الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقوق الإنسان في سورية

محمد الحاج ابراهيم

2004 / 11 / 19
حقوق الانسان


حقوق الإنسان… هذا التعبير الراقي الذي يعبر عن فلسفة راقية تتعلق بحياة البشر من تعاقد وقوننة على قاعدة الحق الطبيعي للجميع في اختيار الشكل الذي يناسبهم من العيش والتقاطـع مـع المجتمع الذي ينتجوه، وبالتالي فعلى كل ناشط بهذا المجال أن يكون شاملا بوعيه ومعرفته ، وتحديدا في عالمنا الثالث، والعربي بشكل خاص ،إذ أن مشاكل هذا العالم كثيرة جدا وبحاجة لدراسة بحثية سبرية ليعرف الناشط بنية هذا المجتمع الذي هو منه وعاداته وتقالـيده وأعرافه وقوانينه الاجتماعية والسياسية وحدود التخلف فيه، [ سياسية، اقتصادية ، اجتماعيه، مرأة ] والذي كان أحد الأسباب الرئيسية لضعفنا وقهرنا وإقصاءنا عن دورنا كمواطنـين وحكومات، وكم نحن بحاجة ماسة لعمل متميز ودؤوب لتطوير ونشر الثقافة الإنسانية المتطورة التي يمكن أن تخدم واقعنا وتساهم بتطويره إلى حد ما دون الادعاء بذلك ،لندخل التاريخ من جديد بعد أن أخرجنا الغرب منه قسراً إثر الاحتلالات المتعاقبة على بلداننا بدءا بالحملة الصليبية وانتهاء باحتلال العراق وما ترتب عليه من مخططات زادت من تخلّف بنيتنا حتى على صعيد المأكل والمشرب والملبس ،ولم نعد قادرين على العودة لما كان عليه الأسلاف من قوة وعلم ،بل تراجعنا في كل ما يعني الإنسان والمجتمع من قيم وعلم ومعرفة ونكاد نكون معيار التخلف في العالم كله ،إذ حتى (بتسوانا ) الدولة الأفريقية المعروفة بتخلفها تجاوزتنا ونحن لازلنا نناقش حرية الفرد أم حرية المجتمع ،وكيف نبدأ بالإصلاح لنتقدم وما هو الطريق إلى الإصلاح ؟ولازلنا .
بحكم تجربتي في منظمتين لحقوق الإنسان في سوريا خرجت بنتيجة ذات مستويين( موضوعي ،ذاتـي): الأول(الموضوعي) :كان ثقافيا معرفيا تقارب بصورته مع الأحزاب السياسية المتخلفة بلغتها وخطابها الذي لم يتمكن من إخراجها من كهفها لتنفتح وترى التطور الحاصل في العالم ،/سياسيا،حقوقيا ،قانونيا ،علميا ،تقنيا ،معلوماتيا،دراسات ،أبحاث موسعة بكل اتجاه/ وهذه المنظمات خضعت نسبيا لنفس الخطاب السياسي لهذه الأحزاب بالمعنى الفكري والسياسي الملقّح حقوقيا ،بينما ظروفنا تقتضي اعتمادها الخطاب الفلسفي لحقوق الإنسان وأساسه فلسفة الحق الطبيعي المعتمد عالميا حسب الاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1949أي عمومية الحق ومن ضمنه السياسي ،ويمكن لهذه المنظمات أن تعمل على هذا الأساس فتكون بذلك قد تحررت من الخصوصية السياسية التي هي من مهام أحزاب المعارضةالتي تطرح مشروعا وطنيا شاملاً بامتلاكها خطابا سياسيا أرقى وأعمق من خطاب المنظمات الحقوقية السياسي رغم المعوّقات المفروضة في وجه المعارضة والمنظمات، لأن حقوق الإنسان هي وليد تلاقح السياسة بالقانون وإلا فليعملوا بالسياسة كمعارضين، أو بالقانون (محامون) كبقية المحامين ليقدموا دفوعات ويترافعوا دفاعا عن أي شيء يقتنعوا به. أما الثاني( الذاتي): فكان يتعلق بإنسان هذه المنظمات و حامل مشروعها الذي لم يبتعد كثيرا عن عقلية ماقبل الالتزام التي جاءت نتيجة لتجربة سياسية فاشلة أو ناجحه إلى حد ما ،فكان حامل هذا المشروع هو الموجه لحراك لم يتسم بالعقلانية ولم يتعامل معها بذهنية الباحث ،بل بالذهنية التنظيمية التقليدية المستمدة من تجربة حزبية ضيقة لم تقدم لهذا العمل النبيل ما يحمي نبله.
منظمات حقوق الانسان معنية بكل ما يتعلق بحقوق البشر وما أكثر هذه الحقوق المهضومة وأهمها : 1 - قضية المرأة التي اشتغل عليها معظم الفلاسفة والمفكرين والكتاب والباحثين الذين تناولوها بشيء من البحث الاستراتيجي اجتماعيا وقانونيا، وأكدوا أن تخلف المرأة في مجتمع ما هو بحد ذاته دلالة تؤكد حد التخلف الذي يعيشه هذا المجتمع رغم المشاريع التحررية التي اعتمدت في بعض بلدان العالم وتمت صياغتها لتكون نصوصا قانونية تحمي المرأة من الاضطهاد والاستلاب والاختزال .
2- مشكلة الشباب من المراهقة وحتى الرجولة، وهذه تدعوالمنظمات للاهتمام بها على أكثر من صعيد / بحث نفسي وثقافي ومعرفي عصري ومتطور وليس تقليدي مُمِل/، والاهتمام بقضية العمل الضروري للشباب على ضوء الإمكانيات والتحصيل العلمي ودراسة كل ما يتعلق بهم باعتبارهم رجال المستقبل كما تحدثت عنه معظم الأدبيات قديما وحديثا، وبالتالي مطلوب الاهتمام بعلاقات الشباب وزواجهم وتربيتهم لأطفالهم وتجاوزهم للعديد من المشاكل التي تعترضهم والتي يمكن أن تودي بحياتهم الزوجية بأشكال مختلفة نتيجة لظروف متنوعة.
3- الطفولة من صحة وتعليم متطور عبر وسائل إيضاح تقرب الأفكار والمشاريع أكثر من ذهن الطفل ليكون أساس علمي حقيقي لمستقبل منافس ،ومراقبة الأطفال ودراسة الميول لديهم ليتم توجيههم وتأمين القاعدة التي تحقق لهذه الميول فرصها لتكون قوة منتجة للمستقبل ،وتأمين كادر قادر على صناعة الوعي الصحي لديهم ليكونوا قادرين على تفسير الأعراض الصحية ونتائجها في حال الإهمال ،وطريقة التعامل معها وقائيا وعلاجيا وعبرهم تنقل هذه التوعية الى المجتمع الذي لازال يفتقر لها، وهناك العديد من المسائل التي يمكن العمل عليها خدمة لأجيالنا القادمة.
مشاكل مجتمعنا كثيرة جدا وهذا بحد ذاته يدعوا هذه المنظمات للاهتمام بها أكثر حتى لاتبقى قابعة بانتظار إلغاء قانون الطوارئ انتظارا سياسيا كي تبدأ عملها، وهذه المهام تحدد إمكانية هذه المنظمة أم تلك ،فإما أنها تملك مشروعا أو مشاريعا أو لاتملك ،وهذا ما وقعنا به في بعض منظمات حقوق الانسان يوم كتبنا مع بعض الزملاء عن هذه المسائل كثيرا ولم نلق آذانا صاغيه وكان يمر الوقت دون نتيجة تذكر لأسباب الغرق في التصورات والتنظيرات ذات الطبيعة الفوقية المتداخلة مع سطحية النشاط الحقوقي وليس مع عمقه على مبدأ الحراك الكثير ذو الفعالية القليلة وهذا مرده لذهنية الناشط التي لم تتجاوز الاطر الضيقة في التفكير والسلوك ،وتفسير ذلك من وجهة نظري أن الأطر السياسية المتخلفة شكلت ناظم هذه الحركة كونهم قادمين من تاريخ سياسي ما، وبالتالي عكست فعلا ضعيفا على الأرض بعيدا عن المهام الميدانية لهذه المنظمات ،وبمقارنة أداء منظماتنا مع أداء منظمات عالمية يتضح الفارق بين الحالتين، ويتبين الحالة الجوهرية المعتمدة لدى المنظمات العالمية لانتاج عمل حقوقي بالمعنى المطلوب والمفيد، بينما الصراعات في منظماتنا وصلت حد العداء الشخصي منها ،إضافة إلى غيرها من الإشكاليات التي تلبس منظماتنا وتعيبها ،لأن القيمين عليها لم تتضح لديهم مهمتهم بل يدّعوا الوضوح في ذلك ،خشية انفلاتها من بين أيديهم باعتبارها جزء من إنتاجهم الفردي .
إن لم تتحرر المنظمات من النزعات الفردية وتتوجه نحو العمل الفكري – المؤسساتي فلن تتمكن من السير إلى الأمام خطوة واحدة بما يخدم مجتمعها ،ومبررات وجودها الحقيقي هو خدمة هذا المجتمع وليس تحصيل مكاسب خاصة على حسابه ،وإن كان ناشطو حقوق الإنسان يتصورون أن مهمتهم بسيطة فهي أعقد من ذلك إن كانوا جادين في العمل ،وساحة عمل منظمات حقوق الإنسان واسعة وبإمكانهم تشكيل لجان اختصاصية بكل مجال من ناشطين يملكون الكفاءة والمقدرة على إنجاز وتحقيق خدمات معقولة للمجتمع دون أن تجعل من الميكانيكي طبيبا ومن الطبيب إداريا ومن الإداري مهندسا ،بل أن يعمل كل حسب إمكانياته الفعلية وليست المفترضة شرط التمتع بالغيرية وهي سمة أساسية للناشط يضاف لها أخلاقية الناشط نفسه والتي هي من الأسس الحساسة في هذا المجال، لأن من يطرح فكرة حقوق الإنسان من المفروض أن يحمل هذا التأهيل وهذه الكفاءة لهذا الطرح .
باعتقادي أن المنظمات عندنا بحاجة للإصلاح الداخلي ومن دون هذا الإصلاح لن تستطيع أن تتقدم، لأن لغة المهاترات قاتلة وتضيع الوقت المجدي لمباشرة عملها في المجتمع، ولابد من اعتماد النخبة ذات المواصفات النوعية الخاصة والقادرة على ممارسة ومتابعة هكذا مهام لأن مهمة ناشطي حقوق الإنسان خاصه ولا يستطيع القيام بها إلا من توفرت به هذه المواصفات الخاصه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي في الجمعية ا


.. موجز أخبار السابعة مساءً - الأونروا: غارات الاحتلال في لبنان




.. لبنانيون ولاجئون هجّرتهم الغارت الإسرائيلية يروون معاناتهم و


.. طلاب جامعة السوربون بفرنسا يتظاهرون من أجل غزة ولبنان




.. شاهد| دبلوماسيون يغادرون قاعة الأمم المتحدة بعد بدء خطاب نتن