الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صديقي محمد فكري الجزار

خضر محجز

2011 / 7 / 20
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


عرفته لأول مرة من خلال كتابه (العنوان وسيميوطيقا الاتصال الأدبي) الذي قرأته واستفدت منه كثيراً، واستشهدت بمقاطع منه مراراً عديدة في بحوثي العلمية ومقالاتي النقدية.
ثم أكرمني الله بالتواصل معه عن طريق البريد الألكتروني، وتحاورنا في كثير من المسائل العلمية. والحق أنني لم أجده واسع العلم فحسب، بل واسع الصدر والعقل والنفس كذلك، إذ هو بقدر اعتزازه بنفسه، معتز بقدرته على سماع الآخرين وهضم ما لديهم، وإعادة تمثله، بحيث يمكن القول إنه يملك عقلية العالم الذي لا يدين بشيء قدر دينونته للحقيقة. ولعل هذا هو ما جعله مرمى سهام الكثيرين من الأدعياء.
محمد فكري عبد الرحمن الجزار، هو من أقصد بكلامي هذا.
يحاورك بمنطق علمي نافذ وناقد، ويتعامل مع الخطاب الأدبي ـ شعرا ونثرا ـ كطبيب بشري ومحلل نفسي وخبير لغوي وشاعر وجداني، كل ذلك في آن واحد، حيث لا تحده اللغة المنطوقة عن الفحص فيما وراءها من لغة صامتة، ولا يمنعه طربه للقصيدة من أن يفحص منزلاقات خطابها. ولمن أراد أن يتأكد من أنني لست منحازاً، في هذا التوصيف، أن يقرأ كتابه (معجم الوأد) ليرى كيف يجتث جذر الكلمات، حتى تظن أنها باتت مقطوعة من شجرة، ثم يعيد بناء تاريخها اللساني، من منظور تاريخي، ليرى كيف صارت الكلمات إلى ما صارت إليه ـ كما لو كان يعلمنا الأسماء مرة أخرى من جديد ـ فيحررنا من سطوة صحراء الكلمات، ناقلاً إياها لترتوي من مياه الأنهار، التي عاشت وتطورت على ضفافها، قبل أن يسجنها تاريخ القهر البدوي، في معجم يدعي قدرته على التعالي على الزمن.
كيف كان يمكن للطلاب أن يقرأوا (أمل دنقل) أو (محمود درويش) دون التعلم على يد الخبير!. يقول الشاعر ما يقوله، ويظن أنه في مأمن؛ ليأتي الدكتور محمد فكري الجزار ليهتك ستر الكلمات، ويلقي الضوء على الدلالات الغنية. وهي دائما غنية، لأن الدكتور الجزار يحسن انتقاء نماذجه التي يدرسها لطلابه.
عروبي واقف على خط النار، ومصري يعرف مكانة مصر بين أخواتها، واحداً وحيداً في أغلب الأحيان. فلطالما رأينا مثقفين كباراً ينأون بأنفسهم عن إعلان انحيازهم إلى ما آمنت به أعماقهم، فيمدحون أميراً، أو يجملون قبيحاً من النصوص، التي يتمول بها من يكتب عنها، وهم يلعنون في ذوات أنفسهم كاتبيها. أما محمد الجزار فلا يكتب إلا ما يؤمن به، لمن يؤمن به، وأجره على الله.
إنه عابد متبتل في محراب الجمال.
لهذا كان على محمد الجزار أن يعاني. ولهذا كان على محمد الجزار أن يسافر. ويا ليت مصر (الرسمية) فتحت قلبها أكثر لابنها البار، وأغنته عن الذهاب إلى بلاد التيه.
تنجب مصر العظماء، ثم تتخلى عنهم!. أهذا هو قدرها، أم قدر الفساد الذي ينخر في عظام حكامها!. يسافر الدكتور الجزار إلى صحراء العطش، فيما يصب النيل مياهه في البحر؟.
تصوروا أيها الناس: الدكتور محمد الجزار، ابن الحاج محمد عبد الرحمن الجزار، المصري الفصيح، له كفيل سعودي، ينام متخماً بعد كل أكلة دسمة من الكبسة ولحم الضأن، ثم يقوم في الصباح، ليتجشأ فتخرج (الكبسه) من فمه مختلطة بالكلمات، فيسأل الدكتور الجزار ـ في متوالية تشبه متواليات شارلي شابلن ـ عن أهم نشاطاته، وماذا يقصد (بامتطاء العبيد)!. تصوروا الدكتور محمد فكري الجزار بين يدي هذا الكفيل، الذي ينظف أنفه بإبهامه، قبل الأكل وبعده، مع أنه يحمل على كتفيه ما يفيد أنه عميد!..
لقد أحسن صنعاً أمل دنقل إذ مات!.
ولقد أحسنت أنا إذ حججت صغيرا فلم أعد أحتاج إلى سفر..
الدكتور محمد فكري الجزار عميد، والكفيل صاحب الكفلين عميد!.. يتساوى الرجال في منطق السماء، لكنهم لا يتساوون في منطق البشر!. ولكم أن تتصوروا ما يعتقده الكفيل (ذي الكفلين) عن هذا المصري الضعيف المخشوشن!.. كما لكم أن تتصوروا ما يعتقده ابن حضارة عمرها سبعة آلاف عام، عن هذا (المخلوق) الذي يحمل على كتفيه نياشين الولاء، لقبيلة تدرس في مناهجها استيلاءها على مكة بأنه (فتح) فتسميه في كتبها الدراسية المقررة (فتح مكة)!.
يا للهول!..
لقد أحسن يوسف وهبي إذ مات!..
يا للهول!..
أفلا تستحق السماء أن تسقط كسفاً!.
هل كان على محمد فكري الجزار أن يعلم الطلاب (فتح مكة) لكي يمددوا له في الإعارة، ويزيدوا له في المرتب؟. ربما كان سيكون جواب غيره (نعم).. لكن الفلاح المصري الفصيح، ابن الفلاح المصري الفصيح، لا يستطيع ذلك، ويكتشف أنه مغبون. فماذا يفعل؟.
يعلم الطلاب قصيدة أمل دنقل (لا تصالح).
كيف يعلم محمد فكري الجزار الطلاب في الجامعة الوهابية التي تقول:
"لا تصالحْ،
ولو وقفت ضدَّ سيفِكَ كلُّ الشيوخْ،
والرجالُ التي ملأتها الشروخْ،
هؤلاء الذين يحبون طَعم الثريدْ، وامتطاء العبيدْ،
هؤلاء الذين تدلت عمائمُهم فوق أعينهم،
وسيوفُهم العربيةُ قد نسيتْ سنواتِ الشموخْ.
لا تصالحْ،
فليس سوى أن تريدْ..
أنت فارسُ هذا الزمان الوحيدْ،
وسواك.. المسوخْ!"
كيف يعلم محمد فكري الجزار للطلاب هذا ثم ينجو؟
من هنا جاءته الطامة ووقعت فوق رأسه.
لكن فجر النهار لا ينتظر الإذن من علق الماء وشجيرات النتش..
وصديق محمد الجزار يجب أن يخرج، حتى لو نامت عنه الحكومة المصرية أكثر من ذلك..
تحية لصديقي محمد فكري الجزار..
وعهد الولاء والصداقة..
ويا مصر، يا أم الأحرار،
سلمت لنا ولأبنائك..
وليخسأ كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب.
﴿ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار﴾








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاتاذ خضر المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2011 / 7 / 21 - 13:32 )
تحيه واحترام
لك الشكر لما قدمت لنا من معزوفة الوفاء والصدق والامل التي سيصدح بها الشباب لتخرم اسماعهم المثقلين رؤوسهم بالفراغ والمالئينن بطونهم بالجيف الحاملين على ظهولرهم ذلهم وعارهم
للدكتور الجزار الحريه واكيد سيبقى يلاحقهم ليجزر خزيهم ويبقر فقهرهم الانساني

اخر الافلام

.. اجتياح رفح.. هل هي عملية محدودة؟


.. اعتراض القبة الحديدية صواريخ فوق سديروت بغلاف غزة




.. الولايات المتحدة تعزز قواتها البحرية لمواجهة الأخطار المحدقة


.. قوات الاحتلال تدمر منشآت مدنية في عين أيوب قرب راس كركر غرب




.. جون كيربي: نعمل حاليا على مراجعة رد حماس على الصفقة ونناقشه