الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معنى اعتراف سوريا بدولة فلسطينية على حدود عام 1967م؟

خالد عبد القادر احمد

2011 / 7 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


مخطيء من ظن او يظن, ان اعتراف النظام السوري بدولة فلسطينية على حدود عام 1967م, جاء من باب الانتصار لحقوق الشعب الفلسطيني, وخارج سياق محاولته معالجة ازمته الداخلية, فالنظام السوري يعلم تماما ان الاجندة الاجنبية هي محاوره الرئيسي في هذه الازمة, وإن تخفت خلف انتفاضة الطبقات الشعبية وجعلت منها اداتها الرئيسية في الصراع مع النظام,
ان اهداف الاجندة الاجنبية ومطالب الانتفاضة الشعبية تتقاطع عند مطلب التخلص من النظام القومي في سوريا , واستبداله بنظام ليبرالي, ومن ثم يفترق مسرب حركة الطبقات الشعبية عن مسرب حركة الاجندة الاجنبية, فالطبقات الشعبية بشفافيتها تحاول التوجه لبناء نظام ديموقراطي وطني, اما الاجندة الشعبية فتستهدف اعادة موضعة النظام في الصراع العالمي الراهن, الذي بات بين المحور الغربي والمحور الشرقي.... الراسماليين.
فحتى اندلاع الانتفاضة الشعبية في سوريا, كان النظام فيها يعتبر نفسه احد محاور النفوذ السياسي الاقليمي, وكان يحاول تجسيد قناعته هذه بمنهجية سياسية اقليمية تحدى معها نفوذ مراكز القوة العالمية, وفي المقدمة نفوذ الولايات المتحدة الامريكية التي تتصدر المحور الراسمالي الغربي, ولا بد من الاقرار له بالنجاح النسبي والمؤقت, فكان من مؤسسي محور ممانعة هذا النفوذ وبصورة خاصة على صعيد مشرع التسوية, الذي يعني للولايات المتحدة الامريكية عرقلة عملية ترتيب خارطة المنطقة الجيوسياسية وفق منظور المصالح الامريكية وتفوقها في الصراع العالمي, وقد نجح النظام السوري في اطار محور الممانعة في الحاق اضرار بهذا النفوذ
فقد نجح محور الممانعة في اجهاض الانتصار الامريكي والغربي في العراق وسلبه مردوده فاصبح انتصارا مشتركا له مع ايران, فبات العراق مجال نفوذ مشترك لهما, وكان نجاحا اضظرت معه الولايات المتحدة وحلفائها الى تحديد جدولة سريعة لسحب القوات الامريكية والغربية من العراق, وهي الان تعيد النظر بمقولة سحب هذه القوات بعد تردي اوضاع النظام السوري ومحور الممانعة.
وبالتشارك مع ايران ايضا, اعيد صياغة توازن قوى لبنان المحلية, لصالح نفوذية حلفائهما, وبلغ نجاحهما هنا ايضا حد التحكم بحركة لبنان الجيوسياسية من خلال السيطرة على عملية تاليف الحكومة, وسحبها من يد القوى المؤيدة للنفوذ الغربي, كذلك الامر في الوضع الفلسطيني, فقد نجحا في تعطيل مسار التفاوض والتسوية,
ولا شك انهما من خلال محور الممانعة نجحا حتى نهاية العام الماضي في التاثير على ولاء تركيا والكيان الصهيوني, فلاحت من هذين الموقعين بوادر التمرد على نفوذ الولايات المتحدة عليهما, فتحسنت العلاقات التركية السورية والايرانية, وكادت تركيا تصبح ركنا من اركان محور الممانعة, ام الكيان الصهيوني فاعلن تمسكه بالرؤية الصهيونية للتسوية ورفض اي رؤى اخرى لها بما فيها الرؤية الامريكية, فاعلن رفض تجميد الاستيطان, دافعا بالطرف الفلسطيني بعيدا عن مسار التفاوض مجبرا اياه على ولوج عملية تدويل واوربة للصراع ترفضها الولايات المتحدة لانها تضر باستفرادها بالمنطقة,
ان اقلاع النظام في سوريا المفاجيء من موقع الممانعة هذا وهبوطه المفاجيء_ الاضطراري_ على ارض افكار الرئيس الامريكي باراك اوباما حول حل الدولتين, يحمل رسائل سياسية قوية, لمختلف الاطراف في مختلف الاتجاهات, ولكن بصورة رئيسية للولايات المتحدة الامريكية تفيد بوجود نية حقيقة لدى النظام السوري في احداث تحول نوعي في بناءه وحركته كنظام يعيد معها تموضعه في الصراع الاقليمي والعالمي لصالح المعسكر الغربي وعلى وجه الخصوص لصالح نفوذ وتفوق الولايات المتحدة الامريكية,
ان اعتراف النظام هذا بالدولة الفلسطينية هو اعلان غير مباشر بهزيمته في الصراع, واستعداده لدفع الثمن الذي تراه قوى الغرب مناسبا, علما اننا لا نظن ان اوروبا والولايات المتحدة ستسارع بفتح ذراعيها وتحتضنه بحرارة’ لكنها قطعا لن ترفض التنازت التي _ بدأ_ في تقديمها لهم.
فمن الواضح ان النظام السور بات على قناعة تامة انه يقف منفردا في الصراع مع هذه القوى التي تفوقه تفوقا وقدرات, كما انه علم ان اصطفاف الانتفاضة الشعبية _ موضوعيا وليس تامريا_ الى جانب الاجندة الاجنبية, يمثل خطرا حاسما وحقيقيا, وان لا فائدة من الاستمرار بمعالجته امنيا, لان المعالجة الامنية تزيد وقودا الى نارها المشتعلة, اما الدعم والاسناد الثقافي او تعطيل مجلس الامن, فانه لن يكون عائقا حقيقيا امام اعدائه في الولايات المتحدة واوروبا, اصة في ظل الحصار الجيوسياسي المباشر المفروض عليه
واذا كان ذات الاعتراف يحمل هذه المضامين, فان توقيته يؤكد عليها ايضا فقد جاء مباشرة حال الاعلان عن نية ورغبة اردوغان زيارة مصر وقطاع غزة, وهما موقعين لهما الاهمية الخاصة في موضوع التسوية والذي بات مشروعا استثمار امريكي خاص.
ان مسار تنازلات النظام لن يكون سهلا وسيكون سلسلة من المساومة واعادة المساومة, فالمسالة لا تتعلق بالكرامة الوطنية السورية فحسب وانما تتعلق ايضا بالمصالح الطبقية المسيطرة على النظام, كما ان مسار تنازلات النظام, لن تنحصر انعكاساته على الوضع السوري فحسب بل سيتسع مدى ارتدادها ليشمل على الاقل منطقة شرق المتوسط
فمن المؤكد مثلا ان هذا الاعتراف سيرفع من اسهم الخيار العسكري في حسابات الكيان الصهيوني طالما انه يرفع بصورة موازية اسهم صدام محتمل بين ادارة نتنياهو والادارة الامريكية حول التسوية, او ان يقبل نتنياهو هزيمة ائتلافه الحكومي ويذهب لانتخابات مبكرة, احتمالات فوز الليكود بها ستكون متدنية, حيث لا مخرج هنا سوى الحل العسكري كمحاولة لاعادة خلط الاوراق السياسية في المنطقة.
ان الايام القادمة ستوضح ردود الافعال على هذا الاعتراف السوري بالدولة الفلسطينية على حدود 1967م وتبعا لاتجاهاتها سنرى اي الاحتمالات هي التي سترجح تحدي مصير بقاء او ذهاب النظام في سوريا والخيار العسكري في المنطقة ومصير مسار مفاوضات التسوية

خالد عبد القادر احمد
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -سأهزم دونالد ترامب مجددا في 2020-.. زلة لسان جديدة لبايدن |


.. في أول مقابلة بعد المناظرة.. بايدن: -واجهتني ليلة سيئة-




.. فوز مسعود بزشكيان بانتخابات الرئاسة الإيرانية بنحو 55% من أص


.. القسام تنفذ غارة على مقر قيادة عمليات لجيش الاحتلال بمدينة ر




.. -أرض فلسطين بتفتخر بشعبها-.. غارات الاحتلال لا تزال تحصد أرو