الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أموات سورية لا يموتون

علي الأمين السويد

2011 / 7 / 16
كتابات ساخرة


بالرغم من مسلسل إراقة دم خُطَّابِ الحرية و الكرامة السوريون الطاهرون من قبل عصابات النظام الرسمية و الشبيحة، لم تخل فصول هذه الانتفاضة من كوميديا تسخر من المجرم و تهزأ من أدواته. فهؤلاء شباب ترجموا على لوحاتهم المرفوعة كلمات الرئيس السوري السابق بشار الأسد على حقيقتها حين تكلم و حين يتكلم، فعلى سبيل المثال، تمت ترجمة الإصلاح، مثلاً، بصور تظهر الرئيس المخلوع بشار الأسد وهو ينزع عضو حمزة الخطيب، أو وهو يقتل الجراثيم بالدبابات والرصاص ومن ثم يشار إلى هذه اللوحات على أنها نوعية إصلاحات بشار، ومن تلك اللوحات واحدة كتب عليها:" النظام يحاور الفنانين، والدبابات تحاور الشعب" وقس على ذلك.
وقام شباب آخرون بصناعة أسلحة قوامها ثمار الباذنجان والخيار و الكوسا على أساس أنها قنابل يدوية تنثر البذور بدل مسامير الموت، و آخرون تسلحوا بحمير حقيقية على أساس أنها "ذات" آليات الرباعية الدفع المتطورة التي تحدث بشار الأسد عن امتلاك الجراثيم – يعني المتظاهرين لها أثناء خطابه الأخير.
و من إبداعات الفيديوهات القصيرة التي تصور المفارقات التي يظهر فيها غياب صواب النظام بطرق تسلط الضوء على ممارساته اللانسانية في اغتيال حق الحرية والكرامة وسرقته من بين يدي من يحاول امتلاكه بعد طول انتظار.
ومن هذه الفيديوهات فيديو قصير في مدة عرضه، غير أن له جذوراً ضاربة في الزمن، صائبة أهدافه ومعانية الهدف دون أدنى خطأ. هذا الفيديو صوَّره شباب من مدينة تدعى كفرنبل وهي مدينة يغلب عليها الطابع القروي و تقع في جبل الزاوية في الشمال الغربي من سورية.
يظهر الفيلم القصير أمواتاً خرجوا من القبور تنادي بإسقاط النظام السوري تضامناً مع الأحياء في مدينتهم وفي وطنهم الأكبر – سورية.
http://www.youtube.com/watch?v=PW8RucxzlGM
والسؤال المهم، هل يعتبر هذا الفيلم مادة كوميدية بحتة فقط؟
قد تكون الإجابة على هذا السؤال مفاجئة للجميع إن قلت لكم أن هذا الفيلم القصير هو تقريري حقيقي أكثر منه فكاهي ترفيهي، و حقيقة جاء القسم الفكاهي منه فكاهياً فقط لان المشاهد لا يدري بتفاصيل القصة الأصلية.
لنعد قليلاً للمادة الفيليمة تلك، فهذه المشاهد تظهر أن الأموات تريد إسقاط النظام، فهل يحق للأموات أن تطالب بإسقاط النظام؟ في الحقيقة هذا سؤال أقل ما يقال عنه أنه مخالف للمنطق البشري ولكنه ليس كذلك في سورية، ففي سورية يحق للأموات أن تسقط النظام طالما أنهم أي الأموات ينتخبون الرئيس وهم في جاثمون قبورهم منذ مئات السنين. ولتوضيح ما قد يلتبس على القارئ الكريم أقول نعم إن الأموات في بلدي يحق لهم أن يطالبوا في إسقاط النظام فقد ذهبت(1) شخصياً في عام 2000 لإزالة هم التصويت عن كاهلي خوفاً من هاجس المحاسبة من قبل الأمن كتقية، وصلت إلى المركز الانتخابي لأجده فارغاً إلا من شخص واحد ووحيد يجلس كحارس على صندوق الاقتراع، فاستقبلني، لمعرفته بي، ثم بدا حديثه معي معاتباً لي على سبب تكبدي عناء القدوم من اجل "الانتخاب"، وعند استفساري عن سبب عتابه "غير المفهوم"، قال انه ليس هنالك داعِ لقدومي لأن هنالك من قام بقول نعم للرئيس بشار الأسد عني وقد انتخب عني وعن أبي و عن أمي و عن زوجتي و عن جدي رحمه الله و عن جد جدي رحمه الله و عن كل أقربائي في القوائم الرسمية المأخوذة من السجلات المدنية.
فإذا كانت الأموات تخرج من قبورها لتنتخب آل الأسد، و انتخابها يرفع نسبة فوزهم إلى نسب فلكية تثير حسد الحساد، فمن حقهم الشرعي أن يطالبوا بإسقاط النظام حسب معايير الديمقراطية البعثية الفريدة.
وهنالك نوع من الأموات يتململ تحت التراب سيخرجون من تحت تراب حماه، و جبل الزاوية و تدمر يطالبون بشهادات وفاة لم تصدر لهم، ويطالبون بأن يكف ذويهم عن انتظارهم في حياة الدنيا، و يخطروهم بأنهم هم من ينتظرونهم في العالم الآخر منذ زأر الأخوين حافظ ورفعت و افترسوهم في حلكة ليل بعيد عن أعين الأحرار ولكن ذلك تم أمام أعين الجبناء، ولكن الأخوين حافظ و رفعت لم يبلغا و لم يعطياهما الدرس كما ينبغي للأخوين الصغيرين بشار وماهر ولم يجعلاهما يستوعبان بان أموات سورية لا يموتون.
ولا يقتصر طلب إسقاط النظام السوري على الموتى السوريين منذ مئات السنين فحسب ، بل انتشرت عدوى هذا النوع من المطالبات إلى الدول المجاورة، فها هو دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري يرفض أن يرفض أن يموت هو الآخر قبل أن يَجرَّ إلى مرقده أقطاب النظام السوري من أوله إلى آخره، ومرة أخرى نسي الأخوين حقيقةً لا تسطع شمسها إلا في سورية تقول أن أموات لبنان مثل أموات سورية الذين نحرهم النظام من الوريد إلى الوريد، يرفضون الموت والرقاد بسهولة كما يشتهي النظام وإنما يصرخون من قلب التاريخ بأنهم يرفضون الموت تماماً كما صدحت جوليا بطرس في وجه الصهاينة :"منرفض نحن نموت، قولولن رح نبقى."

ملاحظة:
(1) هذه الحادثة حقيقية وقد حدثت معي شخصياً في عام 2000.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق


.. جولة في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2024 | يوروماكس




.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي