الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غير منصوص عليه2

كريم الثوري

2011 / 7 / 12
الادب والفن


بعدعقدين من السنين أو الأشهر أو الأيام عاد إلى نقطة إرتكازه ، دخل مخبره السري المليء بما كان يُشكل مستودعا لا ينضب من الأوهام المسلية . كان المكان قد تغير كليا ، فثمة يدٌ بيضاء قد احالت وحشته إلى واحة طيبة تتراقص فيها ذائقة الترتيب والنظام . بنظرة صقرية اسقط شكوك غضبه على أشيائه القديمة غير المُبعثرة ، فيما كانت حواسه تشم رائحة عبث مؤكد ، يرقد بسلام خلف طمأنينة لم يستسغ رفعتها. كانت جمجمته ترفس فيها ما تكدس من متعاركات الأمس القريب ، تبحث في سلة النفايات عن محطات تستقر اليها ، وسط حاضن طهور لا يمت إليه بصلة...

2
قالت له في ساعة ودٍ وصفاء : ارجوك للمرة المليون أعِدْ العابك إلى نصابها حين الانتهاء منها ، كيف تدون وأنت على تلك الحالة ؟
دار دورة أو دورتين في كرسية المرن ذي العجلات المتحررة...
اعجبته اللعبة وقد اختض العالم بين عينيه ، تنفس الصعداء ، استمر يدور ويدور وهي قبالته تنظر اليه غير مصدقة ، بعينين تحتميان بهالة ربانية ارتسمت فوق جبروتها
تحولت في مرآته العاكسة ، إلى جيش جرار من الأرامل ، رث الثياب ، واستحالت مدن الكون الراسية ، إلى ذاكرة تذرع الطرقات بحثا عن خطاه المبعثرة...

3
موجهة صداها في العراء إلى شبح ، ما شكل حضوره يوما سوى مزيد من الإبهام : كيف رأيت العيال ؟ لقد حرصت على تربيتهم في فترة غيابك ، تمنياتي الحفاظ على سكينة الأحياء ، أن لا تخرجها من طبيعتها التي فطرها الله عليها !
خرج الى حديقة الدار الخلفية يتفقد سجن الدجاج ، غير مُبال بصرخاتها المسترجية : ألاّ تجعل المتوحشات يطلقن غريزة الجري أبعد ما يكون ، فيما كان الأخضر مُسترسلا أشعث الشعر ، يعبث به القمل دون مناقير عارفة تنتشل منه اوجاع الفصول .
كان الكلب سنوّي قد عاود نشاطه فراح يستفز القط الكسوّل ، مُستنهضا سُبات المكان ، في رحلة نشاط ، لشق جدار الصمت العازل
فيما راحت الديكّة تطلق نداءات استغاثة في غير مواسمها لكسر حاجز السكون ، خلف القضبان
ارتمى على كرسي مهمل جردته الفصول ولم تبق منه سوى اشباح قوائمه الكسيحة
وراح يتأمل في شحيح السماء ، زوبعة المظاهرات التي اكتسحت عالمه السفلي ، نشرات الأخبار المُعادة في جمجمته الزرقاء الخاوية.


4
قضى ليلته يتنفس عبق جدائلها ، يستغيث ويستنجد ، في بحث دؤوب عن ملآذ آمن
قضت ليلتها تنتزع منه آخر الإعترافات في حلة استفهامات ، حشدت معها كل طاقتها
نامت... كما لم يتدثر في حنانها ، من قبل ، ومن بعد ...

5
كان قد اقلع عن الكتابة ، لكنه النحس الذي يطارده...
كان قد رقّن حضوره بالكامل ، لكنها الأيام التي تعيد دورتها ، فتستفزه من جديد...
كان قد قرر أن لا تكون له وقفة مدونة بعد اليوم ، لكن شاخصه مازال طريا ، يشير له بيدين مُعزيتين في العراء ...
كان ولم يزل غائبا عن الوعي حتى يستجيب النداء ، فيعلم الجميع أن ( لا مدخل للخارج أو ما حول أو إلى الداخل ) .

كريم الثوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل