الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في البار

محمد خليل عبد اللطيف

2011 / 7 / 14
الادب والفن


مالكَ تحدق بي كلما رفعت رأسي لأسكب كأس نعيم الوطن الجديد على نار الوطن القديم المغروسة في الأحشاء؟...مَن سمح لك بمجالستي؟... أَلم أتركك نائما في البيت؟...دعني...أريد أن أسكر بهدوء...

أقلّب نظري على الاجساد الراقصة والارواح المحلقة...أَبتسم...أنظر الى الكأس...أَرى وجهه ثانية

- هَي...أَنت...أَيها الاخرق...أطفر (اغرب عن وجهي)...لاأريد صحبتك...شلغَمت؟

أدلق الكأس في جوفي علّني أخلص منه بابتلاعه...يبدو أنني قد سكرت...وهل سأَخلص منه بابتلاعه؟...أذهب الى دورة المياه لأضرب عصفورين بحجر...أتبوله في المجاري وأغسل وجهي إن كنت قد سكرت...أعود لمائدتي...تسحبني كاترين للرقص...تتطوح بين ذراعيَّ لثوان...تقف الموسيقى...ربما كان هو من أوقفها...اركل جهاز الموسيقى وأبصق عليه...أطلب كأسا اخرى لأسمعه يهمس لي:

- نسيت؟

- خره بربك...شتريد مني؟ دروح نام أو انتحر

- نسيت؟

- شنو انت جبريل واني مُحمَّد؟...هاي ابدال اقرأ؟

- نسيت؟

- شنسيت؟

- العراق...عمرك

يهبط رأسي ككرة تتدحرج من علو...وتهبط من عيوني كل اقداح الخمر التي شربتها...انسحب الى حديقة البار...يتبعني...يرى دجلة والفرات ينهمران على الخدين...يناولني سيجارة ويجلس أمامي يدخن بصمت...ارفع رأسي ساحبا معه حزن الارض...حزن اليتم...حزن التاريخ...حزن الزمان

- ما أنسى ياصديقي؟ وهل لمثلي ان ينسى؟ لماذا تصر على مطاردتي دوما؟ حتى في الشوط الثاني من العمر؟

- الاحقك لانني احبك...الاحقك لاني قدرك

- لااستطيع النسيان ياصديقي...مع كل ضعف ذاكرتي المشوهة والمعذبة...لا أنسى...ذاكرة شوهتها

الحروب...ذاكرة حرقتها آمال لم تكتمل...طحنها غدر الاقربين...عذبتها غربة الروح

ما أنسى؟ مركز تدريب مشاة البصرة؟... الفيلق السابع؟... المملحة؟... الصاروخ المخترق لصالة بيت حسن خالد ونحن جالسان في الصالة؟ الهر المعوق بفعل شظية في الظهر؟

احمد عبد السلام الذي جُنَّ بسبب فصله من الجامعة؟... نجاح حنش؟ أتذكر نجاح حنش؟ اسال عنه محمد صاحب...قريب هو هنا...في بريطانيا...نجاح حنش الذي كان يعرفه شارع فلسطين من اقصاه الى اقصاه... .نجاح الذي احتضنه وادي السلام وهو مازال في بدايات العقد الثالث...صرخة امه مازالت تدوي براسي عندما أتوا بنعشه ليلا بعد ان اهداه هور الحويزة نعمة الموت؟...اكرم اخوه الذي كان يريد ان يؤاخيه في القبر أيضا؟...لا أدري من أين اتيت بتلك القوة لاحتضنه واشده الي؟...الامن العامة؟...السجون والمعتقلات؟...الدموع التي شكلت حياتي؟...التاجي؟ هل تذكر التاجي وساحة البعث العفنة كما عفونة البعث والقائد الضرورة؟...الذل اليومي؟...ايام الجوع في ليبيا؟...هي الاخرى تحكمها الضرورة...قارب التهريب من المانيا الى الدنمارك وانت تعرف رهابي من الماء؟...شاحنات تهريب الاجساد البشرية من فرنسا الى وطني الجديد؟...

دعني ياصديقي...انا لا أنسى...وددت لو انني...انا لا أنسى بك أو بدونك...اذهب لنومك آمنا مطمئنا ودعني مع شرابي...الشراب يعين الذكرى...شرابي يعين عطشي...فانا لا يرويني الكحول كما لا ترتوي روحي من العذاب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بارية جميلة
فــــــراس ( 2011 / 7 / 17 - 03:26 )
لها أدمعي ... لا أخلط (بخباطة عراقية) هنا الدمع بالجمال، لكن دموعي هي التي شهقت : بارية جميلة أبو جاسم، جميلة، رغم قلائد و أقراط الجمر التي تزين روحك و تحاصر عذوبتك الشاسعة ... بلى هي كذلك، بارعة العذوبة و العذاب، لأنها بحجم توقنا للحياة، و بحجم زفرة من زفرات أرواحنا المقدودة من ذوب الجحيم


2 - شكر
محمد خليل عبد اللطيف ( 2011 / 12 / 6 - 19:33 )
شكرا اخي العزيز فراس واسف للتاخر بالرد

اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??