الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خرجة إستكشافية سياسية..

محمد المراكشي

2011 / 7 / 20
كتابات ساخرة


حين يأخذنا أساتذتنا في الماضي إلى الخرجات الجيولوجية الصغيرة كي نتعرف وقت تعاقب القمر و الجزر،كانوا يمرون بنا في ما يشبه حجة و زيارة على أحجار ليرونا الطبقات المترسبة للأرض و الصخور... كنا نستغرب في أماكن معينة أن طبقات الأتربة غير متجانسة اللون و المكونات ،فيشرح لنا أساتذتنا أسباب هذه الترسبات و انتمائها لأزمنة متباعدة.. و حين لا يفهم بعضنا نشرح له انطلاقا من أسناننا التي لم تكن تعرف شيئا إسمه معجون الأسنان ،و يفتخر كل من لا ترسبات له على سطح اسنانه !
فهمنا الدرس ، و تغيرت الازمنة و الناس ،و بقيت الأتربة و الأماكن التي زرناها مع أساتذتنا كما هي يزورها أبناؤنا اليوم كذلك مع أساتذتهم كلما توفرت لهم ظروف ذلك.. لكن ما لم نفهمه هو ذاك التشابه الخيالي بين تلك الطبقات الترابية المترسبة البالية و المتآكلة مع طبقتنا السياسية !
لازالت نفس الوجوه تتعب المرايا كل صباح حين تمر عليها في عجالة اقتلاع النقط السوداء من بشرة سياسية مهترئة ! تتصفح جرائدها التي لازالت على عادتها في تناول أخبار صباح أول أمس و افتتاحيات تشم فيها رائحة أسواق سمسرة الصباح ! و لازالت نفس الوجوه تتأبط وطنا بكامله غير أبهة برائحة إبطها التي تعود لزمن الاغتسال كل عيد !
طبقتنا السياسية هي طبقة لاوجود لمثيل أو واصف لها لا في صراع طبقات ماركس و لا في تصادم طبقات الأرض من تحتنا ! تكونت كلها بالفجائية حتى أنه في زمن ما من زمن الريع السياسي الممتد في بلادنا يمكن أن تجد نفسك سياسيا كبيرا حين تستيقظ في الصباح، انت الذي لم تكن تعلم معنى السياسة حن سئلت عنها عشاء الليلة السابقة !
إنها تنشأ بالصدفة و تتكون بإرادة ملء الشارع السياسي بالبالونات الفارغة ! يتوهمون أنهم سياسيون و أحزاب سياسية ،و نتوهم نحن اننا نتوفر على حياة ديمقراطية ،و يتوهم الصانع التقليدي مخزن أفندي أنه وفر شروط الاحتماء من زلازل التغيير !
ابسط مثال عن فراغ "طبقتنا السياسية" هو أنها لم تستطع منذ زمن ان تفهم حتى أن المغرب عليه أن يتغير..و لم تعمل و لو كلاما لتغيير المشهد الذي هي مرتاحة فيه ..و فسرت كل ما يقال هنا و هناك على أنه مجرد كلام مقاهي...
اليوم وجدت تلك الأحزاب و الشخصيات السياسية، التي لا مثيل لها في الصناعات التقليدية العالمية، نفسها في مفترق طرق..فهي تطبل لتغيير ما ،لم تفهمه بالأكيد ،و هو رغم علاته ليس من إنتاجها و لا من تفكيرها ! إنها مثل قرد الحلقة يقوم برقصة القايد و الدومالي دون ان يفهم اصلا من هؤلاء !
غريب أن ترى وجها من وجوه السياسة المغربية التي لا تطاق ،يتحدث عن ضرورة تغيير المشهد السياسي و الوجوه التي تطل علينا من نوافذها نصف قرن .. يقولها و كأنه يعني الآخرين فقط ،و كأنه ولد البارحة فقط !
إن أمثال هؤلاء يستحقون أن يفرد لهم حراك بكامله لكي يقتنعوا أن زمنهم المليء بالخداع والمكر والتفاهات قد ذهب بلا رجعة بعد فبراير المجيد !
تمنيت لو أن شباب 20 فبراير صانعي كل هذا الحراك في المغرب ، يصوبون فوهة الغضب إلى هذا النوع المقيت من السياسيين و الأحزاب و الطبقة السياسية ! فأنا من الحالمين ببلد جديد خال من كل هؤلاء الناهقين بالحمد لتغيير لا يستحقونه !
تمنيت لو أني مررت يوما أمام موقع طبقات الأرض التي درسها لنا اساتذتنا في الخرجة الاستكشافية دون ان أتذكر تلك الطبقة السياسية المغربية المترسبة البالية و المتآكلة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر