الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضوضاء

سعدون محسن ضمد

2011 / 7 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


هل يمكن للسياسي أن يعيش بدون أزمة؟
لا، وكما أن المحارب يعرف جيداً أن نهاية الحرب تصيب أوسمته بالصدأ وتجعل ذكرياته بلا معنى وتحيله على التقاعد، يعرف السياسي جيداً أن أهم ما يجب عليه إتقانه هو فن صناعة الأزمة، على الأقل السياسي الشرقي، لذلك تجدنا نعيش داخل ضوضاء لا معنى لها.. ينطلق تصريح من هنا، فتنهال على أثره مجموعة هائلة من التصريحات من هناك، ونحن في (المنطقة الحرام) لا نعرف كيف نقي أجسادنا من رصاص وشظايا وحرائق هذا (الزعيق) المتبادل.
طيب، فهل يعيش السياسي داخل الأزمة؟
أيضاً لا، لأنه يصنعها فقط ليوقعنا بفخها، يطلق تصريحه عالي التردد ثم يذهب بعد ذلك لسريره الدافئ وينام هانئا مطمئناً، وربما يهاتف من جهته الـ(هنا) بعض أطراف الجهة الـ(هناك) ليعتذر لهم تشنجه ويشرح لهم كيف أنه كان محرجاً أمام ناخبيه مما اضطره للصراخ.. الأمر أشبه بالمسرحية، ولكل ممثل فيها دور محدَّد وحوار مكتوب سلفاً.
حدث ذات مرة أنني نزلت من طائرة في مطار إحدى الدول العربية، وكان من ضمن الركاب مجموعة من السياسيين، وبينما كنت في طريقي لأخذ الأمتعة سمعت بعض الركاب يتهامسون فيما بينهم وهم مندهشون، بسبب حميمية لقاء حدث أمامهم بين سياسيّينَ من العراقية وآخَرينَ من دولة القانون، كان الركاب يروون لبعضهم تفاصيل هذه الحميمية باستغراب مبالغ به. يسأل أحدهم الآخر: هل رأيت كيف أن (فلان) احتضن (علان) وقبَّله بحب؟ فيرد عليه صاحبه، نعم ولم أصدق عيناي!!.
عجيب!! ما الذي يدهشهم بالموضوع؟ سألت نفسي، ثم سرعان ما زال عجبي بعد أن تذَّكرت سبب اندهاشهم، فأنا الآخر لا أعيش داخل الأزمة، لأن مشاهد الحميمية بالنسبة لي مألوفة بين أعضاء الجهات المتحاربة. أنا لا أعيش داخل الأزمة بنفس الدرجة التي يعيشها بقية الناس، لأنني أعرف بعضاً مما يدور خلف الكواليس.
منذ سنة 2003 وإلى الآن ونحن نركب قطاراً يقوده مجموعة من السياسيين على سكَّة من الأزمات، ولو تأملنا بهذه الأزمات، لو فحصناها جيداً، فسنجد بأنها أزمات مفتعلة بإتقان يثير القرف. ضجيج.. مجرد ضجيج لا أول له ولا آخر: الطائفية، المحاصصة، التوافق، العمالة لدول الجوار، الفساد المالي والإداري، جرائم دعم الإرهاب والتستُّر عليه، وهكذا إلى آخر قائمة الأزمات. لكن، من هم الطائفيون؟ من المتحاصصون والمتوافقون والعملاء؟ من تورط بالفساد؟ من دعم الإرهاب وتستَّر عليه؟ من لم يشارك بتزوير الانتخابات؟ من لم يشارك بترهل الحكومة؟ من لم يخرق الدستور؟
ألم أقل لكم أصدقائي أن الأمر لا يتعدى الضجيج وأن الأدوار مرسومة والنص متفق عليه؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل


.. !ماسك يحذر من حرب أهلية




.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟


.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة




.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |