الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب عازمون على قتل العراق, وامريكا وايران تتصارعان على لحمه, وآخرون يلعقون الدماء

محيي المسعودي

2011 / 7 / 13
مواضيع وابحاث سياسية



ان التصريحات الاخيرة لوزير المواصلات العراقي "هادي العامري" التي قال فيها : ان السعودية كانت وراء شروع الكويت ببناء ميناء مبارك على خور عبد الله في الخليج – الميناء الذي يغلق المنفذ البحري الوحيد للعراق – ان هذه التصريحات تؤكد القسم الاول من عنوان المقال أي عزم العرب على ذبح العراق , من خلال خنقه بحريا. وتكشف مرة اخرى مواقف العرب عامة ودول الخليج خاصة اتجاه العراق الجديد , المواقف التي مزقت العراق وشجعت الارهاب فيه ودفعت مكوناته الى الصراع فيما بينها ومحاولات بعضها الانفصال عن بعض, والتي كان آخرها دعوة رئيس البرلمان العراقي اسامة النجيفي الى اقامة اقليم سني او الانفصال عن العراق . والنتيجة الاخطر للموقف العربي السلبي هذا اتجاه العراق هو دفع العراق دفعا نحو ايران وخاصة من خلال الشيعة الذين استهدفهم الارهاب العربي المدعوم بمواقف سياسية عربية وفتاوى سعودية تبيح قتل الشيعة " الاغلبية السكانية في العراق " .
ظلّ العرب بعد سقوط نظام صدام حسين سلبيين جدا اتجاه العراق بل ومعادين له, حتى مع الثورات التي اسقطت حكاما منهم وفي طريقها الى اسقاط آخرين . هذا الجفاء والعداء العربي للعراق , فاق عداء اسرائيل للفلسطنيين , وخاصة عداء الكويت للعراق, فاسرائيل اقل خطرا واهون عداء على الفلسطنين من عداء وخطر الكويت على العراق . ولم يترك العرب خيارآخرا للعراقين بمختلف مكوناتهم , وحصرهم في بدائل هي اكثر سوءا واعظم خطرا على مستقبل بلدهم من الانصياع للتخلف العربي المقزز المتمثل بنظام حكم مثل نظام الحكم السعودي . فبات العراقيون اليوم على مفترق طرق خطير بسبب المواقف العربية الرافضة لنظامهم الجديد, والعراقيون اليوم امام مواقف وخيارات صعبة . فاما ان يقبلوا التبعية لامريكا والدوران في فلكها بعيدا عن محيطهم وقومهم وأية ارادة حرة لهم , وهذا ما تشجعه اغلبية سنية سياسية "وليس شعبية " اضافة للساسة الاكراد وقادة الاقليات الاخرى وخاصة المسيحية التي ادماها الارهاب والتعصب الديني . والخيار الثاني هو الدخول في المشروع الايراني , وهذا ما تؤيده وتسعى له تيارات شيعية مثل التيار الصدري والمجلس الاعلى الاسلامي . وبعض القوى في كتلة دولة القانون وبعض الاحزاب وكتل صغيرة اخرى.
وبعد انهيار النظام السياسي العربي القومي - الذي تُشَكِل سوريا آخر حلقاته - لم يعد امام العراقيين الا الخيارات التي ذكرناها وهي التبعية لامريكا او لايران او التقسيم العرقي والمذهبي للبلاد . الخيار الاول يُدخل العراق في منظومة سياسية عربية دكتاتورية متخلفة, فاقدة السيادة لصالح امريكا وداعمة لاسرائل في الوجود والمصالح, ولكنها ستكون اكثر امنا في الداخل والخارج . مع بقائها رهينة لمصالح اسرائيل وامريكا والغرب , أي تماما كالدول التي لم تمر بها التظاهرات والاحتجاجات الاخيرة او التي مرت بها هذه التظاهرات والاحتجاجات وتجاوزتها الانظمة بفضل الدعم الامريكي والغربي لها .
مع هذه الحال لن يجد العراق كل ذلك الامن الذي توفره امريكا للدول العربية الاخرى والسبب هو وجود احزاب وتيارات عريضة الجمهور في العراق وهي اما انها تعادي امريكا او انها تابعة لايران , او الاثنين معا. مما يجعل امن العراق اكثر قلقا وهشاشة واقل ثباتا . اما الخيار الثاني فيُدخل العراق في نظام سياسي اسلامي راديكالي هش بهشاشة المصدر- أي نظام الحكم الايراني - ويجلب على العراق عداء الغرب وامريكا ومكائد اسرائيل , ويخلق في الداخل صراعا مذهبا عميقا قد يعيد الحرب الطائفية مرة اخرى الى العراق . اذ لن توفر امريكا وحلفائها جهدا في سبيل اندلاع هذه الحرب لينتهي العراق مقسما اقساما ضعيفة يتبع بعضها امريكا ويبقى البعض مع ايران اذا بقي نظام الحكم في ايران فاعلا الى ذلك اليوم .
وفي ظل هذه الحال لا يبقى امام العراقيين – اذا ارادوا الحفاظ على بلدهم حرا مستقلا قويا – غير الاجماع على هدف واحد , يتمثل بشعار "العراق اولا" ومن ثمة اقامة علاقات متوازنة مع امريكا من جهة وايران من جهة اخرى بعيدا عن المغالاة في التبعية او العداء للطرفين او احدهم , وقريبا جدا من سياسة تحقيق مصالح العراق وفق الظروف والسبل المتاحة لذلك , وعلى الاقل خلال عشر سنين قادمات .
ولن يتحقق هذا للعراقيين مع وجود الطبقة السياسية الحالية الحاكمة . لانها خليط من الاحزاب الدينية الطائفية العقائدية العمياء والاحزاب القومية العنصرية وافراد من المنتفعين والوصوليين الذين يتاجروا باسم العراق من اجل تحقيق مصالحهم الشخصية . ولولا هذه الطبقة الحاكمة في العراق لما شجّعت السعوديةُ ودفعت الكويتَ الى انشاء ميناء مبارك على حساب مصالح ومستقبل العراق , مع ان الكويت تمتلك ساحلا على الخليج يزيد على 500 كيلو متر, بينما لم يُترك للعراق سوى ساحل ضيق جدا قد لا يزيد على العشرة كليو مترات . لا يلبي الحاجة الاقتصادية والسياسية والعسكرية للعراق ولا يتناسب مع تاريخ هذا البلد وجغرافيته وموقعه الدولي.
ونتيجة المواقف والتصرفات العربية المعادية للعراق ستكون البلاد اشبه بذبيحة يتصارع على لحمها الامريكان والايرانيون ويلعق دمها الاتراك والصينيون وآخرون منتفعون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحليل صائب وهو الواقع فعلا
عبد الوهاب المطلبي ( 2011 / 7 / 13 - 12:19 )
ارق التحاي الى الكاتب..نعم لقد اصبت ولقد اشرت في تعليق سابق ان المشكلة العراقية في المكون :( عرب العراق) لأن هذا المكون هو اللاعب الأول في مصير العراق كما اشار البعض من الكتاب ايضا وخاصة الكاتبة ريم شاكر الأحمدي
لا يسعني إلا أن أحيي الكاتب على دقة تحليلة اتمنى أن يجبنب الله تقسيم العراق وكذلك يجنبه التبعية الى الغرب او الى ايران

اخر الافلام

.. عقوبات بالسجن في الجزائر لمن يتدخل في صلاحيات وعمل السلطتين


.. ماذا تناول الإعلام الإسرائيلي بخصوص الحرب على غزة؟




.. مراسل الجزيرة: أكثر من 50 شهيدا خلال الـ24 ساعة الماضية في ا


.. اشتباكات عنيفة تدور بين المقاومة وقوات الاحتلال الإسرائيلي ف




.. اشتباكات مسلحة بين مقاومين فلسطينيين وقوات الاحتلال في مخيم