الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازمة الديون تنتقل الى ايطاليا

فهمي الكتوت

2011 / 7 / 15
الادارة و الاقتصاد


ازمة المديونية في الولايات المتحدة الامريكية واوروبا تهدد الاقتصاد العالمي في العودة الى الركود الاقتصادي، وقد يشهد العالم ازمة مالية حادة تؤدي الى انهيارات جديدة في المؤسسات المالية والمصرفية، وقد شهدت ايطاليا ثالث اكبر اقتصاد في منطقة اليورو ارتفاعا كبيرا بنسبة فوائد سندات الخزينة، علما انها تعاني من اعلى نسبة ديون في دول الاتحاد تعادل 120% من الناتج المحلي الاجمالي، فيما تراجعت أسهم مصارفها في البورصة بنسبة عالية، الامر الذي اثار مخاوف الاوروبيين من انتقال العدوى، فايطاليا ليست اليونان او البرتغال فهي احد اعمدة منطقة اليورو الثلاثة ، واقتصادها يوازي ضعفي اقتصاديات الدول التي تم إنقاذها وهي على حافة الافلاس- اليونان وايرلندا والبرتغال- وقد اقرت الحكومة الايطالية خطة تقشف في مطلع الشهر الجاري لتوفير 47 مليار يورو، الا ان ذلك لن يخرجها من ازماتها، فقد فشلت خطط التقشف في اخراج هذه الدول من الازمات، فمن المعروف ان خطط التقشف تعرقل انتعاش الاقتصاد، سواء كان ذلك بتخفيض النفقات او زيادة الضرائب، كما تضعف فرص الحد من اتساع ظاهرة البطالة وتسهم في توسيع دائرة الفقر، وتنصب معظم اجراءات التقشف على حساب العمال والموظفين، وعلى تقليص الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية، وارتفاع تكلفة المعيشة، اضافة الى تخفيض المساعدات المقدمة للدول الفقيرة.
وقد هوت مؤشرات الاسهم في معظم البلدان الرأسمالية الاسبوع الماضي، بسبب تفاقم أزمة المديونية في أمريكا ودول الاتحاد الاوروبي، خشية من اتساع حدود أزمة الديون، ففي ايطاليا تراجعت بنسبة 4% كما تراجع مؤشر كاك الفرنسي بنسبة 2.7% وهبط مؤشر داكس في ألمانيا بنسبة 2.3%، وقادت أسهم البنوك منحى الهبوط في مؤشرات الاسهم الاوروبية، فقد هبطت أسهم بنك يونيكريدت الايطالي بنسبة 6.3%، وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي لأسهم الشركات الامريكية الكبرى بما يعادل 1.20%، وفقد مؤشر ستاندرد اند بورز بنسبة 1.81 %، بينما هبط مؤشر ناسداك بنسبة 2%.
فالاقتصاد الامريكي يعاني من انتكاسة جديدة خلال شهر أيار الماضي تمثلت بزيادة معدلات البطالة لتصل الى 9.2%، وارتفاع العجز التجاري بشكل كبير ليبلغ 50.2 مليار دولار منه 25 مليار دولار مع الصين وحدها، مسجلا اعلى مستوى منذ تشرين الاول ،2008 والمديونية تجاوزت الحد المسموح به 14.3 تريليون دولار، وما زالت الادارة الامريكية عاجزة عن الوصول لاتفاق مع الكونغرس الامريكي لرفع سقف الدين العام لتتمكن الدولة من الوفاء بالتزاماتها. وقال الرئيس الامريكي باراك أوباما إن الاقتصاد الامريكي ما زال أمامه طريق طويل يخوضه قبل الوصول إلى انتعاش اقتصادي قوي، وأشار أوباما ان حكومته وفرت أكثر من مليوني وظيفة في القطاع الخاص خلال الشهور الستة عشر الماضية، غير أن فترة الركود الاقتصادي كلفت الولايات المتحدة ثمانية ملايين وظيفة، وهنا لا بد من الاشارة ان الولايات المتحدة مقبلة على تطبيق سياسات تقشفية ستؤدي الى زيادة معدلات البطالة، وتحدث انتكاسة في النمو الاقتصادي. ومن جانب آخر حذرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد من ان عدم تمكن الولايات المتحدة من سداد ديونها سيؤدي الى ارتفاع نسب الفوائد، ومضاربات واسعة في البورصات وتداعيات مؤسفة، ليس فقط للولايات المتحدة بل ايضا لمجمل الاقتصاد العالمي، وسيؤدي إلى ارتفاع في أسعار الفائدة ويسبب انهيارات بأسواق المال العالمية.
عندما تتراجع مؤشرات الاسهم او ترتفع معدلات البطالة او تتفاقم المديونية، فنحن أمام إحدى مظاهر الازمة، اما جوهر الازمة فيكمن في علاقات الانتاج السائدة في النظام الرأسمالي، والتي تعكس سوء توزيع الثروة، فحرمان ملايين البشر من نصيبهم في الثروة يحدث اختلالا خطيرا في التوازنات الاجتماعية، وهنا ليس المقصود بالتوزيع العادل قيام الدولة بتوزيع الاموال على المواطنين، بل بتوفير فرص العمل لجميع المواطنين، فحرمان ما نسبته 10-30% من القوى العاملة من العمل، ما بين الدول الصناعية المتقدمة والدول الفقيرة، يؤدي بالتأكيد الى اختلالات في سوق العمل، وتتشكل البطالة كما هو معروف بسبب الركود الاقتصادي، مع التأكيد ان هذا السبب ليس الوحيد لتشكل البطالة، فهناك اسباب اخرى منها ما يعرف بتشديد استغلال العمال الذين هم على رأس عملهم، ففي ظل تطوير التكنولوجيا واستخدام احدث وسائل ثورة المعلومات، يجري الاستغناء عن جزء مهم من العمال في المصانع والمؤسسات العامة مع زيادة الانتاجية، وهي تكرار للظاهرة التي برزت مع بداية الثورة الصناعية في إحلال الالة محل العمال لتحقيق الثراء للاحتكارات، والبؤس للعمال، ويخلق ما يسمى "باحتياطي جيش العمال"، هذه السياسات تضعف القدرة الشرائية للمواطنين، وتسهم في تعميق الاحتقانات الطبقية، فالاحتكارات الرأسمالية نجحت في تعويض الخسائر التي فقدتها نتيجة الازمة المالية والاقتصادية العالمية، الامر الذي يتطلب زيادة مساهمتها في ايرادات الخزينة لتخفيض عجز الموازنة، خاصة وان اجهزة الدولة مسخرة بالدرجة الاولى لمصالحها، بدلا من تحميل العمال والموظفين اعباء الازمة الاقتصادية، والاسهام في معالجة قضية البطالة التي تعتبر مع تفاقم المديونية من اهم عناوين الازمة في المرحلة الراهنة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - وزير التموين: سنكون سعداء لو طبقنا الدعم النقدي


.. كلمة أخيرة - وزير التموين: صندوق النقد لم يطلب خفض الدعم.. و




.. منصة لتجارة الذهب إلكترونياً بالحلال


.. البنك المركزي اليمني يوقف التعامل مع 6 بنوك لم تلتزم بقرار ن




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 1–6-2024 بالصاغة