الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربيع العربي والفوضى الخلاقة

عدنان الاسمر

2011 / 7 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


الربيع العربي والفوضى الخلاقة
أخذت ثورات الشعوب في العديد من دول العالم أشكال حديثة تبدو وكأنها تتناقض مع العلم الثوري التقليدي الذي اشترط عوامل موضعية وذاتية لقيام الثورة وانتصارها أما ثورات الشعوب العربية الراهنة فقد تعرضت لتشكيك حيث اعتبر البعض أنها احد أشكال الفوضى الخلاقة التي تهدف الإدارة الأمريكية لافتعالها في الدول العربية ولمناقشة هذا الرأي يجب توضيح ما يلي :
 يتميز الفكر السياسي الرأسمالي بالمرونة والتكيف وتبني نظريات جديدة والتخلي عن النظريات المطبقة في مرحلة تاريخية محددة فبعد انهيار منظومة الدول الاشتراكية ظهر في الفكر السياسي الأمريكي مفاهيم سياسية عدة أهمها الصدمة والرعب,الحرب الاستباقية ,العولمة ,الفوضى الخلاقة ,الشرق الأوسط الجديد ,الدبلوماسية الوقائية,السيادة المنقوصة للدول,القوة الناعمة , أما الفوضى الخلاقة فهي مفهوم سياسي يعني العبث بالتركيبة الاجتماعية للدولة بهدف تفكيكها من خلال الدفاع عن حقوق المرأة والإنسان والطفل والقومية والدينية ووضع مكونات المجتمع في مواجهة دائمة بهدف تفكيك الهوية الوطنية لعدة هويات وتشكيل ثقافة تتناقض مع الثقافة الوطنية.
 ثورات الشعوب العربية جاءت تعبيرا عن مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية التي تهدف للتحول الديمقراطي والاحتكام لصناديق الاقتراع واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة والتغيير السلمي للنخب الحاكمة فهي ضد الاستبداد والاستعباد والفساد وبالتالي لا يترتب عليها استلام طبقة نقيضة للحكم وإسقاط الطبقة الحاكمة وإنما التغيير في إطار بنية الطبقة الحاكمة فهذه الثورات انطلقت ضد أنظمة خدمة قوى الامبريالية العالمية والمشروع الصهيوني بإخلاص وتفاني وخاصة النظام المصري والتونسي واليمني والمغربي أو في أنظمة غير قادرة على الاستجابة لمضامين التحول الديمقراطي ليبيا,سوريا فهذه الثورات تعبيرا عن ضرورة تاريخية وليست استجابة للفوضى الخلاقة فهي أسقطت حلفاء أمريكا والكيان الصهيوني أمثال النظام المصري والتونسي .
 إن المراكز المسيطرة عالميا وخاصة الإدارة الأمريكية وبحكم نفوذها وهيمنتها لا يمكن إلا إن تحاول استثمار نتائج تلك الثورات والتدخل لصياغة مسارات تطورها وتبني أهدافها والدفاع عن مطالب الشعب والتخلي عن عملائها وأدواتها التقليديين والتاريخيين وهذه الفلسفة البرجماتية النفعية الأمريكية وهذا لا يعني مطلقا التشكيك في الثورات أو دوافعها أو أهدافها أو إنما يدلل على مستوى الهيمنة للمراكز على دول الأطراف في منظومة العلاقات الدولية الراهنة وسعي المراكز لتحقيق والدفاع عن مصالحها فهي ليست حيادية اتجاه الأحداث وخاصة في منطقتنا.
إن استراتيجة الخروج من تلك الأزمة والحفاظ على السيادة الوطنية ومنع تدخل الإدارة الأمريكية في الشؤون الداخلية للدول العربية تفرض الاستجابة السريعة لمقتضيات التغيير ومتطلبات التحول الديمقراطي واستيعاب مطالب المعارضة واستعادة المعارضة السياسية والوطنية المقيمة في الخارج وعدم اللجوء إلى القمع والاستبداد الشرس للقضاء على الحراك الشعبي لان ذلك سيمنح الشرعية لدول المراكز وخاصة الإدارة الأمريكية ويظهرها مدافعة عن الحريات العامة وحقوق الإنسان ويظهر الأنظمة العربية فاقدة للشرعية تمارس القمع الوحشي والاستبداد من هنا يمكن اعتبار ما حدث في عمان يوم الجمعة 15/7/2011 من قمع وحشي للمعتصمين في ساحة النخيل خطيئة كبرى يجب ألا تتكرر وإلا سيقع الأردن تحت وصاية المراكز الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان الأردني وحرياته العامة إمام نظام مستبد يمارس القهر مما يسهل تطبيق الأجندات الخارجية ذات الطبيعة التآمرية على الأردن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. ماذا حمل المقترح المصري؟ | #مراس


.. جنود أميركيون وسفينة بريطانية لبناء رصيف المساعدات في غزة




.. زيلينسكي يجدد دعوته للغرب لتزويد كييف بأنظمة دفاع جوي | #مرا


.. إسرائيليون غاضبون يغلقون بالنيران الطريق الرئيسي السريع في ت




.. المظاهرات المنددة بحرب غزة تمتد لأكثر من 40 جامعة أميركية |