الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أين نبدأ, ملاحظات دستورية

احسان طالب

2011 / 7 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


تبدأ أصول البناء الصحيح من الأساس وبناء القواعد المتينة التي يقوم عليها صرح ثابت ومتين لا تهزه الرياح ولا تطيح به الزلازل
هناك ضرورة ملحة لقراءة متأنية وحكيمة في الدستور السوري الحالي الذي أقر باستفتاء شعبي صوري واعتمد في 13-3-1973

بداية في مقدمة ذلك الدستور التي تعد جزء لا يتجزأ منه ، يضيع الوطن ويتوه المواطن ويجنح المشّرع نحو عموميات شمولية ويختزل سوريا بأهداف حزب واحد مفروض بقوة الواقع. كما يختزل الدولة السورية في مرحلة ما بعد انقلاب 1963 ويتجاوز فترة الاستقلال ليركز على التاريخ بدءً من عام 1970 كما يفرض نظاما اقتصاديا واحد ينص بما لا يمكن بحال من الأحوال تجاوزه أو تغييره أو تعديله ما يعني جمودا وصلابة أثبتت سيرورة التاريخ بطلانها

بالمقارنة مع الدستور السوري لعام 1950 نجد ما يلي :

مقدمة الدستور : اقامة العدل على أسس متينة حتى يضمن لكل انسان حقه دون رهبة أو تحيز ....الحريات العامة هي أسمى ما تتمثل فيه معاني الشخصية والكرامة الإنسانية ...تحرير المواطنين من ويلات الفقر والمرض والجهل والخوف بإقامة نظام اقتصادي واجتماعي صالح يحقق العدالة الاجتماعية ويحمي العامل والفلاح ويؤمن الضعيف والخائف ويوصل كل مواطن إلى خيرات الوطن



لاحظ مبدأ التشاركية الاجتماعية والاقتصادية الهام والضروري لبناء مجتمع مدني سلمي متماسك خلافا لما نص عليه دستور الحركة التصحيحية في

1973

و في الحقيقة أن دستور 73 يحتوى خلطة عجيبة من المواد التي تهدف لترسيخ حكم الفرد بل حكم فرد بعينه ومعظم مواده وخاصة التي اختص بها دون غيره من دساتير العالم لا تصلح كمواد تنظم قواعد القوانين وأصول العلاقات العامة والخاصة

لكن بعجالة فإن أهم مادة يجب الغاؤها وكل ما يترتب عليها من مواد وقوانين هي المادة الثامنة من الدستور الحالي والتي تنص على : المادة الثامنة

حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة ويقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربية

إن أي تغيير مرتقب ينبغي أن يقوم على أسس دستورية متينة مدنية ديمقراطية انسانية تضمن القضاء على الاستعصاء السياسي الاقتصادي والاجتماعي الذي نعاني منه منذ عقود طويلة





يحتوي الدستور الدائم الحالي للجمهورية العربية السورية على 156 مادة من بينها 18 مادة ـ من المادة 97 وحتى المادة 114 ـ تعطي رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة وغير محدودة تجعله صاحب القرار النهائي والرئيس الفعلي للسلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية

وهناك مواد أخرى أيضا غير تلك المذكورة أعلاه تؤكد أن مهمة المشرع في ذلك الوقت كان صياغة شكل دستوري وقانوني ينهي كل أشكال الديمقراطية والتشاركية ويصر إصرار عجيبا على تمركز السلطة والقوة بيد رجل واحد :

مثال : المادة 138 : يرأس رئيس الجمهورية مجلس القضاء الأعلى

تنص المادة 38 على حرية الرأي

تنص المادة 28 على منع التعذيب

تنص المادة 39 على حق التظاهر

لكن المادة 101 التي تخول رئيس الجمهورية وحده بفرض حالة الطوارئ ( يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ ويلغيها على الوجه المبين في القانون) تلك الحالة والتي مورست فعليا طيلة 45 سنة جعلت من تلك المواد ومشابهاتها أثر بعد عين

لم يعترف أي بند أو فصل أو مادة بوجود أي مكون أخر على الأرض السورية غير المكون العربي وبذلك ساهم بصورة فعلية بممارسة التغيير القصري والاقصاء وحتى الإلغاء لأي مكونات أخرى غير عربية موجودة على الأرض السورية منذ آلاف السنين

رغم الحرص الشديد والممنهج لتغييب القانون والدستور وانعدام الثقافة الدستورية في المناهج التربوية والتعليمية السورية فإن المفاعيل السيئة لدستور 73 كانت واحدة من ركائز التسلط والفردية وتأسيس الدكتاتورية

وجاءت حالة الطوارئ لتضع الشرعية الدستورية والقانونية وحتى المرجعية الأيديولوجية مهب الريح فضاعت سورية وتحولت لإقطاعية يسترق فيها رئيس الدولة الوطن والشعب

عملية البناء هي عملية منهجية دؤو بة تتطلب تضافر الجهود وتعاضدها للوصول إلى قواعد دستورية وقانونية تمنع الإنزلاق مجددا نحو الدكتاتورية والاستبداد وحكم الفرد الواحد تحت غطاء وذريعة الحزب الواحد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يتسبب بإقالة سفير بريطانيا لدى #المكسيك #سوشال_سكاي


.. فيديو متداول لطرد السفير الإسرائيلي من قبل الطلاب في جامعة #




.. نشرة إيجاز - مقترح إسرائيلي أعلنه بايدن لوقف الحرب في غزة


.. سلاح -إنفيديا- للسيطرة على سوق الذكاء الاصطناعي




.. -العربية- توثق استخدام منزل بـ-أم درمان- لتنفيذ إعدامات خلال