الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جريدة الأخبار، في تضامنها الصريح مع الثورة

مجدي مهني أمين

2011 / 7 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


وضع أحد الأصدقاء (الدكتور فريد)على الفيسبوك صورة للصفحة الأولى لجريدة الأخبار يوم 4 مارس 1968، التي كانت ترد على ما أسمته "الثورة المضادة" ، كتبت الجريدة على صفحتها الأولي بالبنط العريض:

"عبد الناصر يحذر من قوى الثورة المضادة"
"قوى الشعب التي لها مصلحة في الثورة من حقها أن تتكلم وتنتقد"
"يجب على الجبهة الداخلية أن تتحول كلها إلى مناضلين للثورة ولأهداف الثورة"
"الجيش والشعب جبهة واحدة متراصة من أجل النضال والحرية وتحرير الأرض المحتلة"

واضح، بالطبع، من المانشيتات أن الجريدة كانت متضامنة ومتطابقة مع النظام الحاكم في حماية البلاد ، أي من التشكيك - وقتها - في أننا سنخوض معركة التحرير. والجريدة هنا تنعش الهمة، وتبث الأمل، وتستنفر الناس كي يتضامنوا ويواجهوا "الثورة المضادة"، ويثقوا في جيشهم من أجل النضال وتحرير الأرض...

- كلام ثوري، وحفز عالي للشعور الوطني حتى لا يسقط الشعب في اليأس ويستسلم "للثورة المضادة".

جاءتني هذه الصورة لصفحة جريدة الأخبار، أو هذه الصورة للإعلام الداعم للثورة ، جاءتني في الوقت الذي كنت فيه منشغلا بالإعلام المصري في موقفه من ثورة الشباب، وكيف أن الثورة عارية من أي غطاء الإعلام الرسمي يدعمها ويحمل وجهة نظرها لعموم الناس، وأدهشني بعض المواطنين في الشارع مع برنامج " بلدنا بالمصري "، وكيف أن البعض بدأ يفقد الأمل ، أو أن "الثوار باعتصامهم الأخير يضيعون ما أنجزته الثورة!!"
هنا لا وجه للمقارنة بين إعلام الأمس الداعم لثورة يوليو التي كانت قد خسرت معركة وفقدت أرضا، والإعلام الرسمي اليوم الذي يقف وراء (أو دعنا نقول: لا يقف وراء) شباب حرروا البلاد من حكم مستبد دام 60 عاما ، ومارس أبشع صور استبداده وفساده وقمعه في الثلاثين عاما الأخيرة؛ شباب حرروا البلاد في 18 يوما فقط ؛ شباب لم يبخلوا بدمائهم وأرواحهم بل قدموها فعلا لا مجازا في آلاف الشهداء والمصابين،

- مش على طريقة "بالروح والدم".. والناس تروح؛ ولكن بالروح والدم من غير هتافات، بالروح والدم فعلا، والدليل أنهم لم يعودوا لمنازلهم، بل عادت اجسادهم الطاهرة، أو عادوا بأعضاء مهشمة، أو لم يعودوا؛ أذ منهم من يرقد بعد في المستشفيات في انتظار علاج قد يطول وقد لا يحقق النتائج المرجوة.

أين الإعلام الرسمي من هؤلاء الشباب ؟ أين هو بعد أن تجاهل ثورتهم أصلا ، وحان الوقت كي يكفر عن خطيئته، الشباب يقف في الميدان بلا غطاء إعلامي، دون إعلام يدعم مطالبهم، فالقنوات الرسمية إما تتجاهلهم ، أو تحاورهم بطريقة المتحدث بإسم المجلس أو الحكومة ، أو بمنطق المشكك في سلامة موقفهم، كأن يصرح أحد مقدمي البرامج الإخبارية في الفضائية المصرية:

- كويس إنكم بتقبلوا الرأي الآخر، مع إن الفكرة المأخوذة عنكم انكم لا تقبلوا بالرأي الآخر!

أو أن يتولى مقدم البرنامج الرد نيابة عن المجلس أو الحكومة، أو أن يقاطع الشباب أثناء قيامهم بالرد، مع كافة الممارسات التي تظهر الإعلام وكأنه لا يتجاهل الشباب وفي نفس الوقت يمارس تقنيات العهد البائد في التقليل من قوة رسالة الشباب للمستمع الكريم، والمحصلة:

- الشباب في ثورتهم بلا غطاء إعلامي.

وكأنها صارت معركة بين الفيسبوك والإعلام الرسمي: الأول يصل إلى فريق محدود ، والثاني يصل للقطاع الواسع من المجتمع المصري.

هذا في ظل بيانات المجلس التي تخلط (أو فلنقل لا تفرّق بوضوح) بينهم وبين البلطجية، هؤلاء البلطجية (متعددوا المواهب): من يقفون مع الأمن كي يدعموهم في مواجهة الثوار، أو يندسون بين الثوار كي تصبح ثورتهم "ثورة بلطجية"، وإعلام رسمي يدعو:

- لإزالة القلاقل، والعودة للاستقرار وان هناك المتربصين بمصر والثورة (هذا ما قاله اليوم نصا مذيع النشرة الفضائية المصرية).

لقد بدأ الشباب ثورتهم من الشارع ، وبقوا في الشارع بعيدين عن دائرة صناعة القرار، مع أن مكانهم لم يعد في الشارع ولكن كان يجب أن يكون في دائرة صناعة القرار، مكانهم داخل الإعلام الرسمي المسموع والمقروء، كي يعبروا عن ثورتهم. إن غياب الشباب عن إدارة إعلامهم هو في حد ذاته "ثورة مضادة."
ولكن حتى وإن حاول هذا الإعلام الموجه أن يسحب الأرض من تحت أقدام الشباب، وأن يضعف من إيمان الشعب بالثورة ويفصل بينهم وبين الثوار، سيبقى أمام الثوار مقولة الروائي جابرييل جارثيا ماركيز (التي رددها محمد البرغوثي، وبهاء طاهر) :

- إن الثوار الذين يقفون فى منتصف الطريق، يحفرون قبورهم بأيديهم، لأنهم لم يحققوا الهدف الرئيسى.

وسيبقى خيط رفيع بين الشباب والشعب، خيط من دم الشهداء لا ينقطع ويربط بينهم ، ففي أقسى درجة اليأس والإحباط لن تنفصم هذه الصلة مهما عمل الإعلام على "تبريد الثورة"، فالدماء أكثر حرارة من أن تبرد أو تُبرّد، بل أن هناك دَين في عنق الشباب أن "يجودوا هم بدمائهم إن تطلب الأمر دماء جديدة،" هكذا قال عمرو صلاح عضو إئتلاف شباب الثورة في لقائه مع ريم ماجد في برنامج "بلدنا بالمصري".

مرة أخري في "جمعة المتابعة" تتباين الأنباء بين استمرار الاعتصام وإضراب البعض عن الطعام ، وبين تأكيد المذيع في نشرة الأخبار بالفضائية المصرية :

- أنه لا صحة لما تردد عن وقف القضاء العسكري.

أي أننا بين المضي قدما في المزيد من الثورة ، ومضي المجلس قدما في تجاهل مطالب الثوار، وإعلام مكمم لم يفرج عنه بعد.

يجب أن يتحرر هذا المشهد كاملا : شباب في العراء معنويا وسياسيا ، وشعب لا تصله رسالة الشباب كاملة واضحة، ورئيس وزراء مقيد الصلاحيات بين.

يجب أن تنضج الثورة حتى يتفاوض الثوار بأنفسهم حول مطالبهم – دون وسيط - وأن يكون لهم إعلامهم الذي يتحدثون فيه مباشرة مع الشعب ، على طريقة التي اتبعتها فيما سبق جريدة "الأخبار" في تضامنها الصريح مع الثورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ctمقتل فلسطينيين في قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا وسط رفح


.. المستشفى الميداني الإماراتي في رفح ينظم حملة جديدة للتبرع با




.. تصاعد وتيرة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله وسلسلة غارات على


.. أكسيوس: الرئيس الأميركي يحمل -يحيى السنوار- مسؤولية فشل المف




.. الجزيرة ترصد وصول أول قافلة شاحنات إلى الرصيف البحري بشمال ق