الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف السبيل ... هنا ؟

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2011 / 7 / 21
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


من الظواهرالسلبية البارزة في مصير العلاقات الأسرية للعوائل التي تهاجر إلى الغرب ، ظاهرة الإفتراق . هذه الظاهرة التي تتنافى مع تراثنا وتقاليدنا الإجتماعية المتوارثة والتي تعتمد الحفاظ على وحدة الأسرة وتراصّ أعضائها وما يجمعهم من المحبة والألفة والودّ ، بالإضافة إلى التراحم والتعاون والتعاضد . على عكس ما تعودنا عليه من أخلاقيات أصيلة في بلداننا ، نرى في كثير من الأحوال إنفراط عقد وحدة الأسرة بعد حين من وصولها إلى بلد المهجر . إن هذه الظاهرة السلبية ، لكثرتها ، أصبحت واحدة من أسباب ضعف الجالية . وأصبحت الأساليب الممارسة لحل تجلياتها تدعو إلى القلق ويتطلّب دراستها من جميع نواحيها العلمية والإجتماعية وتحليل أسبابها ، وإقتراح الحلول الناجعة لها مما يجعل أبناء الأسرة المهاجرة يتفهمون قيم المعايير الإجتماعية في المغترب فيأخذون منها القيم الحضارية المتطورة دون أن يفقدوا القيم الأصيلة التي توارثناها في بلداننا . وفي نفس الوقت التخلّي عن بعض القيم البالية التي عفى عليها الزمن . بل ضرورة التبصر في إيجاد الطريق الأمثل في السلوك ، إذ نكون قد أخذنا من القيم الحضارية الغربية من جهة واضفنا إليها قيمنا التي ستكون مادة تؤثر في المجتمع الجديد الذي نعيش فيه .

تشير الإحصائيات على أن ( الإفتراق ) لا يقتصر على إفتراق الزوجين عن بعضهما ، مما يؤدي في معظم الحالات إلى الطلاق ، بل يشمل أيضاً إفتراق الأولاد عن عوائلهم ، حتى دون بلوغ السن القانوني الذي يسمح للقاصر أن يستقل بنفسه عن عائلته .

لا بد من تناول هذا الموضوع في صورتيه : إفتراق بين الزوجين ، وإفتراق الأولاد .

من دراستنا الميدانية للأسباب التي تؤدي إلى إفتراق الزوجين ، نرى أن للعامل الإقتصادي الدور الأكبر في حدوثه في نسبة كبيرة من الحالات . ترى زوجين قد مرت سنوات طويلة على زواجهما ، ولهم أطفالٌ ، قد يكونون كباراً أو لا زالوا صغاراً ، يفترقان بسبب أن أحد الزوجين يعمل ويكسب ما تعيش به العائلة بينما رديفه لا يعمل ، لا لسبب مقبول من الطرف الآخر بل بالعكس من شكه أن صاحبه لا يفتش عن عمل وإن وجده يوما فقده بسرعة لأسباب تافهة . وقد تدوم هذه الحالة عدة سنوات حتى يتحوّل الشك إلى يقين ، وبالأخص إذا كان الزوج العامل يصرف المبالغ الكبيرة لتأهيل صاحبه للعمل بدفع الأجور إلى المعاهد التعليمية لمساعدت في الحصول على عمل .

يضاف إلى العامل الإقتصادي أعلاه تمسك أحد الزوجين ( بالأخص الزوج ) بحقه أن يكون رب البيت ، وإستعماله شتى وسائل العنف وكيل الشتائم حتى تصل في كثير من الأحوال إلى الضرب لفرض سيطرته ليس على زوجه فحسب بل على أولاده أيضاً ، وقد يكون إمعاناً من الزوج في ممارسة الضرب ، إذ تطالبه بعدم ضربها بحضور الأولاد فيجيبها بقصد ه ( كسر خشمها أمام الأطفال ) ليكون درساً رادعاً لهم كما لها .

تأتي الحريات الفردية التي يضمنها القانون في بلد الغربة في مرتبة إضافية كسبب للإفتراق بين الزوجين . فالمرأة تحس أنها شخصية كاملة من جميع النواحي القانونية ، مساوية للرجل في الحقوق والواجبات ، وينمو لديها النزوع للتمتع بهذه الحريات . وقد تجابه بالمنع من قبل الزوج تمسكاً منه بموقعه كرب أسرة . وقد تصل العلاقة الزوجية إلى نقطة الحراجة عند إكتشاف أحد الزوجين علاقة غير شريفة من الطرف الآخر خارج بيته .

أما في أسباب إفتراق الأولاد عن أسرهم فيأتي العامل الإقتصادي أيضاً في درجة متقدمة ، إذ في حالة كون الولد يعمل ويكسب عيشه ، ويلزم من قبل الأسرة ( الأب عادة ) على دفع راتبه له . ويأتي عامل توفر الحريات الفردية المضمونة قانوناً دافعا للولد إلى الإستقلال . ومن الأسباب الأخرى في إستقلال الأولاد بناء العلاقات الشخصية ( وعلى الخصوص الصداقات ) مع أشخاص من أجناس أو أديان أخرى ، مما لا يسع أسرهم قبولها . وكذا العنف المستخدم تجاه الأولاد من الأبوين والذي يمكن أن يتخذ مبرراً للإستقلال أو حتى التدخل من قبل الدولة بعزل الأولاد وإبعادهم عن مصادر الأذى .

هذه محاولة القصد منها فقط إثارة موضوع جدير بالدراسة من قبل ذوي الإختصاص في العلوم الإجتماعية والنفسية ، وليست باتأكيد الإيفاء بما يتطلبه الموضوع من تحليل ودراسة وإقتراح الحلول . عسى أن تجد لها صدى ينفع الناس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحامية فداء عبد الفتاح


.. أمينة سر الهيئة الوطنية لحقوق الانسان المتضمنة لجنة الوقاية




.. عضو الهيئة واللجنة وممثلة نقابة الأطباء في بيروت جوزيان ماضي


.. كارين حاج المسؤولة عن حقوق الإنسان




.. مديرة المعهد العربي لحقوق الإنسان فرع لبنان جمانة مرعي