الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اقليم الطفل العراقي

حاتم عبد الواحد

2011 / 7 / 15
حقوق الاطفال والشبيبة


لا ندري صحة القول الذي ينسب الى علي بن ابي طالب والذي يقول فيه " لا تخلّقوا اولادكم باخلاقكم فانهم خُلقوا لزمان غير زمانكم " ، ولكننا نرى فيه ركيزة سليمة لبناء جيل قادر على اتخاذ قراره بمعزل عن الضغوط المتوارثة .
تشير التقارير الدولية السكانية والتنموية الى ان المجتمع العراقي مجتمع شاب تبلغ فيه نسبة الاطفال 50% الى 55% من نسبة السكان ، وهذا يعني وجود ما يقرب من 15 الى 17 مليون طفل عراقي تبددت حيوات ومستقبل ما يقرب 4 ملايين منهم لاسباب عدة ، منها الافقار المبرمج الذي تتبعه الحكومات العراقية المتتابعة منذ نشوء الدولة العراقية في بدايات القرن المنصرم ، والمشاكل الاجتماعية التي ترتكز على تابواهات الدين والعرف القبلي والقصور المجتمعي ، والحروب التي خاضها العراق بدون هدف وطني سامٍ .
تشير تقارير الحكومة الحالية في بغداد الى وجود مليونين ونصف المليون من الاطفال اليتامى والمشردين في حين تشير تقارير الامم المتحدة الى رقم اكبر من هذا بكثير ، هذا يعني ان ما يقارب من 20% من سكان العراق هم من اليتامى او المشردين واذا اضفنا اليهم شريحة كبار السن فان الرقم سيصل الى حدود الكارثة ، ولكن رغم كل الواقع المزري والمخيف لا نجد من جانب الحكومة العراقية الا محاولات خجولة وتلميعية تحاول لمَّ ذيول هذه الفضيحة الانسانية الكبرى ، ففي الوقت الذي يصرف السياسي العراقي والمسؤول العراقي ملايين الدنانير على ملذاته الخاصة واحتفالاته العائلية يبقى ملايين الاطفال بدون ملبس او مسكن او طعام ، يفترشون الازقة المؤبوءة بعصابات الجنس والمخدرات ويقتاتون من القمامة ويكتسون مما يجود به عليهم اهل الرحمة ، ويتبادر الى الذهن السؤال التالي ، هل الامر مقصود ؟؟؟؟
لا شك ان الطفل في اي مجتمع هو البذرة التي ستصبح شجرة مثمرة ، وبما ان العراق قد اصبح مرتعا لكل محتال وسارق وقاتل ومحتل ، دون ان نستبعد وجود اناس يحملون افكارا تنويرية تجاهد لتثبيت وجودها ، ولكن الغلبة اليوم لمن يحمل البندقية وليس لمن يحمل فكرا منيرا ، اقول ان التدمير الكامل للعراق قد بُنِيَ على تدمير الطفولة العراقية واجتثاثها من مهدها .
الاف الاطفال العراقيين لا يستطيعون مواصلة دراستهم لاسباب امنية واقتصادية رغم انهم يعيشون في ثاني بلد نفطي في العالم ، الاف الاطفال العراقيين يخضعون دون مشيئتهم للطاعون الديني والعرقي والمناطقي ، الاف اخرون فقدوا اباءهم بعلميات مسلحة او عمليات اعتقال ، وفي غياب رعاية دولية واضحة لهذا الملف استمرت هذه الفجيعة دون ان يتلفت اليها بقوة القانون الانساني الذي يكفل حق الحياة التي وهبها الله لمخلوقاته.
ان العراق بلد تعدل ميزانيته السنوية ميزانيات خمس او ست من دول الجوار فلماذا لا نركن الى مشروع وطني بشراكة دولية لحل هذه الازمة الكارثية ، وبما ان الدستور العراقي يخول كل محافظة او اكثر بتشكيل اقليم خاص بها سوف اتقدم بهذا الاقتراح الى منظمة الامم المتحدة لكي تدرسه .
يتم تخصيص مكان من الارض العراقية ، ولتكن الصحراء الغربية التي تذروها الرياح ، ويتم الاتفاق مع شركات عالمية لبناء مجمعات سكنية ومدارس ومستشفيات ومحاكم ومراكز شرطة عراقية ، وكل ما تتوفر عليه المدن ، ثم يتم التعاقد مع اساتذة عراقيين من جميع الاعراق والمذاهب وعرب من جميع الثقافات واجانب من الدول التي مرت بكوارث الحروب ، اساتذة في الكمبيوتر والتكنلوجيا والتعليم وعلم النفس وطب الاطفال والموسيقى والفنون والادب واللاهوت والزراعة واللغات والتجارة والصناعة وكل علم مفيد ، ثم يجلب الايتام العراقيين ويقسمون حسب فئاتهم العمرية ، بل يمكننا ان ندعو كل عائلة تريد ايداع اطفالها في هذا الاقليم لتسجيلهم ، وتنشأ وحدات ادارية لرعاية هؤلاء الايتام او المتخلى عنهم ويتم تعين الارامل العراقيات كمربيات او ممرضات بعد ادخالهن الى دورات متخصصة ، ونترك هذا الاقليم ينمو بدون تدخل سياسي او مذهبي او عرقي ، ونمنحه صلاحيات التمدد ان وجد في نفسه قابلية على التمدد من خلال انجازاته التي سوف تظهر للوجود خلال سنين معدودة ، لا اظنها اكثر من السنوات التي قضتها الحكومة الحالية في الادارة الفاشلة للبلد وموارده ، فماذا ستكون النتيجة ؟؟
هل موارد الدولة العراقية لو كف السراق ايديهم عنها عاجزة عن تنفيذ هذا الاقليم الذي نقترح له اسم اقليم الطفل العراقي ؟ لا اظن ان احدا من الساسة او اتباعهم سيوافق على هذه الافكار لانها سوف تأكل من دخلهم المسروق ، ولا اظن ان الامم المتحدة ايضا ستوافق على هذا المشروع لانه يفتقد الى مباركة الدول التي تمول نشاطاتها في العراق ، ولكن اليس بامكان البرلمان العراقي ان يطالب بهذا لو كان برلمانا وطنيا خالصا ؟
ان نواب الشعب كما يسمون انفسهم يناقشون كل يوم الفدرالية والاقاليم المذهبية والعرقية ومخصصات المسؤولين فلماذا يغفلون عن بذرة هذا البلد الذي اكلته الضغائن وغطى وجهه دخان المهاترات الحزبية ، ان الطفل العراقي المشرد واليتيم هو امل العراق اذا احسنت رعايته ، فلا تتركوهم في الشوارع كي لا تصبحوا انتم بعد حين في الشوارع ايضا ، وانظروا اليهم ستجدونهم في وجوه اطفالكم ايها الديمقراطيون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لماذا؟؟
عقيل ( 2011 / 8 / 10 - 10:10 )
الصحفي والاعلامي العراقي حاتم،، تحية طيبة
يوجد لدي تعليق بسيط على السطر الاول للمقال وهو (لا ندري صحة القول الذي ينسب الى علي بن ابي طالب ) ، انا متعجب جدا من كلمة (لا ندري) فمثلك كاتب وصحفي وله باع طويل بالكتابة فيجب عليك ان تتأكد من صحة نسبة هذا القول لقائله و بما انك تجد في هذا القول ركيزة سليمة لبناء جيل.. فهل ذكرت المصدر الذي نقل هذا الحديث كي يجد المهتم والمتتبع لهذا الحديث ضالته للتاكد من القائل وما يملكه من عقلية فكرية اذا كان قولك بحق الحديث الذي ينسب اليه (ولكننا نرى فيه ركيزة سليمة لبناء جيل قادر على اتخاذ قراره بمعزل عن الضغوط المتوارثة
ارجو ان يتسع صدرك لتعليقي هذا وان تلعق عليه بكل منهجية وعقلية بعيدة عن كل انواع الجرح والتسقيط،، داعيا لك الخالق ان يمن عليك بالصحة وان يلم شملك وان يكون نقدك بناء لبناء العراق وطرح المواضيع التي تفيد الامة العراقية

اخر الافلام

.. في غياب آخر الشهود.. من سيحكي للطلاب قصص الحرب العالمية الثا


.. الإعلام الإسرائيلي يناقش المخاوف من إمكانية إصدار مذكرات اعت




.. سيناريو إصدار مذكرة اعتقال دولية بحق نتنياهو


.. مذكرات اعتقال محتملة بحق مسؤولين إسرائيليين ونتنياهو يؤكد ال




.. تهديدات وتحذيرات من إصدار مذكرة اعتقال دولية بحق -نتانياهو-