الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشارع السوري والمعارضة إلى أين؟

راميا محجازي

2011 / 7 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


مازال الشارع السوري يهدر بشده تزداد يوماً بعد يوم , و تتعالى احتجاجاته ,وهو يزداد تصميماً على الاستمرار في ثورته إلى أن يهلك النظام البعثي الأسدي الذي أحكم الخناق على الشعب , وتمادى في طغيانه ؛ فتعدى على حرماته بعد أن تعدى على اقتصاده , و اغتصب حقوق البسطاء , والفقراء , و المستضعفين طوال أكثر من أربعة عقود . و في هذا الوقت الذي يناضل فيه الشعب في معركة يبحث فيها عن الحرية, و الكرامة, و الحياة الإنسانية نجد المعارضة السورية - بما فيها من أطياف و مذاهب - تسارع إلى تنظيم نفسها , ووضع البرامج وتنظيم المؤتمرات و الإعلان عن بيانات لمجموعات تختلف من تنسيقات الى ائتلافات ناهيك عن الأحزاب التي بدأت تلمس بوادر حياة جديدة تمارس فيها فاعليتها و نشاطاتها بكل حرية في المجتمع القادم المأمول , و لكن ما المجتمع المأمول من هذه الثورة ؟ و لم يضحي الثوار بدمهم و أرواحهم و أرواح أبنائهم ؟ أترى مطالبهم هي المطالب ذاتها التي تنزف أحبار المعارضة من أجلها ؟
لا أعتقد ذلك , ولوأنهما يجتمعان على هدف واحد ، وهو الخلاص من النظام الأسدي الوحشي القمعي , وإعادة الحرية و الكرامة و العدالة الإنسانية والاجتماعية المفقودة , و لهذا نرى ضرورة التعاون الكبيروالاتصال العميق بين الثوار في الشارع و المعارضة الداخلية و الخارجية . وإذا أمعنا النظر جيداً في تحركات كل من الشارع و المعارضة نجد ما يلي :
عندما خرج الشعب السوري إلى الشارع ثائراً كانت غالبية الثوار من الشريحة البسيطة التي ضاق بها القيد , خرجت لا لتطالب بسلطة و سيادة , وإنما لتفك عن أعناقها و أعناق أولادها أيادي كادت تخنقها , وعندما ثار الشعب وخرج أبناؤه عراة الصدور واجهه نظام وحشي دموي بالأسلحة و الدبابات و القنابل , لم يخف ! و لم يتراجع وعاود الخروج واضعاً روحه في كفه فقد ضاق ذرعاً باستلاب إنسانيته, و انتهاك حرماته , وسرقة أرزاقه , واغتصاب عرضه . خرج لأنه لا يريد لأطفاله حياة الذل و المهانة والخوف , وإنما مستقبلاً مشرقاً يشعر فيها بإنسانية محترمة إنه يتطلع إلى استعادة ما سلب منه من حقوق – فكان معترضاً رافضاً ثائراً على الظلم و الهوان و الاستبداد لا يحمل إيديولوجيا ولا فكراً حزبياً و لم يفكر إلى أي عرق ينتمي و لا إلى أي دين , خرج المسيحي و المسلم السني و العلوي , و خرج العربي و الكردي , فجميعهم في الهم سواء , و جميعهم في القهر سوريون.
أما المعارضة السورية فلا يوحدها إلا رفض النظام القائم و تختلف في الدوافع و الأهداف و كلها تدعي أنها تعمل من أجل إحلال ما تراه عدالة و مساواة , و تحقيق الحق , و محاربة الفساد للنهوض و الارتقاء بسوريا إلى الأفضل , و لكنها تختلف في الرؤيا و المصير و يمكن تصنيفها حسب النهج و الهدف إلى :
أولا : معارضة من قلب الشارع تسمع نبضه , و تشعر بآلامه و تحاول تضميد جراح الثوار النازفة و تسعى إلى إسماع العالم صرخته, فهي على احتكاك مباشر مع النظام و دمويته , لذا تجدها منسجمة مع الشارع , متناغمة مع نشيد ثورته وهتافاته و تجد رؤيتها تعكس صورته الحقيقية فتسمع منها اقتراحات تفي باحتياجات الثائرين , وطموحاتهم و هذه المعارضة , قد بلورت رؤيتها باتصالها مع معارضة الخارج الوطنية و هي الأقرب دون جدل من الشعب السوري .
النوع الثاني :المعارضة الداخلية الوهمية , وهي معارضة شديده الخطر على الثورة و الثوار, و قد ابتدعها النظام قناعاً ديموقراطياً يضعه وقت اللزوم , ومهمتها الحقيقية إمداد النظام بالوقت الكافي لحل أزمته ,و تنفيذ أغراضه و تكمن خطورتها في خديعة الثوار, والاحتيال على الثورة ومحاولتها الالتحام بالشعب الثائر لتأخذ دور ممثل الشعب و تحل محل المعارضة الشريفة التي ترفض التنازل و الحواروالتهاون في الحق الذي لم يعد النظام مؤتمناً عليه .
النوع الثالث:المعارضة الخارجية المنشقة عن النظام التي ترى من الفوضى التي رافقت تحركات الشارع , فرصة لإعادة هيمنتها على السلطة في سوريا , فهذا النوع من المعارضة يريد أن يقطف ثمرة الثورة , و قد نسيت ما ارتكبته بحق الشعب السوري , و لا تدرك أن الشعب السوري لا ينسى جراح الكرامة , و أنه واع و مدرك تماماً لتاريخها الأسود , و لن يترك الفرصة لها لتتسلق على أكتافه و تتغذى من دمائه
أما النوع الرابع من المعارضة فهو معارضة المغَرّبين الذين هجروا وطنهم و هرّبوا حريتهم و فكرهم و دينهم , فروا من القمع و البطش كي يعودوا في يوم ما يغرسون في أرضهم الأمل بالمستقبل المشرق و يبنون سوريا الحضارة سوريا المستقبل , هذه المعارضة لم تبخل على الوطن ,و لم تقصر في دعم الثورة إعلامياً و مادياً ,و سحب الشرعية عن النظام , و تحقيق التأييد الدولي للثورة , ومعاقبة المتورطين وتوجيه الثوار, ولا تزال تسعى محققة التكامل مع ثورة الداخل فلا يمكن فصلها ولا إقصاؤها, أوالتقليل من أهميتها فبدونها قد تنجح الثورة بإسقاط النظام و لكن سوف تغرق البلد بالفوضى لأن النظام الحالي لا يسمح بتنظيم المعارضة ، أو تشكيل حكومة إنقاذ وكلنا شهدنا ماذا حدث لمؤتمرالإنقاذ في الداخل ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا
انس صيداوي ( 2011 / 7 / 18 - 23:05 )
شكرا على هذا المقال و شكرا للحوار المتمدن لقد اعدتم لنا الامل والثقة الى شبابنا

اخر الافلام

.. دمار شامل.. سندويشة دجاج سوبريم بطريقة الشيف عمر ????


.. ما أبرز مضامين المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة وك




.. استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن


.. اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما




.. بايدن: الهدنة في غزة ستمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسر