الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يستيقظ الضمير متأخرا ... مؤيد البدري نموذجا

طارق الحارس

2004 / 11 / 19
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


خدم مؤيد البدري الرياضة العراقية خدمة كبيرة من خلال عمله في حقول عديدة تخص هذا المجال نذكر منها عمله أستاذاً في كلية التربية الرياضية وعمله في اتحاد كرة القدم وعمله في اللجنة الأولمبية ، فضلا عن عمله سنوات طويلة في برنامجه الرائع ، برنامج "الرياضة في اسبوع"، ذلك البرنامج الذي كانت شرائح عديدة من المجتمع العراقي تنتظره بلهفة كبيرة. من المؤكد أننا لا ننسى صوته الرائع الذي كان يطربنا خلال تعليقه على المباريات الدولية التي يكون طرفها أحد المنتخبات العراقية وملاحظاته المهمة التي يذكرها في أثناء التعليق، تلك الملاحظات التي ما زالت ذاكرتنا تحتفظ بالكثير منها. لقد جعلت هذه الأعمال البدري شخصية مهمة ومعروفة على الصعيد الرياضي. وبسبب ذلك وبسبب العنجهية والغرور والروح الاجرامية للمقبور ( عدي ) تعرض مؤيد البدري الى الاهانة والاستفزاز والى مضايقات عديدة وصلت الى طرده من برنامجه الرياضي وطرده من الاتحاد العراقي لكرة القدم ومن اللجنة الأولمبية ووصل الأمر بعدي إلى أنه كان يطلب من بعض الصحفيين أن يكتبوا مقالات لتشويه صورته . لقد كان المقبور ( عدي ) يشعر بعقدة النقص بازاء النجاحات الكبيرة التي حصل عليها البدري نتيجة عمله وخدمته المجال الرياضي ، بسبب ذلك كله اضطر البدري إلى مغادرة تلفزيون العراق وبرنامج "الرياضة في اسبوع" والاتحاد العراقي لكرة القدم وملعب الشعب وبيته وأبنائه من أهل الرياضة والعراق كله ليسافر الى قطر حيث وجد هناك الرعاية التي يستحقها ، تلك الرعاية التي افتقدها في بلده العراق. إذن عاش البدري، قبل سفره الى قطر، ذليلا بعد أن حرمه ( عدي ) من كل امتيازاته التي كان يستحقها ، لذا فضل الغربة على المذلة شأنه شأن العديد من مبدعي العراق.
خلال عملي في صحف المعارضة العراقية السابقة كتبت عن البدري وعن معاناته. كنت أبتغي استفزاز مشاعره ليخرج عن صمته، فقد كان صامتا لم يتفوه بحرف واحد عن معاناته وعن معاناة الرياضيين العراقيين. وأنا على يقين تام من أنه كان يعرف الكثير من الأسرار . لقد كنا حينها بحاجة الى صوت كبير مثل صوت البدري لفضح الممارسات والجرائم العفنة التي كان يقترفها المقبور ( عدي ) بحق الرياضة العراقية والرياضيين العراقيين. والبدري أدرى منا بها، بل إنه شخصيا تعرض للاهانة والاستفزاز والمضايقات وهو الشخصية الرياضية الكبيرة ، لكن البدري ظل ، للأسف ، صامتا مع أن هناك أسماء كبيرة قالت كلمة الحق في ذلك الوقت مثل اللاعب الدولي السابق عبد كاظم واللاعب الدولي بكرة الطائرة السابق عصام الديوان والكاتب فالح حسون الدراجي والكاتب ماجد عزيزة وغيرهم.
لم يستيقظ ضمير البدري حينها ولقد بررنا ذلك بأنه ربما يكون خائفا. فقد تصل يد عدي المجرمة اليه أو أنه كان خائفا على عائلته وذلك من حقه بالرغم من أن الحاجة الى صوته كانت ملحة وضرورية جدا ، إذ إن صوته يختلف عن صوتي أو عن صوت غيري من الكتاب، فالبدري شخصية معروفة ليس على الصعيد العربي فقط ، وانما على الصعيدين القاري والعالمي، وبالتالي فان فضحه للممارسات الاجرامية سيكون له وقع خاص .
لم يستيقظ ضمير البدري حينها مع أن أوضاع الرياضة العراقية كانت تنحدر من سيئ إلى أسوأ، بل أن الشعب العراقي برمته كان يعيش المعاناة والظلم والاضطهاد والقتل والسجن والحرمان في ظل النظام المجرم حتى كدنا نقول أن الرعاية الخليجية والأموال الخليجية قد أنسته ذلك وأنامت ضميره الذي لم يستيقظ إلا هذه الأيام.
هذه الأيام التي رحل فيها الطغاة الكبار الذين دمرونا بأدواتهم القذرة المتمثلة بالطغاة الصغار، هؤلاء الذين ما زالوا يواصلون تدمير الشعب العراقي وقتله، وآخر ما اقترفت أيديهم قتل 49 عراقيا في مجزرة تشبه تفاصيلها مجازر المقابر الجماعية التي اكتشفت بعد زوال النظام السابق .
لم يستيقظ ضمير البدري حينما كان يسمع عن الجرائم التي تقترف في السجون العراقية ، ولم يستيقظ ضمير البدري حينما كان الرياضيون العراقيون يذوقون ألوان العذاب في معتقل الرضوانية ، ولم يستيقظ ضمير البدري حينما قتل النظام السابق الآلاف من أبناء الشعب الكردي في مجازر حلبجة والأنفال ، ولم يستيقظ ضمير البدري حينما قتل النظام السابق الآلاف من أهل الجنوب ودفنهم في مقابر جماعية باتت شاهداً على مدى الإجرام الوحشي لنظام الطاغية صدام. لم يستيقظ ضمير البدري إلا في هذا الوقت الذي تحاول فيه الحكومة العراقية وبمساعدة قوات التحالف تطهير العراق من القتلة والمجرمين الذين يفخخون السيارات ويقتلون العراقيين ... من المجرمين الذين يقتلون علماء وأطباء وأساتذة العراق ... من المجرمين الذين قتلوا رموزنا وأهلنا في النجف والبصرة والموصل ... من المجرمين الذين يفجرون الكنائس ... من المجرمين الذين تربعوا على مناصب لا يستحقونها ، هؤلاء الذين يحاولون أن يقفوا في طريق العراق الجديد .
لقد تطهر العراق الرياضي من المقبور ( عدي ) وأذنابه ( نوعا ما ) وسيتطهر العراق الجديد من بقايا وأذناب ومرتزقة النظام السابق الذين تؤويهم بعض بيوت الفلوجة التي يتم قصفها وتكسير رؤوس من فيها.
يتساءل مؤيد البدري في مقالة له ويحتج على الديمقراطية التي جاء بها الحلفاء بعد أن دمّروا دولة المجرمين، ويبطّن تساؤله برفض لما جرى ويجري، ونحن نقول له: نعم هذه هي الديمقراطية التي مكّنتك ومكّنت غيرك من الكلام بعد أن كنتَ أخرسَ عن الحق. أقول هذا وبي حسرة ممضة أن يضع مؤيد البدري الصامت دهرا نفسه في موضع يستحق فيه مثل هذا الكلام وهو الاسم الكبير الذي طالما خدم الرياضة العراقية في الماضي.
للأسف ، أن ضمير أبي زيدون استيقظ متأخرا جدا ، وللأسف أكثر إن هذا الضمير وقف مع ذيول القتلة والمجرمين الذين أهانوه وأذلوه في يوم من الأيام . لا نمتلك غير أن نقول : غريب أمر هذا (الزمان)، وقد قال شاعر عربي قديم:
يا زماناً ألبس الأحـ رار ذلاً ومهانـه
لستَ عندي بزمـان إنما أنت زمانـه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله يعلن تنفيذ هجوم جوي على قاعدة إسرائيلية جنوب حيفا


.. من واشنطن | صدى حرب لبنان في الانتخابات الأمريكية




.. شبكات | هل قتلت إسرائيل هاشم صفي الدين في غارة الضاحية الجنو


.. شبكات | هل تقصف إسرائيل منشآت إيران النووية أم النفطية؟




.. شبكات | لماذا قصفت إسرائيل معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسو