الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية المائة يوم .. صراع الحقائق والاوهام -2-

احمد ناصر الفيلي

2011 / 7 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مع نهاية حكاية المائة يوم التي تشبه قصة زواج جحا في المأثور الشعبي ونتتيجة لها ظهرت محاولة فكرة الترشيق الوزاري لوزارة مترهلة ومتخمة وعاجزة عن القيام بخطوة تاريخية واحدة على طريق استنهاض البلاد فهذا العدد من الوزراء الذي يفوق الضعف واكثر لاعداد الوزراء في فرنسا والمانيا والعديد من البلدان الاوربية ودول المعمورة الأخرى قد يتبادر الى الذهن بسذاجة ان هذا العدد لربما لسرعة حلول المشكلات العويصة لبلد مبتلى بآثار كوارث عديدة مضافاً لها آفات الوضع الجديد المحزنة .
لكن مرارة الواقع العراقي تفضح بقوة حجم البلاء الجديد عندما تهيم القوى السياسية بمحاولات استرضاء نفسها في لعبة السلطة على حساب مشكلات البلاد فمنذ سقوط النظام البائد تتصدر صدر المسرح السياسي صور السجالات والصراعات والمراشقة بالوان الكلام فيما تزاد يومياً حجم معاناة المواطنين وشكاواهم .
طور مراهقة تشكيل بنية الدولة الجديد لا تستقيم وحجم المحنة المطروحة في البلاد ويبدو ان لابد من ضياع وقت مفوت آخر كي يخرج المتمرنين الجدد من سوح السلطة الحكومية ليصبحوا جاهزين لمباشرتها في شكلها المعروف دولياً .
في قضية الوزراء الغير كفوئين واعدادهم المرهقة لاي ميزانية تحسب حساب مستقبل البلاد اليس من الاجدر بمكان ان تبحث هذه المسألة ضمن جولات الثمانية شهور الضائعة قبل تشكيل الحكومة بمبادرة السيد مسعود بارزاني رئيس اقليم كوردستان بعد ان ضاقت السبل وقلت الحيلة وتصاعدت الاصوات المحلية والاقليمية والدولية بضرورة تشكيلها لكن قضية السلطة قد شغلت بال الجميع على حساب قضايا جوهرية ومصيرية اخرى ويبدو ان أحداً لا يؤمن بالمراهنة على المستقبل في تسابق محموم وغير مبرر وكأن مبدأ التداول السلمي للسلطة لم يعد سوى محظ وهم حين انها تمثل العمود الفقري للتجربة الجديدة وليس بامكان احد او جهة تعطيلها الا على حساب بقاء التجربة ومستقبلها وهنا تبرز الى الواجهة عديد الاجراءات التي لو روعيت فيها مسألة التوافق والمشاركة في القرار لكان لها اثر ملموس في بناء الثقة وتعزيزها وتلك هي محاولة التغلغل في هيكلية الدولة ومفاصلها الاساسية لبناء استحكامات تخدم مشاريع سلطوية بما في ذلك من تجاوز على مبدأ التوافق الذي يضمن توازناً مقبولاً والحال ان هذه الاجراءات تواجه بالرفض من اية جهة تمتلك ناصية السلطة اذ تعد محاولة من اجل مصادرة احدى ممكنات التوازن وهي تدفع بلاشك القوى الاقليمية للتدخل تحت ذرائع شتى فيما يضعف بناء وحدة حكومية داخلية متماسكة تستطيع معالجة كل الامور والمشكلات وفتح الطريق لتوجهات مستقلة توضح خطى البلاد بكل الاتجاهات وهو امر عسير في ظل الظروف والمشهد السياسي المفتقر لاسس الرصانة والوحدة .
