الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحبُ ، حسب التوقيت السومري / 4

عبد العظيم فنجان

2011 / 7 / 14
الادب والفن


اشارة :
كان لكل فرد سومري إلهه الشخصي ، الذي يكون وسيطا له مع الآلهة الكبار . هو : القرين ، في المعنى المعاصر ، وهو الذي أخذ أشكالا متعددة على مر العصور ، حتى انتهى إلى اؤلئك الاشخاص الذين مهمتهم الأخذ بيد زائر العتبات المقدسة ، والطواف به حول الاضرحة ، مع قراءة الادعية والمدائح . القصيدة هذه إذن تنتفع من فكرة الإله الشخصي ، بل وتعمقها أيضا . سيلاحظ القاريء المتتبع أن هناك جملا بعينها مكررة في قصائد اخرى تحمل نفس العنوان ، وهذا التكرار مقصود لأنها تنتمي إلى عالم ونسيج واحد ، كما نهايتها التي تشير ، أيضا ، إلى حادثة تحطيم الأصنام من قبل النبي ابراهيم ..

.......................................................................................................


صلواتها كشفتْ لي كيف تهبُّ الأعاصيرُ من الجسد ، كيف يتحوّل الكونُ إلى ريشة ، وكيف تحصل انقلاباتُ الروح ، في هذا العالم :


صبية ٌ خلقتني :
أنا الواقفُ الآن ، على حافة هاويتي ،
بانتظارها .

جمعتني من طين الضفاف :
من طمث الفرات ، ومن غرين دجلة ،
ثم أشعلتْ من حولي نارا ،
وفخرتني ، حتى صرتُ شيئا لا اعرفه .

صرتُ شيئا يعرفني ، قبل أن أعرفَ .

وضعتْ رأسها على صدري ، فنبض شيءٌ في داخله ، وأشرق وجهي ، ثم نفختْ في داخلي من عطر خيالها ، قائلة : " كن ما اريدكَ " ، فكنتُ ، ولم أعد طينا ، رغمَ أنني ، في نفس الوقت ، كنتُ طينا .

.. وصبية أخذتني :
قادتني إلى المعبد ، تعرّت لي ، وعانقتني .
صبية ٌ قالت : أعبدكَ ،
وعبدتني .

صرتُ إلها .
صرتُ إلها يعرفُ أنه لا يملك أن يكون إلا إلها لأن صبية قالت له : " أحيا ، لإيماني بكَ " ، لكنني كنتُ أتهشم من الداخل .

كنتُ اتفتتُ مثل إله من طين يعيشُ في جنة من النساء والبخور والفواكه : عند أقدامي تتضرع الامهات ، ويبكي أقسى الفرسان على أكتافي ، وأنا من أجلها ، من أجل حضورها ، من أجل تضرّعاتها ، آمنتُ بي ، فصرتُ العبُ دوري المعقد في مسرح خيالها : العبُ نفس لعبتها ، وأشتعلُ من غليان شهوتها .

صرتُ احبها .

احبها صرتُ لأنني لم أكُ شيئا ، لولا أنها قالت : احبكَ ، فكنتُ .

قالت: احبكَ ، ثم قالت : احبكَ .. يا إلهي ، وركعتْ لي عارية ، أمام الناس ، فتحرّك بي نبضٌ غامض : تكهربتُ من فوري ، وسجدتُ .

لي قلبٌ بلاشك ، وإلا لماذا شعرتُ بالذعر عندما سقطتْ اور ، فجأة ، ودخل الغزاة إلى المعبد ، حاملين معهم آلهتهم ؟!

احبها بلا شك .
وإلا لماذا بقيتُ لابثا في مكاني ، بعد أن فرَّ زملائي ، من المعبد ، واحدا بعد الآخر ؟

سأنتظرها : لابد أن تجيء .
أعرفُ ذلك ، كما أعرفها وكما أعرفني ،
آه ،
لقد سقط العابد والمعبود فيما بيننا .

لن أخرج .

أعرفُ أنَّ ثمة أديان أخرى ، في الطريق ستأتي ، لكنني سألبثُ واقفا في مكاني بانتظارها ، هي التي كشفتْ لي خفقاتُ قلبها سرّ التحولات في طين العالم :

ذات يوم سيصل أحدهم ، أتوقعُ ذلك ، وسيحطمني بفأسه ، لكن روحي ، أبدا ، سترفرفُ حول حطامي ، الذي لن يخون تلك اللمسة الشاعرية ، ليديها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا