الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بعد عرفات بدأ ... بإطلاق النار على خلفه

هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)

2004 / 11 / 18
القضية الفلسطينية


لا أعتقد أنه يمكن عزل حادثة اطلاق النار على محمود عباس عن السياق. فهو الذي كان مقصودا بالعملية, التي قتل فيها حارساه. والرجل يمثل ببساطة عملية أوسلو. فهو الذي تفاوض , وهو الذي وقع على الاتفاق. وهو الذي أصبح اليوم في محل عرفات على رأس منظمة التحرير. وقد لا يكون هذا كله مرضيا لبعض المنافسين.
وقد استوقفتني ثلاث ملاحظات تتعلق بمرحلة ما بعد ياسر عرفات , كتبها الباحث ناذان ج. براون في مؤسسة "ميدل ايست انستيتيوت" بلندن, في 3 نوفمبر الجاري. وبالرغم من أن هذه المرحلة تتسم بالحزن والعاطفية الجياشة, فإنها ستكون حاسمة بالنسبة للمستقبل القريب اذا لم يعرف الفلسطينيون كيف يسيطرون على واقع نفسي واجتماعي وسياسي مضغوط بشدة وانفجاري. والدليل على هذا ما حدث من عنف واطلاق نار بحضور أبو مازن , وقد تكون محاولة اغتيال , وقد يكون مجرد تهديد. وإذا لم يستطع الفلسطينيون أن يسيطروا على هذا الانفلات العصبي, فإن ضيقهم سيكبر. إننا نحتاج الى العقلانية وتفهم ما يحدث بموضوعية. وما يقوله بعض المتابعين حول هذه المرحلة يستحق الانتباه. يشير ن.ج. براون الى :
1- أن احدى خصائص زعامة عرفات كانت عدائيته نحو أي تنمية أو تمثيل مؤسساتي. فعرفات تصرف في الميزانيات متجاهلا قوانين كان هو نفسه الذي أصدرها وسير المنظمات الفلسطينية كما لو أنه كان مسؤولا عنها أمام الشعب بصفة عامة وليس أمام أحد بصفة خاصة.
2- أن المرحلة منذ توقيع اتفاقيات أوسلو وخاصة منذ اندلاع الانتفاضة الثانية في سنة 2000 تميزت بتزايد الغموض والالتباسات حول وظائف الاجهزة والتداخل بين منظمة التحرير والسلطة الوطنية دون تحديد واضح لدور كل منهما.
3- وأن قسما كبيرا مهما من الفعاليات السياسية الفلسطينية متمثلا في الحركات الاسلامية ترك على هامش النظام وخارج هياكله. فالاسلاميون الفلسطينيون الذين لا ينكر أحد أهميتهم لم يستطيعوا أن يندمجوا , لا داخل منظمة التحرير , ولا داخل السلطة الوطنية, لأنه لم يكن هناك من يقيم تقييما موضوعيا وزنهم السياسي.
فهل ينكر أحد وجاهة هذه الملاحظات ؟
هناك مشكلة خلقها غياب عرفات المفاجئ, تتمثل في هذا الفراغ السياسي , الذي لم يستطع أحد ملأه الى حد الآن, ولا ندري إذا كان ذلك ممكنا بسهولة. المسألة ببساطة هي أنه مع وجود قوانين , ومع معرفة مسبقة بأجندة السلطة الوطنية, فإن الاشكاليات المعقدة التي وقع تجاهلها في عهد عرفات مستمرة الآن أيضا. وإذا بدا للبعض أن المسألة ستحل بيسر يوم يخرج الشعب الفلسطيني لاختيار رئيس جديد في 9 يناير/ كانون الثاني القادم, فلا بد أن نلاحظ أن تنظيم انتخابات في عهد عرفات – كان يعرف رابحها بشكل مسبق – ليس كتنظيم انتخابات يتعدد فيها المتنافسون. فهنا التحديات أكبر وأهم. وقد تكون المصداقية أكبر أيضا اذا نجح الفلسطينيون في تحقيق انجاز ديمقراطي, ولكن الأسئلة مع ذلك لا تزال كثيرة.
لقد عبر السيد جورج بوش – وكذلك الاسرائيليون – عن رغبتهم في استئناف عملية السلام, بعد أن غاب عرفات عن المسرح. وهناك اعتقاد لديهم أنه سيكون من الأسهل التعامل مع من يخلف الزعيم الفلسطيني الراحل, وهم يقصدون بذلك شخصيات مثل محمود عباس وأحمد قريع وصائب عريقات وغيرهم ممن شارك بفعالية ونشاط في عملية أوسلو التفاوضية وفي السلطة الوطنية. ولكنهم ينسون أن الفراغ الذي تركه عرفات سيحاول آخرون ملأه أيضا, وأن "الآخرين " ليسوا بالضرورة ممن شارك في عملية أوسلو أو رضي عليها, وأنهم أيضا لهم شعبيتهم وصيتهم داخل الساحة الفلسطينية . وليس المقصود هو الاسلاميون فقط, وإنما أيضا تلك الشخصيات التي تنتمي الى النضال الفلسطيني العلماني منذ وقت مبكر, مثل فاروق القدومي وهاني الحسن ونايف حواتمة وغيرهم.
ويعني هذا على الأقل أنه خلافا لما يعتقده الامريكيون والاسرائيليون , قد تسير الأمور بعد عرفات , في اتجاه آخر غير الذي سعوا اليه في عهده, وعندما فشلوا في تحقيقه انقلبوا عليه , وطالبوا بإقالته وابعاده وعزله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رد إسرائيلي ضبابي على خطة بايدن حول غزة • فرانس 24


.. باب الويب • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أفشلت مخطط السيطرة.. خامنئي: عملية طوفان الأقصى أفشلت محاولا


.. الجيش الإسرائيلي: أنهينا تدريبات مقرات قيادة على مستوى هيئة




.. ألمانيا.. مسيرة تضامنية مع غزة في برلين تطالب بوقف إطلاق الن