في محاولات الزعل والاسترضاء للذين تسنموا مناصب وزارية قد تلجأ الحكومة الى استعارة مبدأ عشائري في حل المشكلات المختلفة بالدية وقبل هذا وذاك كيف وافق السيد المالكي على هؤلاء والذين يبدو ان بعضهم من كتلته وبلا شك ان مهلة الثلاثين يوماً المحددة دستورياً قلصت من معايير اختيارية اذ حشر نفسه في زاوية يريد التملص منها وهو يندرج ضمن تكتيك السلطة والانقلاب على هيكليتها اذ ان البعض من الوزراء رشحوا بناء على صفقات انتخابية جرت في السابق لتعزيز قوة ورصيد القائمة وعلى هذا الاساس ظهرت التشكيلة الحكومية واذا كانت هذه الحقيقة فلماذا كل هذا التغاضي ولم لاتعلن صراحة على الملأ كي نؤشر خللاً في طبيعة المشاركة الانتخابية والمرشحين ؟! على ان اموراً كهذه تعزز فقدان الثقة وتخلق اوهاماً سلطوية بامكانية الاستحواذ على منافذ جديدة لكنها تصطدم بموانع التوازن محلياً واقليمياً ودولياً أيضاً أتقان فن اللعبة والملاعبة واستخدام مبادئ ميكافيلية في هذا المجال تؤدي بلاشك الى قذارة سياسية لها تداعيات خطيرة في بلد لعبت السلطة وسياساتها دوراً تخريبياً على مستوى الدولة والمجتمع وما المحنة التي تعيشها البلاد الا انعكاساً لتلك السياسات الكارثية المهلكة التي وضعت البلاد على شفا هاوية اقلها وضع البلاد تحت خط الفقر في وقت يعد في صدارة البلدان الغنية بالنفط فضلاً عن مشكلات جمة اجتماعية وسياسية وتراكمات وعقد على مستوى المنطقة .
في استعارة لمنطق الاشياء يظن البعض من النخب ان باستطاعته بناء هيكلية دولة بطريقته الخاصة في وهم اثبت بطلانه تاريخياً فجميع التجارب الخاصة العائشة على هوامش ايديولوجيات وتجارب تاريخية اثبتت فشلها لافتقارها الى النظرة الواقعية ومتن العمق التاريخي للرؤى والافكار فضلاً عن ان المناخ الدولي وفلك المنطقة السياسي المرهونة بايقاع الحركة الدولية في المنطقة لا تسمح بتكرار نمطية تعيد انتاج الماضي بحلة جديدة .
ان ايقاف السباقات الماراثونية السلطوية ومحاولة بناء سلطة تشاركية منسجمة مع منطق الاشياء وطبيعة تركيبة المجتمع العراقي وقواه السياسية تعد اساساً في بناء سلطة وطنية حقيقية تحظى بقبول الجميع ومشاركتهم ولتكن المنافسة في البرامج الطموحة لبناء بلاد خربتها الحروب واهلكته السياسات الحكومية والمشاريع السلطوية الجائرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ترشيق الدولة
نبيل عبد الأمير الربيعي ( 2011 / 7 / 13 - 04:40 )
تحية طيبة
ترشيق الدولة محاولة لامتصاص غضب الشارع العراقي ولكن قد عصت عليهم الامور في حالة الغاء الوزاراة ماذا يفعلوا, فالوزراء كانوا نواباً سابقاً وعودتهم لمجلس النواب من الصعوبة , فكان الرأي بعد صيامهم هذا ان يصبحو وكلاء وزراء وماذا فعلنا هل هذا ترشيق ام ترهل في الوزارات , فعرض عليهم تقاعد 80% من الراتب , (او تيتي تيتي مثل مار حتي اجيتي) هنئاً لنا حكومتنا الطائفية

اخر الافلام

.. جيل الشباب في ألمانيا -محبط وينزلق سياسيا نحو اليمين-| الأخب


.. الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى إخلائها وسط تهديد بهجوم ب




.. هل يمكن نشرُ قوات عربية أو دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة


.. -ماكرون السبب-.. روسيا تعلق على التدريبات النووية قرب أوكران




.. خلافات الصين وأوروبا.. ابتسامات ماكرون و جين بينغ لن تحجبها