرض وانما بسبب القهر والديكتاتورية والتسلط وما صاحب ذلك من تجريف للحياة السياسية المصرية .وكانت تلك الطبقات المقهورة سياسيا هي عصب الثورة أو هي النواة التي وجهت الثورة للطريق التي سلكتها .وكان واضحا ان البرجوازيتين الصغيرة والمتوسطة صممت ومنذ البداية علي حصر الثورة في اطار الثورة الديمقراطية خوفا من الاصطدام الدموي مع البرجوازية الكبيرة ولذلك لم يطرح شعار اجتماعي او اقتصادي واحد يمس الهموم الحقيقية للعمال والفلاحين علي الرغم من ذلك حركت الثورة اعدادا عظيمة من الطبقة العاملة ولم يتخذ هذا التحرك شكلا عمليا فاعلا الا يوم الخميس السابق للتنحي والذي كان فارقا حيث بداوا اضرابا عاما في العديد من البؤر العمالية الهامة (علي الرغم من ان معركتهم كانت اقتصادية فقط الا انها اثارت ذعر البرجوازية الكبيرة وجعلها تتخلي عن مبارك قبل ان يتجه العمال يسارا وقبل ان يطرحوا شعارات سياسية موازية للمطالب الاقتصادية وقبل ان يحدث التحاما فعليا بين العمال والبرجوازية الصغيرة وقبل ان تخرج الثورة عن اطار الثورة الديمقراطية) ولكن ما الذي ستقدمه تلك الثورة الديمقراطية للعمال والفلاحين ؟

الحقيقة ان حكومة عصام شرف اجابت عن ذلك السؤال مبكرا بتاكيدها علي انه لا تراجع عن اقتصاديات السوق ،والحقيقة ايضا ان ذلك ما كان يدركه الماركسيون من البداية فتوازن القوي الطبقية المشاركة في الثورة ونوعية الشعارات التي تم طرحها كان ينبئ تماما بالشكل النهائي الذي ستفرزه لنا الاحداث ،وقد بالغ كثير من المتفائلين حين ظنوا ان الثورة سوف تحل جميع مشكلاتنا.الحقيقة ان الثورة سوف تجعل مشكلاتنا اكثر تحديدا ووضوحا لنشرع في حلها ،دعونا نري ماذا انجزت الثورة وما علاقة العمال والفلاحون بذلك؟

أول ما انجزت الثورة هو حل ازمة ثقة الشعب المصري بنفسه وبقدرته علي الفعل ،كما ان الثورة نسفت النخبة القديمة بكل الاوساخ التي تراكمت عليها لمدة ثلاثين عاما ،اوساخ تراكمت في ظل نظام بوليسي قمعي يفترض انه تم تجميله (كما قلنا في مقال سابق) ورفع يافتة الديمقراطية ،تلك الديمقراطية التي من المفترض ان يتم ارساؤها سوف تضمن الي حد ما نشوء نخبة جديدة نشأة بيعية بلا قمع ولا افساد وتلك الديمقراطية أيضا هي الواجهة المراوغة للراسمالية المصرية .مراوغة لانها تخفي حقيقة ان النظام الاجتماعي لم يتغير ولم يمس حتي ولن يتغير بالطبع فسيظل نظام قائم علي الملكية الخاصة لوسائل الانتاج وسيادة القطاع الخاص وفوضي الانتاج المصاحبة له وأزمات لا تنتهي وتبعية لا فكاك منها للنظام الراسمالي العالمي ،والحقيقة ان لا احد حتي الان رفع شعار التنمية المستقلة لان ذلك ليس له الا معني واحد هو اختيار طريق لا راسمالي للتنمية والقطيعة مع الراسمالية العالمية وهو مالا تقدر البرجوازية المصرية علي القيام به علي ما اظن.ان اي ثورة برجوازية ديمقراطية يكون امامها كمهمة اولي تطوير القوي المنتجة الوطنية وتطوير الاقتصاد الوطني والسعي الي دمجه في النظام العالمي وخلق مكان متميز في النظام العالمية وذلك بعد التخلص من الراسمالية الخائنة واتاحة فرصة حقيقية للراسمالية الوطنية وهو ما حدث في ثورتنا حيث تم التخلص من مبارك وعصابته العميلة للامبريالية وتسعي الثورة الي اتاحة فرصة حقيقية امام الرأسمالية الوطنية لنقل الاقتصاد المصري من مرحلة الراسمالية المتعفنة حيث اقتصاد الظل والاقتصاد الاستهلاكي الذي يميز كل رأسماليات العالم الثالث الي مرحلة اكثر تقدما بحيث تعاد هيكلة الاقتصاد الراسمالي المصري من مجرد وسيط لنقل الثروة للراسمالية العالمية وكلب حراستها الينظام منتج فعليا .

والحقيقة ان تلك المهمة لا يمكن تحقيقها في دول العالم الثالث وفي مصر تحديدا لان تغير موقع مصر في النظام الراسمالي العالمي يعني الاخلال بهذا النظام كاملا وتعريضه لخطر الانهيار اي انه يضع الراسمالية المصرية في مواجهة مع الامبريالية وهو عبئ لن تختار الراسمالية المصرية ان تتحمله ،الراسمالية المصرية اذن ليس امامها الا خيارين اما ان تقنع بدورها الحالي وما سيعرضها لضربات داخلية مميتة، او تسعي لتغيير دورها ما سيضعها في مواجهة مباشرة مع الامبريالية وبالتالي سوف تتعرض ارباحها لاخطار شديدة ،ولان الارباح هي المحرك الاول فانها سوف تقنع بالدور الحالي مع تجميله فالنهب سوف يتم تقنينه ولكنه سيزداد والفساد الملازم للراسمالية سوف يبقي ،كل مافي الامر ان الواجهة البوليسية للنظام سوف يتم تجميله ببعض القشور الديمقراطية .ولكن ما علاقة العمال والفلاحين بكل هذا ؟من الان فصاعدا سوف يتعاظم نهب البرجوازية للعمال والفلاحين باسم الثورة ،سوف يتعرض الكادحين لنهب مضاعف باسم تنمية الاقتصاد وفتح الباب للمستثمرين .سوف يزداد توحش القطاع الخاص ،سوف يصبح التعامل مع البنك الدولي والاصغاء لاملاءاته هو السمة الاساسية للبرجوازية المصرية ،باختصار سوف يزداد العمال والفلاحون فقرا،ومن الناحية السياسية فان الثورة سوف تتيح للعمال والفلاحين حيزا من الحرية لتكوين نقاباتهم وتتيح للاحزاب هامشا من حرية العمل وسط الجماهير وهو ما يمثل بصيصا من الامل بالنسبة لكافة الفقراء.كما ان ذلك سوف يتيح للشيوعيين قدرا من الحرية للالتحام بالعمال والفلاحين ليس لخوض معارك البرلمانات البرجوازية بل لخوض المعارك ضد البرجوازية .ان الديمقراطية البرجوازية تسعي لتاطير الة النهب الراسمالية باطار متحضر مخادع للكادحين ،اطار افتقدته طيلة عهد مبارك،فهي(تعطيك الحق في اختيار ما تريد بعد ان تسلبك قدرة او اهلية الاختيار) لذا فان الثورة ببساطة لم تحل مشكلاتنا وانما قامت بما يشبه ترسيم الحدود وتحديد شكل الصراع القادم

العمال والفلاحين ضد الراسمالية

تلك هي القضية

يا عمال العالم اتحدوا!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صراع بين الوطني والمستعمر
سامي المصري ( 2011 / 7 / 11 - 22:30 )
الحقيقة غير ذلك تمام، المشكلة في مصر إن السماسرة باعوا البلد بما فيها من عمال وفلاحين وثروات للاستعمار السعودي الوهابي والشركات الصهيونية، وتركوا كل شعب مصر بكل أطيافه بلا حياة أو مستقبل. السماسرة لم يكونوا رجال أعمال كما يسمونهم ولا رأسماليين بل مجرد لصوص سطوا على ثروات مصر وتقاسموها مع الإجانب. الشعب المصري بكل أطيافه هب يطالب بحقه في مصر بلدهم بينما المستعمر المجرم مشغل عنده بالأجرة المجلس العسكري والسلفيين والإخوان ليسحقوا شعب مصر. الصراع بين المصري الوطني والاستعمار البشع المستغل لثروات مصر ليفقر الشعب بكل أطيافه وطبقاته؛

اخر الافلام

.. مسلسل إيريك : كيف تصبح حياتك لو تبخر طفلك فجأة؟ • فرانس 24 /


.. ثاني أكبر جامعة بلجيكية تخضع لقرار طلابها بقطع جميع علاقاتها




.. انتشار الأوبئة والأمراض في خان يونس نتيجة تدمير الاحتلال الب


.. ناشطون للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية: كم طفلا قتلت اليوم؟




.. مدير مكتب الجزيرة يرصد تطورات الموقف الإسرائيلي من مقترح باي