الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خواطر أوحتْ بها قصة المعلمة

أسماء الرومي

2011 / 7 / 18
الادب والفن


كم هي جميلة تلك القصة المنشورة في موقع عراق الغد وكم كانت رائعة المعلمة تومسون .... ولكن لِمَ كل هذه الدموع التي أخذتْ تغسل وجهي وأنا أقرأ تلك القصة، أهي الذكريات التي أعادتمي سنين عديدة لأجد نفسي بين فتيات في عمر الزهور في مدارس للبنات وفتية أحبة في نفس العمر وفي إحدى المدارس للبنين.
كانت المادة التي كنتُ أدرّسها تجعلني قريبة من الطلبة وتسنح لي فرصة أطول للإحتكاك بهم والتعرّف عليهم ، كم أحببتُ أولئك الفتيات والفتية وهم يعملون بنشاط لإعداد أعمالهم الجميلة ، كنا نقضي الساعات الطويلة حتى بعد أنْ يذهب الآخرون إلى بيوتهم، لنحضّر ونهيئ هذه الأعمال للعرض داخل المدرسة أو للمشاركة في المعارض المشتركة مع المدارس الأخرى وكم كنّا سعداء بما نهيئ ونُعِد له .
كل ذلك كان يتيح لي الاختلاط بأعزائي لفرة أطول . كم أحببتُ ثقتهم بي لطرح مشاكلهم وقد كنتُ أبذل جهدي لمساعدتهم سواء كان ذلك في المدرسة أو مع الأهل.
حاولتُ مخلصة أنْ أُوصل الكثيرين منهم لإتمام دراستهم في المواضيع التي أراهم متميزين فيها فهل كنتُ قادرة ؟حتى بالنسبة لمادتي فكم من الطلبة في مدرسة البنين كنت أرى فيهم موهبة مميزةفي الفن وكنتُ أُولي هؤلاء المقربين إلى نفسي إهتماماً خاصاً وكان جميع زملائي يتعاونون معي لرفع مستواهم في بقية المواد وحين إنهائهم للمرحلة الدراسية التي توصلهم إلى الأكاديمية ، كانت الأبواب دائماً موصدة أمام هذه المواهب المميزة والجميلة ففي ذلك الحين لم تكن المواهب هي الأساس . وكنتُ واثقة لو أنّ تلك الأبواب فُتِحَتْ لهم لكان العديد منهم عباقرة ومبدعين في الفن . كنتُ مع عدد من هؤلاء المميزين نقضي الأيام من العطلة الصيفية للإعداد للمساهمة في المعارض العالمية التي تُقام . فهل كانت تلك المساهمات تصل ، وإنْ وصلتْ فهل كانت تصل بأسمائهم ، لا أدري .
وإنْ كنا لم نستطع حماية مواهب مميزة من القتل والآندثار ، فهل استطعنا حماية أبائنا من القتل ؟
كانت في تلك السنين الحرب مع إيران على أشدها وأفواه النيران تلتهم أجمل وأغلى ما في حياتنا أبناءٌ في عمر الورود ، ظروف قاسية جعلتْ الكثيرين من الأولاد يكرهون كتبهم فقد كانوا يرون كل خريجي الجامعة يُساقون إلى الموت يومياً ، كل الذي كنا نستطيعه هو دفع ألأولاد وتشجيعهم للاهتمام بدراستهم لإطالة سني بقائهم في الدور الدراسية عسى الله أنْ يُفرج كربتنا بإنهاء تلك النار المستعرة وينقذ أبناءنا منها ، كان الكثيرون من الزملاء والزميلات وبكافة انتمآءاتهم الفكرية متعاونين لإنقاذ الأولاد ، ولكن الظروف تستمر من تعس إلى أتعس والكتب تُهجر ومواليد الكثيرين من هؤلاء مرشّحة للذهاب إلى الموت ، وذهب العديد من أحبتي . كانت المعارك ضارية بين الجيشين وابتدأت السيارات العسكرية والمدنية بنقل ألوف الضحايا . لا أدري كم مرة تكرر منظر الطابور الطويل لهذه السيارات أمام عيني حين كنتُ أقف في الشارع الرئيسي المؤدي إلى طريق أبي غريب في الصباح الباكر لانتطار البالص الذي يوصلني إلى مدرستي .
في تلك الأثناء كانت تصلنا الأخبار باستشهاد بعض من أبنائنا الطلبة ، وفي أحد ألأيام وحين كنتُ أقف في الطريق للذهاب إلى مقر عملي بدأ طابور سيارات نقل الشهداء بالمرور ، كنت أعدّ واحد ، إثنين ، ثلاثة ... مائة يا إلهي كم من المئات سيصل العدد ، لا بل كم من الألوف هذا الطابور المخيف الطويل الذي يبدو كأن لا أول له ولا آخر ، أكل هؤلاء الشباب والذين كانوا ممتلئين حياة وحيوية تحولوا إلى هذه الأعلام الملفوفة ، أهذه هي الأعلام التي كنا نعتقد بأنها رمزُ لحرية بلدنا أصبحت اليوم رمزاً للموت ، أبين هؤلاء أباؤنا وأحبتنا ، كم أمٍ ستصبح ثكلى ، كم عروسٍ حالمة ستتصبغ طرحتها البيضاء باللون الأسود البغيض ، كم طفلٍ سيذوق ذل اليتم لسنين مرّة ، كم أختٍ لزينب ستفجع بأخيها ، ستملأ القطع السوداء كل الجدران ، واللون الأسود صار زياً رسمياً لكل النساء العراقيات .كنتُ أحسّ بصمتٍ رهيب يصرخ في أعماقي ليمزق قلبي .
ولكن أكل هذه الأفكار من سعيدة إلى حزينة تمرّ في خاطري وأنا أقرأ هذه القصة الجميلة
لا أدري ربما لأعتذر من هذه المعلمة الفاضلة السيدة تومسون لأننا لم نستطع حماية حياة الكثيرين من أبائنا النجباء ولم نستطع العون في إعادة مواهب الكثيرين ممن قتلها اليأس المرير كما استطاعتْ هي في مساعدة الطالب تيدي والذي أصبح أحد الشخصيات الإنسانية العظيمة في أقضل مركز لعلاج السرطان في الولايات المتحدة والذي سُمي باسمه
ولكن وطني والذي تركته حتى بلا وداع لأحبتي الذين قضيتُ بينهم سنين طويلة ، للبحث عن وطنٍ آخر يحمي عائلتي فهل وجدته ؟
يقولون الوطن طريق يرسم
وحقوق لا تهان
وإحساس بالحرية والأمان
وهذا كله في السويد مصان
ولكن كل ما أحاول النسيان
تعود بي أيام
حتى مرها أراه حلواً
وتعود الأشواق لتغني
والدموع لتسقي جفوني
فهل يُنسى وطنٌ
نوره في عيوني
ستوكهولم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??


.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده




.. أون سيت - فيلم عصابة الماكس يحقق 18 مليون جنيه | لقاء مع نجو


.. أون سيت - أول عرض | فيلم النمر والأنثى مع إنجي يحيى




.. أون سيت - محمد ثروت بيحكي عن الجزء الثاني من فيلم بنك الحظ