الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المخابرات السليمانية إخترقت القيادة الإخوانية

أحمد حسنين الحسنية

2011 / 7 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


عندما رفض الإخوان المشاركة في إضراب السادس من إبريل - و هو بالمناسبة ليس ملك لحركة السادس من إبريل التي تريد القفز على ثورة 2011 أيضاً ، بل ملك لكل من دعا إليه ، و شارك فيه - و في معظم الأنشطة المعارضة الأخرى بين إبريل 2008 ، و الخامس و العشرين من يناير 2011 ، كان بإمكان البعض إلتماس العذر للقيادة الإخوانية بإنها لا تريد الزج بالجماعة في مواجهة كبيرة مع السلطة ، خوفاً من تكرار ما تعرضت له من قبل من شدائد في العهود السابقة ، و أضيف أيضاً : خوفاً من خسارة مكاسب الجماعة ، و التي منحها لها نظام مبارك ، و التي سبق أن أشرت إليها في مقال : لا تقلق يا زين ، فالإخوان أقصاهم سياسياً المباركة ، و الذي نشر في الإسبوع الأول من يناير 2011 .
و عندما رفضت قيادة الإخوان المشاركة في ثورة الخامس و العشرين من يناير 2011 من بدايتها ، كان يمكن الإعتماد على نفس السببين المذكورين أعلاه لتبرير ذلك الإحجام .
و عندما ذهبت القيادة الإخوانية للتحاور - أو للتفاوض حسب قولها - مع عمر سليمان ، بعد جمعة الغضب ، و أربعاء الجمل ، بمجرد أن عوج لها عمر سليمان بإصبعه ، برغم كل الأرواح الطاهرة التي فاضت ، و الدماء الزكية التي سالت ، على يد نظام مبارك ، كان يمكن وصف القياديين الإخوانيين بالإنتهازيين ، الذين لازالوا لا يؤمنون بقوة الشعب ، و يعتقدون في بقاء النظام ، و يريدون زيادة مكاسب تيارهم ، و مد رقعة نفوذه بإستثمار مبادرات ، و تضحيات ، غيرهم ، تلك المبادرات ، و التضحيات ، التي وضعت نظام مبارك ، آنذاك ، في موقف عصيب .
و لكن بعد الحادي عشر من فبراير 2011 ، و بعد أن رأت القيادة الإخوانية سقوط مبارك الجبار العنيد عن عرشه ، بيد الشعب ، و بدون ضوء أخضر من أمريكا ، و برغم الدعم السعودي - الإماراتي - الإسرائيلي الذي تلقاه نظام مبارك ، فلا يوجد إلا تفسير واحد لكل السلوكيات ، و المواقف ، التي تبدر عن قيادة الإخوان ، و تبدو عجيبة .
من تلك السلوكيات ، و المواقف ، العجيبة ، موقفها في قضية الدستور ، و الأهم مساندتها لنظام طنطاوي - سليمان ، و تأخيرها لسقوطه .
ما الذي تخاف القيادة الإخوانية فقده بسقوط ذلك النظام المكروه - الضعيف بالفعل - برمته ؟؟؟
ما الذي تخشاه القيادة الإخوانية من قيام ديمقراطية حقيقية ، يكون الحكم فيها حقاً للشعب ؟؟؟
القيادة الإخوانية تقاتل من أجل مكاسب إستفتاء تعديل الدستور ، و لكن هل غفل عنها إنها في ظل الديمقراطية الحقيقية هناك إحتمال كبير أن تفوز الجماعة بأغلبية الثلثين في أول إنتخابات برلمانية ، و ربما الفوز بالرئاسة أيضاً ، و ساعتها سيكون بإمكان الإخوان كتابة الدستور على هواهم ، و في ظل شرعية شعبية حقيقية ، لا تحوم حولها شبهة الإتكال ، و الإحتماء ، بنظام طنطاوي - سليمان المكروه شعبياً ، و التي تحوم الآن فوق رأس القيادة الإخوانية ؟؟؟
هل القيادة الإخوانية تخاف أن يلحق أي ضرر بحماس جراء موقفها من السلطة الحالية ؟
لا أعتقد إن القيادة الإخوانية غاب عنها أن الديمقراطية الحقيقية ستجعل السلطة في يدها - لفترة - و بالتالي فإنها في ظل الديمقراطية الحقيقية سيكون بمقدورها دعم إبنتها حماس ، بالشكل الذي ترغب فيه ، منذ أول يوم تقبض فيه الجماعة على زمام الحكم ، بدون التوسل لأحد .
هل القيادة الإخوانية خائفة من الديمقراطية لإنها تعرف أن النفوذ السياسي ، و كذلك النفوذ الثقافي ، للجماعة ، سيتقلص في ظل الديمقراطية ، بعد السماح للقوى السياسية الأخرى المخالفة للجماعة ، بالعمل بحرية ، و أول تلك القوى بالطبع : حزب كل مصر ؟؟؟
لا أعتقد أن القيادة الإخوانية لا تدرك أن نفوذ جماعتهم السياسي - الثقافي سيتقلص في كل الأحوال ، لأن مصر تغيرت مع غروب شمس الحادي عشر من فبراير 2011 .
لقد مضى عهد الإنفراد بالساحة الشعبية .
مضى عهد الإحتكار السياسي - الثقافي لعقل الشعب ، و الذي مارسته جماعة الإخوان خلال الثلاثين عاماً الماضية بمساندة السلطة لها .
في كل الأحوال سيتقلص نفوذ جماعة الإخوان ، سواء إستمرت قيادتها على مساندتها لنظام طنطاوي - سليمان ، و حكوماته ، أو أي نظام يكون إمتداد لنظام مبارك في المستقبل ، مثل عمرو موسى ، أو شرف ، أو غيرهما ، أو في حال دعمها لتأسيس ديمقراطية حقيقية ، و لكن الضرر سيكون بالنسبة لجماعة الإخوان ضخم - و ربما لا يمكن علاجه - في حالة إستمرت القيادة الإخوانية في دعم أي نظام يكون إمتداد لنظام مبارك ، و قد رأت القيادة بنفسها إنفضاض ليس فقط الكثير من فئات الشعب عنها ، بسبب مواقفها ، بل و أيضاً إنشقاق العديد من أعضائها ، و حالت التمرد ، و العصيان ، في صفوفها ، خلال الخمسة أشهر الماضية فقط .
المواقف العجيبة ، و السلبية ، لقيادة جماعة الإخوان تجاه جهود الشعب لتأسيس ديمقراطية حقيقية ، و تعاملها الحميم مع عمر سليمان ، و جهاز إستخباراته ، لا تفسير له سوى في وجود إختراق مخابراتي للقيادة الإخوانية .
يبدو أن إعتراف القيادة الإخوانية بوجود إتصالات لها مع عمر سليمان ، و إستخباراته ، لسنوات ، و ذلك في معرض تبريرها لجلوسها مع عمر سليمان بعد جمعة الغضب ، و أربعاء الجمل ، لا يقف عند حدود الإتصالات ، بل وصل لدرجة الإختراق المخابراتي لها .
لا يمكن أن تتجاهل قيادة تيار سياسي - ثقافي فوائد الديمقراطية ، و ما تعود به الديمقراطية على ذلك التيار ، في وقت وصلت فيه قوة ذلك التيار للذروة ، و لا أمل في زيادة شعبيته أكثر من هذا ، و أن تتغافل عن حقيقة أن شعبيته بدأت في التآكل بسبب مواقفها العجيبة التي تمنع إنهيار نظام مكروه شعبياً ، إلا إذا كانت مخترقة حتى النخاع على يد ذلك النظام .
إنني أكتب هذا المقال ليس لإنقاذ جماعة الإخوان ، و لكن من أجل المساعدة في تسريع عملية التحول الديمقراطي في مصر ، و التي تعطلت بسبب النزاعات الحالية داخل صفوف المعارضة .
نعم نستطيع بدون الإخوان أن نستكمل مشور تحويل مصر إلى ديمقراطية حقيقية ، و لكن ضم جموع الإخوان الحقيقيين لنا سيقصر المشوار ، لهذا أسعى لرأب الصدع الحالي الموجود في داخل المعارضة ، و هذا الرأب لن يتحقق بدون إصلاح داخلي في جماعة الإخوان .
يلاحظ هنا إنني أقصد بقيادة الجماعة ، ليس شخص معين ، بل الكبار الممسكين بالدفة ، تلك القيادة التي أرجو من الإخوان الإخوانيين تقويم إعوجاجها في أقرب وقت ، حتى نصل بمصر إلى بر الديمقراطية الحقيقية في أقصر وقت .

ملحوظة تعد جزء من المقال : في مقال : درس من القرآن في ضرورة إستئصال النظام الظالم بالكامل ، و كذلك في مقال : الشعب يريد الحكم ، أتيت على ذكر أحد مقالاتي القديمة ، و للأسف حدث خطأ من جانبي في كتابة عنوانه ، و العنوان الصحيح هو : فأغرقناه و من معه جميعاً ، لا للعفو عن الرتب الصغرى ، و يوجد المقال أيضاً كتسجيل صوتي في يوتيوب بنفس العنوان الصحيح المذكور هنا ، فمعذرة .

المنفى القسري ، و القمعي : بوخارست - رومانيا

18-07-2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة