الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تساؤلات بريئة

حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)

2011 / 7 / 22
الادب والفن


(محبة بلا حدود)

كنت جالسة أمام التلفاز كما في كل مساء بعد طعام العشاء، أحتسي كوبا من الشاي مع القرفة، وأنا أتابع نشرة الأخبار التي تثقل على قلبي، فأعد نفسي ألا أتابعها بعد اليوم... ولكنني أفشل كعادتي.
أتاني صوتها من الجانب الآخر للأريكة الطويلة التي جلست عليها: "ماما..."
لمست في صوتها التردد في الحال. تعجبت.
رأيتها، حين رفعت إليها نظري، ممسكة بكتاب بدا لي وكأنه رواية. فخطر لي، ترى أية رواية تقرأ؟ ومنذ متى هي تقرأ الروايات؟ وكيف لم أنتبه إلى ذلك من قبل؟ وهل الموضوع له علاقة بالرواية؟!
ولكنني قلت وأنا أعيد نظري إلى نشرة الأخبار ولا أبالغ في كشف فضولي وتعجبي:
"... نعم؟"
فسألت بعد لحظات من التفكير، والتردد قد تضاعف في صوتها: "أصحيح أن أبي سيتزوج؟!"
أجفلت!! والدهشة طغت على كل حواسي، ودق قلبي دقة أحسست معها كأنه سيتوقف ويتجمّد من بعدها. خامرني القلق وقبض الخوف على قلبي. ولكنني سرعان ما استدركت غبائي وعاتبت نفسي بشدة.
ثم أجبتها محاولة إخفاء اكتراثي وقلقي الشديدين: "لا أدري."
زحف علينا صمت ثقيل. جاء صوت المذيع الذي يخبر عن حادث السيارة الذي أودى بحياة زوجين وولديهما ونجاة ابنتهما الصغيرة التي لم تتجاوز العشرة أشهر.
إرتشفت من الشاي. "ألم تسأليه؟؟"
"أخجل من ذلك."
"ولِم الخجل؟ أليس ذلك من حقه؟ أم أنك تريدين أن يبقى طوال حياته وحيدا؟"
لم تقل شيئا. لم أنظر نحوها. ولكنني أحسست بنظراتها الواجفة التي تحدّق في وجهي بفضول واهتمام. تضاعف القلق في صدري وانتشر التوتر في أنحاء جسدي.
ثم سمعتها تسألني وعيناها مزدحمتان بتساؤل خفي أكبر مما أبدت: "وأنت؟"
"ماذا عني؟؟؟"
"هل أنت أيضا ستتزوجين؟!"
"لا، أنا لن أتزوج أبدا."
"ومن الذي سيعتني بك؟"
"حبيبتي، أنا سأدبّر نفسي بنفسي. لا أحتاج لأحد كي يعتني بي."
"يعني أبي هو الذي لا يستطيع أن يدبر نفسه بنفسه؟؟"
صدمني سؤالها. للوهلة الأولى، إلتففت بالصمت، غير مدركة ماذا أجيبها، وكيف أشرح لها الأمر؟! وفكّرت أنه من الأفضل ألا أجيبها لكونها صغيرة. ولكنني رأيت على ملامح وجهها كم كانت جادة في سؤالها ورغبتها جامحة في معرفة الإجابة على ذلك السؤال. ألبنت لم تعُد صغيرة، فكرت بيني وبين نفسي، إنها ستفهم، أو ربما لن تفهم الآن، ولكن ستفهمها عن قريب.
قلت لها: "ألرجل ليس كالمرأة. إنه يحتاج لمن تطبخ له... وتغسل وتمسح وتكوي وتنجب له الأولاد... و... وتدفئه. غدا ستكبرين وتفهمين."
ودون أن تفكّر كثيرا بكلامي، وجدتها تسألني وعيناها تأتلقان بالبراءة والصفاء: "طيب، ألم تكوني أنت تفعلين له كل هذه الأشياء؟ لماذا طلّقك؟!"
فقلت لها بكل صرامة وقد تسلّل الغيظ إلى نبرة صوتي: "حبيبتي، هو لم يطلقني. نحن الإثنان طلقنا بعضنا. يعني تركنا، لأننا لم نعد نحب بعضنا. لم نعد صديقين. لم نعد قادرين على العيش معا في بيت واحد. ولكن، نحن الإثنان نحبك أنت وأخاك. نحبكما بلا قيود أو شروط أو حدود، وسنبقى نحبكما الى آخر يوم في حياتنا. أفهمت؟"
ولا أدري إلى أي حد فهمت كلامي، ولكنني وجدت في عينيها تساؤلات كبيرة ومخاوف أكبر.

كفر كما
12.7.11








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعجبني الأم الحكيمة
نعيم إيليا ( 2011 / 7 / 22 - 07:09 )
لو كانت نوال السعداوي، أو رويدا سالم، أو غيرهما من الكاتبات العربيات في مكانك، وأنت تعالجين هذا الموقف الاجتماعي البسيط، لكان لهن شأن آخر مع شخصية الابنة.
الأدب ليس كلمات وصوراً فحسب، وإنما هو فكر صحيح - مع التركيز على الصحة - أيضاً.
ولقد قدمت فضلاً عن الكلمات والصور، فكراً سليماً من شحنات التطرف الأنثوي المريض.
لإبداعك التقدير والإعجاب والتشجيع المتواصل


2 - الى س. السندي
حوا بطواش ( 2011 / 7 / 22 - 18:21 )
تحية طيبة وبعد
أظن أنه واضح في القصة أنه تم طلاق هذه المرأة من خلال الحوار الذي دار بينها وبين ابنتها.
مع التقدير والإحترام
شكرا لمرورك


3 - الاخ السندي
الاء حامد ( 2011 / 7 / 23 - 08:44 )
بدأ شكرا للكاتبه على هذه القصة القصيرة الرائعة التي تعبر عن مشاعر صادقة مصدرها قلب ام مطلقة .. قصة فعلا معبرة شكرا لك

يا ايها الاخ الكريم س. السندي ..بعد التحية لك ما دخل الشريعة الاسلامية ونبيها بهذه القصة ..فلماذا تحاول في كل مرة رمي حقدك على الاسلام بأي مادة تكتب سواء كان لها دخل بماهية الموضوع او لا .. المهم عندك ان تنتقد الاسلام فحسب .. يا اخي دعونا نترك هذه المورثات الباليه التي ورثانها ولم تعد لها حيزا في الوجود وتحدث انت وغيرك على الانسانيه القادمة وكيف لها ان تتعامل مع اقرانها في الانسانيه بروح الاخوة والمحبة والتعايش بسلام بدل اعادة تلك المروثات البالية التي لم تقدم شيا في اعادتها .. شكرا لك


4 - رد على 2 - أين هو المنطق؟
سالم الميامي ( 2011 / 7 / 23 - 12:11 )
على الرغم من أن عنوان مداخلتك تبرز - علم المنطق ماذا يقول - إلاّ أني أجدك قد ابتعدت كثيراً عن الخط العام لهذا العلم، فالقضية ببساطة هو أن الكاتبة طرحت موضوعاً اجتماعياً مألوفاً لدى كل المجتمعات مهما كانت ديانة أبنائها أو معتقداتهم فالمطلقان يحق لكليهما اختيار زوج آخر وهذا ما عمل به الرجل في القصة ورفضته المرأة طوعاً بإرادتها. وتساؤلي ما شأن نبي الإسلام بالقضية؟؟ فالأديان جميعها سماوية كانت أو غير ذلك جاءت لتنظم حياة البشر وتحد من جموحهم وفق ظروف الأزمان والبيئات التي نشأت فيها هذه الديانات، ومن السذاجة أن نضع أنفسنا قضاة ملهمين نطلق الفتاوى في صحة تعاليم لم نكن نلم بها بالكامل وهذا ما فعلته بالضبط . عمق قراءاتك في الأديان إن أردت أن تخوض في هذا المضمار وتحدث بحيادية ليكون طرحك أكثر قبولاً.

اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا