الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- التيار الديمقراطي- و اليسار و الديمقراطية المدنية 3

مهند البراك

2011 / 7 / 17
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


و في الوقت الذي اخذت تزداد فيه نزعة " لنعمل معاً " ، القائمة على ادراك اهمية ذلك، كما يجسدها " التيار الديمقراطي " بقيامه على اساس تحالف سياسي يضم : الحزب الشيوعي العراقي، الحزبين الوطنيين الديمقراطيين، الحركة الاشتراكية العربية، اضافة الى شخصيات ديمقراطية مستقلة، لمواجهة مهام اليوم الصعبة . .
تنتظر اوساط ان يبادر اليسار الماركسي الديمقراطي الى توحيد نفسه، ليس كبديل للتيار و انما في هدي تلك الروحية، و استكمالاً له كتحالف (1) . . في ظروف يرون فيها، كيف تتسارع قوى متنوعة من مستفيدين و نفعيين لتوحيد صفوفها في جبهات مؤثرة تحت راية القومية الضيقة و الطائفية، رغم حجم الاختلاف الكبير بينها الذي وصل مرارا حد الاقتتال الدموي. لأخذ نصيب من السلطة السياسية و لترسيخ مكانة في المجتمع، بتوظيفها المحاصصة الطائفية و العرقية لذلك . . و بدعم و اسناد من النظام الإقليمي و الدولي، الذيّ دعم و عزل و ضغط و يواصل الضغط في محاولات لتحديد طريق محدد للمسار بعد سقوط الدكتاتورية، بما يخدم مصالحه . .
ففي الوقت الذي خاض فيه عضو تحالف " التيار الديمقراطي " الحزب الشيوعي العراقي ـ اكبر قوى اليسار و اكثرها تنظيماً ـ و مؤازريه و القوى الديمقراطية، منظمات و شخصيات . . نضالاً صعباً لم يعرف المهادنة ضد الدكتاتورية، سياسياً و مسلحاً كما مرّ . . و ادى الى خسارته اعداد كبيرة من كوادره و ناشطيه شهداءً، لا يمكن تعويضهم بسهولة، و الى تحطيم و تشريد و شلّ الآلاف من عوائل مناضليه . . بعشرات الأجهزة المتخصصة تخصصاً شيطانياً بتحطيم المعارضة اليسارية الديمقراطية فكرياً و جسدياً طيلة ربع قرن . .
التي ادّت من جهة اخرى و بسبب ظروف العمل السري الشاقة، الى تجاوز الديمقراطية الداخلية في الحزب و اعاقة نموها و تطورها و غلبة الطابع الستاليني على منظماته في تلك الحقبة، بسبب مخاطر الإندساس و التدمير و الحذر من الوقوع في قبضة الأعداء . . وادّت مقاومة الحزب لحماية نفسه اضافة الى عوامل اخرى، الى تكريس خللات عشعشت فيه و اخطاء . .
و بذلك قامت الدكتاتورية و اساليب بطشها بمعارضتها ـ و خاصة اليسارية ـ التي لم تلق دعماً دولياً و اقليمياً بمستوى ما واجهته طيلة عقود، وسط شعب يزداد تكبيلاً و مذلّة و مهانة . . قامت بكل ما ادىّ الى تدمير و شلّ اجيال، فكرياً و سياسياً ، و الى هبوط الوعي المجتمعي هبوطاً مريعاً . . حيث أزهقت الكثير من الأرواح البريئة و المكافحة لأجيال، وتعطلت عقول متنورة كان بالإمكان أن يكون لها شأناً عظيماً في البلاد اليوم . . التي لو سايرت الدكتاتورية لكانت في مواقع علمية و اجتماعية لاتقاس بما تعيش عليه الآن، الاّ انها رفضت و قاومت و ضحّت بالكثير الكثير .
منها اعداد كبيرة اضطرت لترك الوطن و هامت على وجهها و ضاعت، و اخرى تاهت بعد محاولات لمواجهات و لتصحيح مسارات و آليات، بعضها اعتقدت على نبلها انها بنشاطها لوحده قادرة التغيير في وقت انعدم فيه ايّ ضوء في نهاية نفق تلك العقود . . اضافة الى تواصل الترديّ حتى بعد سقوط الدكتاتورية رغم انجازات، الأمر الذي لم يؤديّ بالتالي الاّ الى عزوفها عن السياسة و عن الوطن الذي احبّته و قدّمت له اغلى ماتملك . .
على ذلك يرى قسم كبير بانه قد لم يعد من العملي الآن سياسياً و جماهيرياً (2)، ألمطالبة بألإنطلاق من الماضي ونبشه و محاولة معرفة (أسبابه الحقيقية) في تنظيمات اليسار، لمحاولة تشخيص كيف و من، لمعاقبته و لتنتهي (المأساة )؟! (3) و كأن المسؤول عن ذلك هو شخص او بضعة اشخاص بعينهم، عن احداث جسام جرت خلال اربعة عقود، تغيّر خلالها العالم و المنطقة الإقليمية و البلاد و شعبها و منطقها السياسي و وعيها، تغييراً هائلاً حتى صار يبدو الماضي و كأنه منقطعاً عن متطلبات آليات تفكير و نشاط اليوم . .
و يرون باختصار، المطلوب تقييم الماضي باتجاه بناء حركة تواجه الواقع القائم للسير نحو آفاق افضل و أن تؤخذ الأخطاء بسياقاتها التأريخية ـ و يرى البعض بأن يعهد تقييم ذلك الى لجنة يتفق عليها من ذوي الكفاءة في سياق نشاط يساري مشترك و ليس كشرط قبله ـ .
و يرى آخرون بكونه غير مجدي، لأن البقاء بالدوران في فلكه و في دائرة ( كنّا و كانوا ) فقط، و الأحداث و التغييرات و اعادة التكوّن و الإصطفاف تسير بسرع عالية لاتنتظر، و لأن ذلك لايمكن ان يؤديّ الى نشاط فعلي من مستوى جديد منتظر لابد منه لخدمة قضية الشعب و كادحيه اليوم . . فالأمور لاتسير بالتمنيات الطيبة و الرغبات الفردية كما يبيّن توالي الأحداث، و انما بكيفية مواجهة الواقع القائم موضوعياً الآن، رغم صعوبة ذلك لمن عاش المرارات و تكوىّ بها . . فيما شباب اليوم بطبعه ينظر و ينشط الى الأمام و لاينتظر، و لايريد ان يعيش مآسي السابقين و تعقيداتهم التي تربكه، و يرى قسم منهم بأن صيغة و كينونة احزاب الأمس لا تلبي مطالبه و آماله . .
و من جهة اخرى، لأن الأسباب الأساسية بالنتيجة النهائية (عدا التفاصيل) تكمن في نفس اسباب محنة شعبنا الموروثة من الدكتاتورية و تواصل المحن بعد سقوطها، و تكمن في محن الحركة الشيوعية العالمية و في ان عملية التجديد الحزبي قد بدأت متأخرة ترابطاً بالأحداث، و انها تسير ببطء مؤسف قياسا بسرعة تتالي الأحداث . .
في وقت يلاحظ كثيرون فيه بانه حتى التكتلات التي خرج قسم منها من الحزب الشيوعي(4) بالتوالي طيلة عقدين و استمرت بحمل اسمه (5) ، بقيت اسيرة الماضي و اسيرة اشخاصها و لم تقدّم بديلاً واقعياً غير اساليب اطلاق فضائح رنّانة و تسقيط و تهجم على الحزب، سياسة و ناشطين و وجوهاً معروفة، رغم جهود تبذل مع بعضها . . بدلاً من توجهها الى الجماهير بوجهة افضل و تبني مطاليبها و الدفاع عنها، لتكوين تنظيم افضل و حزب افضل ـ برأيها و كما تروّج ـ ، افضل من الحزب المتواصل الحضور على الساحة مع الجماهير . . حيث فيما انضم بعضها بعدئذ بشكل مؤسف تحت خيمة الدكتاتورية مختاراً، انضم بعض آخر الى (المقاومة) الطائفية و الشوفينية و استمر آخر بالإنشطار او بانتظار تكوّن تجمّع جديد . . (باختصار لابد منه في مقال)
و يرى كثيرون ان تحرك القوى اليسارية و الديمقراطية اثر سقوط الدكتاتورية لم يكن بطيئا الاّ لأفتقارها للدعم الإقليمي و الدولي اسوة بالقوى الأخرى التي صارت به متنفذة، في الظروف التي عاشتها و لا تزال تعيشها البلاد منذ اكثر من عقدين . .
اذ رغم سقوط الدكتاتورية بحرب خارجية اعلنت جهاراً الأهمية الستراتيجية للعراق في سير المصالح و الموازنات الدولية و الإقليمية، في زمان العولمة الرأسمالية . . جاء نظام المحاصصة الطائفية و العرقية و كأنه مسعى لابعاد القوى اليسارية الديمقراطية عن المساهمة في اختيار و رسم مسار البديل المدني الفدرالي . . و جاءت معه مشاريع معدة سلفاً و بالتعامل مع افراد منها و باغرائهم و تشجيعهم على الإنضمام الى احدى الكتل الكبيرة لكفاءاتهم و خبرهم او تكوين تجمّع ضمن اطار تلك الكتل، كاشفة عن دور المال السياسي و الدور الإعلامي الفائق الأهمية في عالم و مجتمع اليوم . . الذي غطّى حتى على التحالفات التي ناضلت بكل الوسائل لإسقاط الدكتاتورية و قدمت آيات التضحيات من اجل البديل الديمقراطي الفدرالي المدني . .
الأمر الذي ادىّ الى تبعثر تجمعات ديمقراطية و يسارية كانت موجودة اصلاً، و اعلان و نشوء جديدة متنوعة ليست سياسية و انما عدد كبير منها مهنية، شبابية، اصلاحية، خيرية و منظمات مجتمع مدني متنورة و متفتحة عديدة . . فيما توزعت اخرى على كتل برلمانية داخلية و خارجية للحصول على مقعد او دعم مالي ، سواء لإنشاء مشاريع اعلامية و سياسية و اجتماعية ناشطه او لغير ذلك، و نشطت وجوه اكاديمية و اجتماعية قام و يقوم عدد واضح منها بخدمات و بجهود جليلة داعية و داعمة لليسار و الديمقراطية، و من اجل الدولة المدنية الفدرالية . . (يتبع)


14 تموز / 2011 ، مهند البراك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. و يرى البعض بانها أهم من التيار الديمقراطي .
2. رغم تواصل اهميته الستراتيجية سياسياً و حزبياً و تأريخياً، و الإستفادة من دروسه في النشاط الحالي و توضيحها للأجيال اللاحقة .
3. على حد تعبير اوساط يسارية غير قليلة .
4. اضافة الى تشكّل منظمات و مجاميع حملت اسمه معدّلاً، منها من يعلن و يناضل من اجل اهداف اكثر راديكالية في عدد من المدن، و اخرى في الخارج بدعم من الأممية الرابعة و غيرها . . و تعاني اكثرها من انشطارات متتالية، لأسباب يغلب عليها الطابع الشخصي و المنافع، بتقدير مطلعين و مراقبين . .
5. لاحظ مغزى اهمية الإسم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ردود فعل الدول المغاربية على فوز اليسار الفرنسي في الانتخابا


.. عد تقدم اليسار في الانتخابات.. ماكرون يطلب من رئيس الوزراء ا




.. بعد فوز اليسار.. سيناريوهات تشكيل الحكومة الفرنسية


.. حظوظ معسكر ماكرون في تشكيل الحكومة.. اختلاف اليسار يسهل المه




.. الآلاف من أنصار تحالف اليسار الفرنسي يرفعون العلم الفلسطيني