الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسؤولية قرار الانسحاب

ساطع راجي

2011 / 7 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


تتقاذف الاطراف السياسية والرسمية العراقية فيما بينها مسؤولية إتخاذ موقف واضح من مصير القوات الامريكية وتنفيذ الانسحاب بموعده المعلن نهاية العام الجاري، وتبدو هذه الاطراف متسرعة في تقاذف المسؤولية وكأنها تريد التخلص من كرة نار تهدد وجود كل ما تمسه او تقترب منه.
الرغبة في الابتعاد عن المشاركة بتحديد مصير القوات الامريكية في العراق ليس ناتجا عن الرغبة في التهرب من التوابع الامنية والسياسية لاي قرار يتخذ في هذا الملف، فالقوى السياسية تدرك بشكل جيد المأزق الامني والسياسي الذي تعيشه البلاد ولكنها في نفس الوقت لا تريد التعامل معه، ليس لاي سبب عدا عدم الرغبة في تحمل المسؤولية وعدم القدرة على اتخاذ القرار ونقص الكفاءة في تحديد المصالح والمضار التي يمكن ان تصاحب اي قرار يتخذ في اي ملف كان.
يخطئ من يظن إن هناك قوى سياسية عراقية تخشى من رد فعل جماهيرها وقواعدها عندما تفكر في تحديد موقفها من مصير وجود القوات الامريكية في العراق، فالجمهور السياسي في العراق جمهور جامد غالبا، يتبع افكارا مسبقة في تحديد توجهه السياسي وتحديد مسار التصويت ولا يعبأ كثيرا بالاداء الذي تقدمه الاطراف السياسية التي منحها اصواته رغم كثرة التذمر الذي يبديه المواطنون في احاديثهم الخاصة وفي شكواهم لوسائل الاعلام، بل ان هذا الجمهور السياسي مدمن على البحث عن اعذار لأحزابه وقادته لتبرير فشلهم وكسلهم وفسادهم، ومن صوت لقائمة فأنه على الاغلب لن يتراجع عن مساندته لها حتى لو تراجعت هي عن كل وعودها وبرامجها، بل إن هذا الامر قد حدث فعلا عندما تراجعت كثير من القوائم الفائزة بالانتخابات عن تعهدات سياسية جوهرية قدمتها لقواعدها الجماهيرية خلال الحملة الانتخابية من أجل الحصول على مواقع في السلطة لارضاء طموحات اعضاء القائمة على حساب توقعات وطموحات جماهير القائمة.
القوى السياسية العراقية تتردد كثيرا في اعلان موقفها من اي قضية مهمة وترجئ الاعلان عن هذا الموقف حتى اللحظة الاخيرة مثل تلميذ كسول يريد التهرب من واجباته، ولكن الكسل هنا ليس وحده المسؤول عن المماطلة بل ان الانتهازية هي ما يشكل جوهر الاداء السياسي بطريقة تدفع القوى السياسية الى محاولة امتصاص كل امكانيات وفوائد المناورة حتى الرمق الاخير في اي ملف، ولا تتوانى هذه القوى عن اقتراح مكاسب بعيدة كل البعد عن الملف موضوع النقاش وتحويل الجدل والحوار السياسيين الى صالة مراهنات يمارس فيها الابتزاز بأبشع صوره، ولا حاجة هنا للتذكير بمواقف وحالات مشابهة من التاريخ القريب جدا فما أكثرها.
تحديد مستقبل الوجود الامريكي قضية وطن ومصير شعب لكن القوى السياسية لا تتعامل معه بهذه الصيغة بل هي تنظر اليها كفرصة سانحة لفرض شروط وتحقيق مكاسب، ويبدو ان الجانب الفني والقانوني لتحديد مصير القوات الامريكية في العراق يدار في غرف اخرى غير سياسية يسيطر عليها الطابع الامني للمتفاوضين بينما يجلس الساسة خارجا يتلمضون شوقا بانتظار المشروع المقبل ايا كانت صيغته أو فحواه حتى لو ادى الى صيغة اقليمية تتوزع في دول الجوار والولايات المتحدة مسؤولية ضمان أمن العراق بعيدا عن القرار الحاسم للعراقيين مثلا، بل ربما سيبدو هذا القرار الاكثر إثارة للراحة لدى القوى السياسية التي ستعلن رفضها العلني الشديد لهكذا تسوية لكنها في المقابل سترضى بها وبأي تسوية أخرى، لأنها اولا غير قادرة على انتاج وادارة صفقة بديلة ولا تريد القوى السياسية تحمل مسؤولية اي قرار في هذا الاتجاه ثانيا، ولأنها ثالثا، تسعى للحصول على ثمن اي صفقة توافق عليها او لا تعترض عليها بأسرع وقت ممكن وبأكبر منفعة ممكنة سواء مقابل التصويت عليها في البرلمان او مقابل الصمت اذا تمت الصفقة دون برلمان مع بعض المزايدات الاعلامية طبعا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على حلبة فورمولا 1.. علماء يستبدلون السائقين بالذكاء الاصطنا


.. حرب غزة.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطة بايدن والمقترح ا




.. اجتماع مصري أميركي إسرائيلي في القاهرة اليوم لبحث إعادة تشغي


.. زيلينسكي يتهم الصين بالضغط على الدول الأخرى لعدم حضور قمة ال




.. أضرار بمول تجاري في كريات شمونة بالجليل نتيجة سقوط صاروخ أطل