الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تداعيات التشظي والإبحار عكس تيار الإنفصال

ضياء الدين ميرغني الطاهر

2011 / 7 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


فى اليوم الحزين الموافق التاسع من يوليو 2011 اكمل أبني (نور) شهره الأول تماما . ونور حالة خاصة إذ تعود اصوله الي شمال وجنوب السودان سوياً.
ولذلك كم هي حزينة مشاعرى ، بأكبر من الحزن العادي الذي يستشعِره اي مواطن سوداني آخر ، بمناسبة انفصال جنوب السودان عن شماله. رغم إيماني الصميم بحق تقرير المصير كحق إنساني لكل البشر ولكن ، فى مثل هذه المواقف كم تأتي الأماني بطعم مُر خاصة اذا داعبت آمالنا مسارات مختلفة تمنينا ان تحدث. وبكل صلف وغرور بل وبإصرار كانت حكومة الاسلامويين فى الشمال تقود الي هذا المصير .
أخافُ عليه من ألم التشظي فى الإنتماء وفي الروح وكم كنت أاملُ ان يكون ميلاده إقرارَُ للحقيقة الأبدية لا شمال بلا جنوب والعكس صحيح.

تملاءني الأحزان ونحن نُودّع ايضا فى آخر يوم من عمر السودان الموحّد المناضل الصلب الاستاذ المحامي الصادق سيد أحمد شامي احد الافذاذ القانونيين فى السودان .
والذي لاقي رغم الامه وكِبر سنه كافة اشكال والوان التعذيب فى معتقلات هذا النظام تحت بصر وسمع سئ الذكر المجرم (نافع علي نافع) والذي حملت الأنباء من لندن وهو نفس المكان الذي غادرتنا فيه روح الاستاذ الصادق شامي للرفيق الأعلي ، خبر بعض من رد الكرامة للشعب السوداني الذي لا يزال المجرم نافع يواصل فيه الاستهزاء والاستخفاف به. ولعله يكون آخر خبر سمعه الأستاذ الصادق شامي ليعلم أن ابناء السودان طال الزمن ام قصر فإنهم سيردون الصاع صاعين للظالمين والمجرمين فى حقه وإن هي الاّ بداية .

كان آخر عهدي بالراحل المقيم الاستاذ الصادق شامي ، أن زارني فى منزلي فى هولندا قبل سنتين بصحبة صديقه الاستاذ سيد عيسي المحامي تلبية لدعوة عشاء أقمتها لهما إجلالا وإكبارا لمكانته ومنزلته فى النضال والتأريخ السوداني .
وكان أول عهدي به فى صيف العام 1987 او 1988 لا اذكر علي وجه الدقة . عندما كنت فى زيارة لمنزل الراحل المقيم الأستاذ بدر الدين مدثر (امين سر القيادة القطرية السودانية وعضو القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ) ، وبعد وصولي بقليل دخل الأستاذ الصادق شامي وهو ينادي بصوت جهور :-
يا بدُر .. يا بدُر .. هكذا بدون القاب ، فهم رفاقُ درب طويل مهنياً وحزبياً. وخرج الينا الراحل الاستاذ بدر الدين مدثر ليعتذر لنا فى ادب جم بعد ان تفّقد التكييف فى صالونه إن كان يعمل او لا ، فقد كان الوقت أصيلاً والجو حارا جداً، قائلاً :- اعتذر منكم يا رفاق ولكن عليّ الذهاب لاداء واجب العزاء فى والد رفيقنا الاستاذ سعيد ميرغني حمور أمدّ الله فى عمره. ثم ودّعاننا وانصرفا .
وبقينا فى المنزل مع الأخت نهي بدرالدين لنكمل برنامج الزيارة التي كانت معنية بها فى الأصل. رحمهما الله فقد رحلا قبل أن يشهدا لحظة التشظي التى يمر بها السودان اليوم.
وكان اول عهدى بالراحل الاستاذ بدر الدين مدثر فى النصف الأول من ثمانينات القرن الماضي عندما انتسبت لحزب البعث العربي الاشتراكي قبل أن يتشظي هو الآخر وتتفرق بنا الدروب سبا. عندما طالعت اول ادبيات الحزب التي قرأتها كُتيب بعنوان (البعث ومشكلة الجنوب فى السودان) وهو بقلم الاستاذ بدر الدين مدثر . وليت سياسيونا قرأؤه او عملوا علي ما جاء فيه لما جري ما يجري الآن من إنفصال و تشظي بين الشمال والجنوب .

فى وقت سابق من العام الماضي كانت آخر جملة قالها لى الاستاذ باقان أموم فى القاهرة بعد ان ذهبت للسلام عليه عقب مؤتمره الصحفي وبعد ان طرحت عليه سؤال هل يعتبر هذا الإنفصال نهائي (راجع تقرير فاقان اموم فى حديث الصراحة والوضوح عن قضايا الوحدة والإنفصال ) ، قال لي :- خلونا نبني السودان سوا _ أي لنبني السودان سويا _ قال هذه الجملة وكان يعلم أن الإنفصال واقع لا محالة . وبعدها ذهب القلب فى الارتباط بإحدي حرائر جنوب السودان . وجاء أبني نور فى هذه الظروف . فهل كانت سباحة عكس تيار الإنفصال الجاري ؟ ام إنها مسّلمة بقناعات صميمية وأكيدة ، وهي رغم الإنفصال فإن ما بيننا من روابط وأواصر اقوي من أن تفصمها دول متفرقة وسياسيون اوصلوا البلاد والعباد لأسواء مما كنا نتوقع ؟
ضياء الدين ميرغني الطاهر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إمام وحاخام في مواجهة الإنقسام والتوترات في برلين | الأخبار


.. صناع الشهرة - كيف تجعل يوتيوب مصدر دخلك الأساسي؟ | حلقة 9




.. فيضانات البرازيل تشرد آلاف السكان وتعزل العديد من البلدات عن


.. تواصل فرز الأصوات بعد انتهاء التصويت في انتخابات تشاد




.. مدير CIA يصل القاهرة لإجراء مزيد من المحادثات بشأن غزة