الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الابتزاز المالي في السياسة الفلسطينية

محمد أبو مهادي

2011 / 7 / 13
القضية الفلسطينية


في اوخر شهر سبتمبر 2010 أعلن الدكتور سلام فياض ان ان حكومته ستستغني عن الدعم الخارجي للموازنة الفلسطينية بحلول العام 2013 وأنها أنجزت 1500 مشروع في سياق تنفيذ خطتها لبناء مؤسسات الدولة وان 1000 أخرى من المشاريع قيد التنفيذ في العام الثاني من الخطة الذي بدأ مؤخرا، واضاف انه عندما نصل إلى العام 2013 سوف لن نحتاج إلى مساعدات لدعم الموازنة، بل سنكون بحاجة إلى مساعدات تطويرية فقط وخاصة في هذه المراحل النهائية التي نتوجه بها لاستكمال بناء مؤسسات دولة فلسطين المستقلة، وكرر فياض هذه البشرى لابناء الشعب الفلسطيني وخلال لقاءاته المختلفة من بينها لقاءات مع وزير خارجية النرويج يوناس جار ستوره وغيره من المبعوثين الدوليين وفي مناسبات مختلفة اكد خلالها ان الاعتماد على المساعدات الخارجية لدعم الموازنة سينخفض إلى مليار دولار في 2011 من 2، 1 مليار دولار في 2010.
النتيجة وحسب ما هو معلن ان هناك مليار دولار سيتم الاستغناء عنها من اموال الدعم الخارجي وان الاعتماد سيكون للمشاريع التطويرية بمعني انه لم تعد هناك مشكلة رواتب في موازنة السلطة وان هذه الموازنة سوف تكون جيدة لبناء الدولة الفلسطينية المنتظرة خلال شهر ايلول 2011 حسب ما تم التنظير له من القيادة السياسية الفلسطينية وعلى راسها الرئيس محمود عباس.
حديث رئيس حكومة الرئيس عباس لم يكن بعيدا ويفصلنا عنه زمنيا اقل من عام وبالتالي فان ذاكرة الفلسطينيين ليست مثقوبة للحد الذي يجعلهم لا يسترجعون هذا الاعلان مع بداية كل شهر بانتظار صرف رواتب كثرت الاشاعات حول اماكنية استمرارها بعد الاعلان عن اتفاق المصالحة الفلسطينية بتاريخ 4 مايو 2011، ومع كل حديث عن هوية شخص رئيس "حكومة التكنوقراط" المفترضة بعد شهر من اتفاق المصالحة والمعطلة عن سبق اصرار لدرجة زادت من شك الفلسطينيين الى حد كبير في امكانية ان ترى تلك الحكومة النور.
موضوع الرواتب ليس جديد فهو قديم بقدم الثورة الفلسطينية منذ نشأتها وحتى هذه اللحظة واستخدم أبشع استخدام من قبل القيادات السياسية المختلفة سواء كانت احزابا ام ائتلافات داخل منظمة التحرير، حيث مارست الاحزاب هذا الابتزاز بحق كوادرها الناقدين لمواقف قياداتهم او من خلال تعزيز مراكز قوى ضد اخرى داخل هيئاتها القيادية، او من اجل تمرير موقف لزمرة المال داخل كل حزب سياسي، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فان منظمة التحرير شهدت اكثر من عملية ابتزاز وتحديدا في المفاصل السياسية الهامة التي مرت بها السياسة الفلسطينية، فكثيرا ما استخدمت اموال الصندوق القومي التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية في عملية الابتزاز وتمويل الانشقاقات وشراء الولاءات لتمرير المواقف ولعل اكبر عملية ابتزاز هي تلك التي مهدت لاتفاقية اوسلوا بزعامة مهندسها ابو مازن حيث لم يتقاضى موظفوا منظمة التحرير الفلسطينية رواتبهم لفترة زمنية امتدت ستة اشهر، في الوقت الذي لم تحصل فيه بعض قوى منظمة التحرير على مخصصاتها من الصندوق القومي بسبب موقفها الرافض لاوسلوا لفترة اطول من ذلك، ثم تبعتها عمليات ابتزاز اخرى مع بدايات تشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية حتى وقتنا هذا.
ابو مازن الرئيس الذي تحدث كثيرا عن الشفافية والنزاهة والقانون واحترام حقوق المواطنين، جاء قبل ايام ليبشر ابناء الشعب الفلسطيني بخبر مفاده ان هناك ازمة رواتب وقد تطول هذه الازمة او تقصر، وان الاشهر القادمة قد تشهد صرف نصف راتب او لا تشهد هذا صرف هذا النصف !!! في الوقت الذي ينوي خلاله الذهاب الى الامم المتحدة في شهر ايلول لنيل الاعتراف بعضوية الدولة الفلسطينية المرتقبة ووقع قبل هذا الذهاب اتفاق مصالحة مع حماس وحصل على تفويض سياسي منها.
ان ابو مازن ينوي الذهاب الى الامم المتحدة لنيل الاعتراف الدولي بعضوية الدولة الفلسطينية في الامم المتحدة ولكن هذا الذهاب مرهون بشرطين:
اولهما/ انه لن يذهب الى الامم المتحدة في ظل حكومة تشارك بها حماس ولا يتراسها سلام فياض الذي يجلب الاموال والمشاريع لان هذه الحكومة بدون د. فياض وبمشاركة حماس سوف تمنع هذا الاعتراف الدولي .
ثانيهما/ سيذهب ابو مازن الى الامم المتحدة ويترك خلفه موظفي السلطة في صراع اجتماعي خطير مع اصحاب المحال التجارية والدائنين ومع زواجاتهم وابنائهم الذين ينتظرون شراء حاجيات شهر رمضان ومع ارحامهم اللواتي ينتظرن صلة الرحم خلال نفس الشهر، كذلك فان ابناء هؤلاء الموظفين سيستقبلون عاما دراسيا بدون حقيبة جديدة او ملابس جديدة او قدرة علي دفع الرسوم الجامعية وغيرها من الاحتياجات الضرورية للعيش النصف كريم القائم اصلا في ظل استمرار صرف الرواتب !!!
ببساطة هو يضع ابناء الشعب الفلسطيني بقواه المختلفة امام معادلة الذهاب الى الامم المتحدة مع استعداد الشعب الفلسطيني وقواه لدفع الثمن جوعا وفقرا واما ان تتركوا لي حرية ادارة سياستي التفاوضية بدون امم متحدة وبدون رباعية وبمفاوضات مباشرة مع اسرائيل دون شرط وقف الاستيطان ودون الارتباط بزمن محدد لهذه المفاوضات حتى وان استمرت هذه المفاوضات عقودا اضافية "فالحياة مفاوضات" كما اطلق عليها كبير مفاوضيه في احدى مؤلفاته.
ابتزاز خطير للمال يمس كل المواطنين الذين انهكتهم سنوات من الدمار الاقتصادي المنظم والمنهجي ليسبق دمار سياسيا منتظرا يطال المشروع الوطني في اطار صفقة منتظرة تشبه صفقة اوسلوا او اكثر سوءا منها اذا ما تم تدجين الاسلام السياسي الفلسطيني ليدخل اللعبة في اطار ما عرف "بوثيقة سويسرا" ولكن هذه الصفقة ستكون اكثر شعبية لانها جاءت بعد افقار الشعب وانهاكه وتوجت بفتوى دينية من حماس التي لم تعد تردد مصطلحات " الممانعة، المفاوضات العبثية، المقاومة" لدرجة ان هناك اعتداءات يومية وقصف يومي يشهده قطاع غزة دون اي تعليق من هذه الحركة.
ازمة الرواتب هي ازمة مفتعلة بامتياز وقد مورست في اكثر من محطة سياسية في السياسة الفلسطينية وساسترجع مع قارئي محطة ماقبل اوسلوا التي مهدت لاوسلوا كمشروع جديد، ومحطة ما قبل الانقلاب التي مهدت للانقلاب ونظام حكم جديد في قطاع غزة وكذلك الضفة التي لم تعد فيها حركة فتح تمارس الحكم فعليا ولا تشترك مع قوي التيار الوطني في هذا الحكم، والمحطة الحالية التي تمهد لما ذكرت سابقا.
تجويع الشعب كمقدمة لتركعيه هي سياسة اثبتت فشلها وسيدفع مرتكبوها للرحيل انا أم عاجلا، وهذا الرحيل لن يكون طواعية كما يظن البعض كحالة من حالات الزهد السياسي التي يحاول يبيعها ابو مازن على ابناء الشعب الفلسطيني، ولكنه سيكون رحيلا ثوريا تتخلله عملية مساءلة جدية عن اموال الشعب الفلسطيني التي اختفى منها اكثر من 400 مليون دولار من صندوق استثمار في ظل الحديث المتواصل عن العجز المالي، وحتما ستكون هناك مساءلة ومحاسبة عن اموال الصندوق القومي لمنظمة التحرير الفلسطينية واموال الاعمار التي سمعنا عنها كثيرا ونظم لها مؤتمر خاص في شرم الشيخ بعد الحرب على غزة.
اذا كان العبث السياسي الفلسطيني في ادارة الصراع قد اضاع فرصا تاريخية بدون اي ثمن كتلك التي حصلت عقب القرار الاستشاري لمحكمة لاهاي الدولية "بشان الجدار" وبعد تقرير "جولد ستون" الخاص بالحرب على غزة، فان هذا العبث وبكل تاكيد لن يستمر طويلا لاضاعة امل الشعب الفلسطيني في اعلان الدولة بشكل حقيقي علي الارض الفلسطينية، وستجد هذه القيادة نفسها في مواجهة حقيقية مع شعبها الذي اجهض حراكه مرتان، الاولي في 15 اذار 2011 من اجل الوحدة والثانية في 15 ايار 2011 وهذه المواجهة ستكون اكثر صعوبة وثورية كنتيجة طبيعة لسياسات اهدار الكرامة والابتزاز الذي يطال الناس في لقمة عيشهم وامتهان كرامتهم وابتزازهم المتواصل في اخطر القضايا التي يتضرر منها الجميع.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر


.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ




.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي


.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا




.. اعتراضات جوية في الجليل الأعلى وهضبة الجولان شمالي الأراضي ا