الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشروع الأمريكي والانسحاب العسكري من العراق

الاء حامد

2011 / 7 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لاشك إن الوجود العسكري الأميركي له أبعادة الإستراتجية والعسكرية في المنطقة العربية , فهو انطلق من مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي أعدت طبخاته بإتقان عالي ودراسة مستفيضة منذ عقود طويلة للسيطرة على البترول والتحكم بالاقتصاد العالمي, ثم حماية إسرائيل من تنامي قدرات إيران العسكرية ومشروعها النووي من خلال محاصرتها تمهيدا لضربها عسكريا وإسقاط نظامها انطلاقا من القواعد العسكرية في الدول المجاورة لاسيما العراق الذي كانت ترغب أمريكا بتحوله إلى نموذج الدولة الديمقراطية تحكمها نخبه تساعدها في تنفيذ أجنداتها. وبالمحصلة إنهاء التهديدات الفارغة التي كان يطلقها صدام.

فبرزت معالم تنفيذ هذا المشروع منذ إحداث حرب الخليج الثانية. فلمثل هذه المشاريع الاستعمارية العميقة تحتاج لأجندات من المنطقة ذاتها لتنفيذها على ارض الواقع من خلال عمالتها الواضحة وإذعانها اللا محدود في تنفيذ المخططات والأهداف التي تساهم بإنجاح هذا المشروع.

لهذا تم تحديد أرضية العراق الخصبة لما تحتويها من ظروف ملائمة ساهم المعلقة صدام بتهيأت أجواءها وتطبيق إعداداتها من حيث يدري او لا يدري نتيجة سياساته الخاطئة في المنطقة ولسطوته المدمرة وغروره العنجواني في تنفيذ طموحاته الفاشلة لاسيما وهو كان يحلم ان يكون فاتحا كصلاح الدين الأيوبي او رمزا قوميا كعبد الناصر.

فنكل بشعبه اشد تنكيلا, وقتل معارضيه ساعة تسلمه السلطة قتلا بشعا وكان حكمه دكتاتوريا ووحشيا , فأندفع اندفاعا عجيبا وغير مبررا بأتجاه الجارة إيران في حرب لا جدوى منها سوى استنزاف الدم العراقي بأموال خليجيه عربيه أمريكية. ثم أوقع به من خلال إعطاءه الضوء الأخضر في خوض حرب هدفها الأول والأخير الإطاحة به . فغزا الكويت وخرج منها مندحرا مهزوما ومثقلا بالديون والعقوبات الاقتصادية والعسكرية وكان أخرها سقوطه والقضاء عليه .

بعد سقوط صدام ودولته وسلطته عن طريق الاحتلال, جاء على ظهر دباباته تلك النخب السياسية التي تحكم العراق ألان .وقامت بتداول الحكم بالمعادلة القومية الطائفية نفسها التي كانت تتناول منذ تشكل الدولة العراقية الحديثة بأسثناء الحكم ألقاسمي.

بعد هذه المقدمات هل نرى من المعقول ان يكون قرار الانسحاب الوجود العسكري الأمريكي عراقيا ؟ الإجابة على منطقية هذا السؤال تكمن في نتيجة الانقسام الذي حصل بالمجتمع العراقي الذي عمد إليه المحتل بكل أدواته وأساليبه كان أهما تكريس مبدأ الطائفية في الحكم , تنفيذا لهذا المشروع الرامي بخلق أجواء مشحونة من الطائفية المقيتة والعنصرية البغيضة في البلاد ليسهل استمالته واستنزافه وإضعافه. ثم القرارات الهزيلة التي يتخذها الجانب العراقي المشغول أصلا بالصراعات الداخلية وعدم التوافق على ابسط بديهياتها. فما بالك بهكذا قرار مصيري يتعلق بمستقبل الأمة؟

لنعود سريعا إلى المشروع الأمريكي في المنطقة وظهوره المتعثر والضعيف وعدم استغلال هذا الإرباك من قبل الجانب العراقي لصالحه ثم نجب على تلك الأسئلة التي تم عرضها فيما يتعلق بقرار الانسحاب.

