الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في حركة التموضع الجيوسياسي الاقليمية

خالد عبد القادر احمد

2011 / 7 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


حتى اللحظة. يحتار كثير في تفسير تلون الموقف السياسي الامريكي في التعامل مع المواقع المختلفة لحالة عدم استقرار المنطقة, واغلب هؤلاء من _ المثقفين_ اللذين يحاورون ثقافيا الموقف والمناورة السياسية, حيث يرفضون معاملة القضايا السياسية بموقف سياسي ويصرون على ان يبقوا ثوارا في حال من اللاثورة في الواقع,
ان المقياس السياسي للولايات المتحدة ومرشدها الرئيسي هو وضع مصالحها وامن هذه المصالح وتفوقها في _ الصراع العلمي_ وهي على استعداد لانتهاج سبل التعامل المختلفة التي تحفظ لها موقع الصدارة العالمي, ولذلك من الخطأ ابقاء متابعتنا للسلوك السسياسي لمختلف مراكز القوة العالمية, وبصورة خاصة الولايات المتحدة الامريكية وفهمها كعلاقة ثنائية,
لقد اندهش الجميع من سرعة الولايات المتحدة في اتخاذ موقف حاسم يدعوا لاسقاط زعامة حسني مبارك الرمزية للنظام في مصر, مصنفين مصيره في اطار مقولة جزاء سنمار, ومفسرين السلوك السياسي الامريكي تفسيرا اخلاقيا يتسم بالغدر واللامبدئية, على اعتبار سواد فكرة ان نظام حسني مبارك هو احد ادوات سيطرة الولايات المتحدة على المنطقة, في حين تكشف الوثائق اليوم ان ولاء النظام لعلاقته بالكيان الصهيوني, كان اقوى من ولاءه لعلاقته بالولايات المتحدة الامريكية,
ربما كان السبب في ذلك خلل في تقييم النظام السياسي للخطر الذي تمثله كل من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني عليه, وان وزن الخطر الصهيوني عليه اعلى بسبب مباشرته وتفوقه, والاتصال الجغرافي المباشر معه, الى جانب القناعة بان للكيان الصهيوني نفوذا _ غير محدود_ داخل الولايات المتحدة الامريكية يؤثر بصورة حاسمة توجهاتها السياسية الخارجية, الامر الذي جعل النظام يعطي الاولوية في استجابته السياسية لصالح الكيان الصهيوني,
ولا يخفى علينا ان الكيان الصهيوني عمل فعلا على حصار النظام المصري, خاصة في القضايا الافريقية, وعلى وجه الخصوص ملف قضية مياه النيل, والتي كان يستكملها بالتهديد بضرب السد العالي, في بذل الكيان الصهيوني جهدا ضخما من اجل سرعة التطبيع مع الليبرالية المصريية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية, ونجح في خلق لوبي ليبرالي مصري على صلة وثيقة به, وكل ذلك وظفه باتجاه عرقلة التسوية السياسية في المنطقة, وهنا نستذكر سلوك النظام الذي اسهم باستفحال حالة الانشقاق الفلسطيني عبر لعب لعبة الانحياز السياسي لصالح مسار المفاوضات والتضيق على مسار المقاومة,
ان نتيجة السلوك السابق كانت تصب في صالح تحرير الكيان الصهيوني من نفوذ الولايات المتحدة الامريكية تماما كما صب في نفس الاتجاه سلوك محور الممانعة, لان الشكل الخاص الذي كان ولا يزال ياخذه تحرر الكيان الصهيوني من النفوذ العالمي وخصوصا الامريكي هو التهرب من التسوية واعاقة احتمالات تحققها,
ان القدرة على البناء السياسي تعتمد على القدرة على التكامل في توظيف التناقضات, خاصة القدرة على توظيف النتائج الموضوعية لتفاعلاتها, لذلك لم يكن غريبا ان تبادر الولايات المتحدة الامريكية الى سرعة المطالبة باسقاط نظام حسني مبارك, وكذلك النظام الليبي, وان تباينت الاسباب والهمة ومدى المشاركة الفعلية في ذلك, في حين لا نجدها بنفس الحدة في الموقف من النظام السوري واليمني,
ان اسقاط النظام في سوريا ليس متفقا عليه في السياسة الامريكية, بل تتنازعها فيه اتجاهات, حيث يباين موقف الادارة الامريكية عن موقف وزيرة خارجيتها, فالادارة الامريكية لا تزال ترى لرموز النظام في سوريا مهمة سياسية ولو مرحلية تحول دون التفريط بحالة الاستقرار بالمنطقة التي يمسك بها النظام من خلال نفوذيته على حزب الله في لبنان وحركة حماس في فلسطين, حيث يستطيع النظام المساهمة في تطويع هذه القوى وتحويلها من قوى مقاومة الى قوى معارضة, الامر الذي يسقط الخيار العسكري من يد العقلية الصهيونية, وهو الخيار الاقرب دائما لرغباتها, رغم الادراك الصهيوني ان الولايات المتحدة هي التي تتحمل دائما تبعاته السيئة
من الواضح هنا ان النظام في سوريا التقط الرسالة الامريكية والتي تصر على تخييره بين المغامرة بمصيره اوالبقاء المشروط, بالتموضع في التوجه السياسي الامريكي العالمي, والذي من اول مطالبه الغاء وشطب محور الممانعة, بما يضمن تجريد الكيان الصهيوني من احد اقوى عوامل فاعليتها السياسية المعيقة للتسوية, يتكامل مع ذلك ان شطب محور الممانعة سيقضي على الدور الذي وجدته ايران لنفسها في مسار التسوية, وسيعيد الصراع مع ايران الى اقرب ما يكون فيه صراع ثنائي ايراني عالمي,
ان الولايات المتحدة الامريكية من خلال استغلالها لحالة عدم استقرار المنطقة نجحت عمليا باعادة توظيف مصر لصالحها في الصراع العالمي والاقليمي, وهي على نفس مسار النجاح بالنسبة لسوريا, كما يدلل على ذلك اعتراف سوريا بالرؤية الامريكية حول الدولة الفلسطينية, وهي تنجح اذن بحصار التوجهات السياسية التوسعية الصهيونية, والتي تبدأ بعزلها اقليميا اولا وعالميا ثانيا.
ان تناقضات السلوك السياسي الامريكي في المنطقة هي صدى لتذبذب مناورتها بين الحد الادنى من رؤيتها لصورة المنطقة والحد الاعلى لهذه الرؤية, فبقاء اسرائيل وضمان امنها وتفوقها هو الخط الاحمر للحد الادنى من الموقف الامريكي اما ابقائها في خدمة التفوق الامريكي في الصراع العالمي ودون التحرر من نفوذيته فهوالخط الاحمر للحد الاعلى من هذه الصورة لعلاقتها بالكيان الصهيوني,
لذلك لم يكن غريبا خلال فترة _ الربيع العربي_ ان نجد ان الادارة الصهيونية صدمت به واصابها شلل, وهي الان تعاني من حالة عزلة وعدم قدرة على التاثير في مجريات الوقائع الا بصورة تامرية خفية, وهو احد اسباب ما يحدث في مصر الان والذي بات فعلا حربا بين الاتجاه الامريكي والاتجاه الصهيوني, يتجاذبان فيه توظيف الثورية الشعبية وانتفاضتها, وهو الامر الذي يفرض على قوى الثورة المصرية انتباها سياسيا اعلى.
ان للولايات المتحدة خيارات اوسع مما هو متاح للكيان الصهيوني, ولعل في تنامي الدور التركي مؤشرا على هذا الامر, فعلى الصعيد الرسمي خسر الكيان الصهيوني النظام المصري, وجرى تقييد مناورة النظام الاردني السياسة بدعوته للانضمام الى مجلس التعاون الخليجي, وعلى الصعيد الموضوعي يجري هز اسس محور الممانعة في نفس اللحظة التي يجري بها تعزيز محور الموالاة, ويجري تعزيز نفوذ انقرة كملتقى جديد لمحور الموالاة هذا, لذلك لن يكون غريبا ان نرى الكيان الصهيوني قريبا يقدم اعتذاره لتركيا عن حادثة السفينة مرمرة, ولم يكن غريبا ان تحمل تصريحات نتنياهو على صيغها المتشددة رسائل تصالحية ليست موجهة للادارت الاقليمية بمقدار ما هي موجهة للادارة الامريكية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -سأهزم دونالد ترامب مجددا في 2020-.. زلة لسان جديدة لبايدن |


.. في أول مقابلة بعد المناظرة.. بايدن: -واجهتني ليلة سيئة-




.. فوز مسعود بزشكيان بانتخابات الرئاسة الإيرانية بنحو 55% من أص


.. القسام تنفذ غارة على مقر قيادة عمليات لجيش الاحتلال بمدينة ر




.. -أرض فلسطين بتفتخر بشعبها-.. غارات الاحتلال لا تزال تحصد أرو