طبعا لسوء حظ الأميركيين انهم اختبروا مشروعهم في العراق , البلد الذي يصعب الإمساك به والموجود أصلا على حدود دولتين معادتين لأمريكا ( إيران وسوريا ) وكلتا الدولتين لهما أجنداتهما التي تعمل بقوة داخل العراق.
ثم المفاجئة المدوية التي أظهرتها المرجعية الدينية النجفية الشيعية ومدا وقوتها وسيطرتها على الشارع العراقي وهذه المرجعية بطبيعتها وتقاليدها معادية لأي لون من الألوان النفوذ الأجنبي فضلا عن الاحتلال المباشر.

هذين الظرفين ساهما بشكل أو بأخر بأضعاف المشروع الأمريكي بالعراق فضلا على عدة ظروف خارجية أهما الركود الاقتصادي وظهور الأزمة الاقتصادية العالمية وكذلك تغيير الأنظمة العربية الموالية لأمريكا بثورات الربيع العربي وإضعاف أخرى منتظره دورها في الإطاحة والتغيير.

بعد إن وضحنا الأسباب التي أضعفت المشروع الأمريكي وظهوره بهذا الشكل المتعثر كما هو عليه الان .نرى أيضا هنالك تخبط واضح في القرار العراقي بهذا الجانب . وهذا عمليا نتيجة الارتباط الوثيق بين النخبة السياسية الحاكمة التي جاءت مع المحتل والمحتل نفسه, فبه تعيش وتبقى وتصمد وبدونه تضعف وتندثر وينتهي دورها , فهي جزء من هذا المشروع فمصلحتها تكمن ببقاء المحتل ونجاح مشروعه وفشلها يكمن في خروجه من العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الانسحاب الاميريكي
علي الركابي ( 2011 / 7 / 22 - 20:43 )
لايوجد يا سيدتي اي انسحاب من العراق .. امريكيا احتلت العراق فلا تخرج منه الا بالمقاومة ,,, شكرا جزيلا لكي


2 - الاء حامد
خالد الطيب ( 2011 / 7 / 22 - 21:15 )
يا سيدتي ان اردت ان تتحدثي عن الانسحاب الامريكي من العراق عليكِ اولا ان تتناولي قطبي السياسة في العراق وهما دولة القانون اولا والعراقية ثانيا عندها تستطعي ان تبلوري نتيجة مرضيه تخرجي منها بمقالك الذي لم توضحي به .. هل يخرج الامريكان ام لا ؟؟ نتمنى لك المزيد من التألق


3 - الاخ علي الركابي
الاء حامد ( 2011 / 7 / 23 - 08:27 )
الاخ علي الركابي .. عمت صباحا .. شاكرة لك مرورك صفحاتي .بالطبع اذا اقتضت الضرورة بأخراج المحتل عن طريق المقاومة فلا بأس بسلك طريقها ولكن منذ ثمان سنوات والمقاومة تقتل العراقيين وتنكل بهم اشد تنكيلا بأسم مقاومة المحتل فما ذنب العراقيين الذين يقتلون بشكل يومي وماذنب الاطفال التي تفقد اباءها والنساء تفقد رجالها .. كم من قتل على الهوية وكم من قتل دون ذنب .. يا سيدي نتمنى ان يقوم الشارع العراقي بسلك الطرق الدبلوماسية الحاضرية بأخراج المحتل وليس القتل والخراب والدمار ..اجدد شكري لك مع خالص تحياتي


4 - وما هولاء الا جزء من المشروع الامريكي
الاء حامد ( 2011 / 7 / 23 - 08:32 )
الاخ خالد الطيب .. عمت صباحا..شاكرة لك مرورك صفحاتي .. بالطبع انني لم احدد فيما سيخرج المحتل من عدمه من العراق ولكن انني تطرقت بشكل مستفيض الى المشروع الاميركي وفشله في العراق وكذلك اعتبرت النخب السياسية التي جاءت مع المحتل هي جزء منه . اي يعني فشلها من فشله ونجاحها من نجاحه .. اجدد شكري لك مع خالص تحياتي

اخر الافلام

.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا


.. أوضاع إنسانية صعبة في قطاع غزة وسط استمرار عمليات النزوح




.. انتقادات من الجمهوريين في الكونغرس لإدانة ترامب في قضية - أم


.. كتائب القسام تنشر صورة جندي إسرائيلي قتل في كمين جباليا




.. دريد محاسنة: قناة السويس تمثل الخط الرئيسي للامتداد والتزويد