الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منطقتنا: سنة اولى ثورة

خالد عبد القادر احمد

2011 / 7 / 23
الادب والفن




كما انقسم الكتاب في الموقف من الانتفاضات الشعبية, انقسم في ذلك القراء ايضا, وكما يتفاوت مستوى اراء الكتاب, تتفاوت ايضا مستويات تعليقات القراء, ومع اهمال شتائم بعض الكتاب للحكام, واهمال شتائم بعض المعلقين للكتاب, الا اننا في محاكمة مقالات الكتاب وتعليقات القراء, نجد انفسنا في مواجهة اشكال من المحاكمات الثقافية لوقائع سياسية, ولو عرضنا احكام الكتاب واحكام القراء على قاض متمكن لوجدناه يفسخ حكم الطرفيين, لحالة عدم الصلة بالموضوع محل المحاكمة.
وحتى نمسك بمدخل الموضوع, نجد ان علينا اولا ان نحدد فهمنا لواقعة الثورة والانتفاض, بان نجيب على سؤال: هل الاصل في الفعل الثوري الهدف الحضاري او الهدف الحقوقي؟
ان الانتفاض والثورة لتعديل الخريطة الحقوقية للمجتمع, سينقل المجتمع ولا شك في حال انتصار الثورة الى وضع افضل غير انه سيكون مؤقتا وطارئا ونسبيا, فالعالم رفض تجربة الاشتراكية العلمية التي كانت تستهدف تغيير الاسس الاقتصادية والصيغة الاجتماعية التي تنتقص من العدالة الاجتماعية,
ولو نظرنا الى دول التفوق ذات النظام الليبرالي, لوجدنا ان عدالتها الاجتماعية ترتكز الى عاملين لا يتوفران لمجتمعات منطقتنا
الاول منها ان التعددية في هذه المجتمعات الليبرالية ترتكز الى حال كفاية اقتصادية, قادر على لجم تفاقم التناقضات الاجتماعية دون ان يلغي تفاوت وضع التشكيلة الاجتماعية طبقيا, وان هذه الكفاية الاقتصادية تشطب من لائحة مطالب الطبقات الشعبية مسالة السيطرة على القرار السياسي كطريق وحيد لتحقيق العدالة الاجتماعية. لذلك يتسع مدى ممارسة الحريات في هذه المجتمعات لكنه يبقى في اطار شرعية النظام ولا يستهدف تغييره,
في حيت اننا في انتفاضاتنا نرفع شعارات تحقيق العدالة الاجتماعية وتوسيع مدى الممارسة الديموقراطية على حال من الفقر وعدم الكفاية, ففي حين يمارس المجتمع المتفوق تعدديته بهدوء ونظام لانه يجلس الى سفرة كاملة الاصناف, نجد اننا نطالب بهذه الممارسة ونحن نجلس الى طاولة سفرة ليس عليها سوى طبق واحد اسمه السلطة السياسية, لذلك لا يمكن اغفال ان تباين الشروط سيجلب حتما تباين النتائج.
الثاني: ان الكفاية في مجتمعات التفوق, هي نتيجة لعلاقات استعمارية فرضتها دولها على شعوب المجتمعات الاخرى, والتي شعوب منطقتنا هي جزء منها, وذلك من خلال تحكم دول التفوق بمعدلات نمونا وتطورنا الحضاري, والتي بالتاكيد ان احد مساربها هو تحديد من يسيطر على القرار السياسي في مواقعنا القومية, وهي تقوم بذلك اما بالفعل العسكري المباشر او بالتحكم الاقتصادي غير المباشر,
ان الترابط اذن وثيق الصلة بين خصوصية ظرفنا الذاتي ووضعنا في عملية الانتاج العالمي ووجهها السياسي, ومن الواضح ان السقف الاقصى لهدف فعلنا الثوري يجب ان يستهدف تحرير وضعنا في الصراع العالمي, بمقاييسه الاقتصادية والسياسية, وطبعا فان ذلك لا يستبعد ولايقصي ضرورة حصول تغيير في صورة صياغة قرارانا القومي والاشراف عليه وادارة مرحليته ومناورات تحقيق خططه التنموية,
ان الثورة ليست وضع القومية على منهجية اخلاقية محددة, وكل نظام له عورته الاخلاقية بهذا الشأن, اكان رسما دينيا او رسما وضعيا, فالمطلق الوحيد في موضوعية الحياة هو ديمومة الحركة ونسبية النتائج, ولو طبقنا نظام الخلافة الاسلامي مثلا لبقيت الطبقات وتفاقمت ثرواتها ولعادت فانتجت تناقضات عصر رابعة العدوية, ولو طبقنا النظام الاشتراكي لعاد فانتج القبضة الستالينية, ولو طبقنا النظام الراسمالي الامريكي لوجدنا سكان المجاري الى جوار ثراء مليارديراتها,
ان كل اشكال ومجالات ومستويات الفساد, سوف تتحقق في المجتمع نتيجة لحالة التفاوت الديموقراطي مهما كانت الصيغة الناظمة للتشكيل الاجتماعي وعلاقاته, طالما انه طبقي محليا وطالما ان هناك دول استعمارية ودول تابعة عالميا, لذلك من المؤسف ان نرى ان هناك من يثور وينتفض, لمبرر اخلاقي, وهذا لن يكون سوى من اهل الغفلة فحسب وفي ثورته وانتفاضته هو لا يسعى سوى لاستبدال ظالم باخر, ان لم يبدأ فاسدا سينتهي فاسدا,
هنا علينا اذن ان نكتشف من اين تكتسب الثورة والانتفاضة مشروعيتها, وكيف يجب ان نحكم على هذه المشروعية, فتقلب مزاج الطبقات الشعبية لا يعطي الانتفاض والثورة مشروعيتها لمجرد مقولة ان الشعب هو مصدر السلطات, فمع هذا المقولة تصبح الفوضى هي مصدر السلطات, لان الشعب ليس تلك النخبة الثقافية ولا السياسية القادرة على التقاط الضرورة القومية والاستجابة لها, وكما يحتوي الشعب على الانسان امثالي الاخلاق يحتوي ايضا على الرث اخلاقيا ايضا, والامراض الاجتماعية كما تمارسها الطبقات الثرية تمارسها ايضا الطبقات الشعبية,
ان الثورية تكتسب مشروعيتها من كونها مناورة مجتمعية تستهدف التخلص من عائق امام مسار القومية في التطور الحضاري, وهنا نجد ضرورة توجيه سؤال للانتفاضات الشعبية في المنطقة,
ما هو مشروعكم الحضاري ؟ طالما ان تطبيق الشريعة الدينية سيعيد انتاج نفس الفساد وكذلك تطبيق النظام الاشتراكي, او استنساخ الصورة الامريكية والاوروبية للصيغة الليبرالية؟
اننا نعذر الثائر المتدين الذي يعتقد انه في خدمة الامر الالهي, وقد نعذر اليساري على عقائديته التي تمنع عنه اخذ عبرة فشل التطبيق الاشتراكي, كذلك قد نعذر الشاب الليبرالي الذي يطمح الى الصورة الاعلامية للحياة في الغرب, ولكن كيف سنعذر الطبقات الشعبية على تمزقها على هذه الاتجاهات وكيف سنقتنع انها ممثلة لنفسها وان لها مشروعية كل السلطات,
ان كل الحوار الثقافي السياسي السائد في تونس ومصر بعد سقوط الرموز هو حوار مقولات ثقافية مستوردة اكانت دينية او وضعية, وحتى اللحظة لم اجد صورة ثقافية ترسم الخصوصية القومية المصرية او التونسية, لذلك نجد ان كل الاقتراحات هي بنات زنى ثقافي, ولم تعد تجد في شخصية الانسان المصري او التونسي خصوصية هوية المواطنة بمعطياتها التاريخية الموضوعية, ففي 25 يناير كانت مصر للمصريين, اما اليوم فلاندري لمن تعود مصر هل هي للاكثرية او الاقلية او المتدين او اليساري او العلماني او للشارع او للمجلس العسكري؟؟؟؟؟؟ ان مصر لم تعد لمن يستجيب للضرورة لانه مفقود ولكنها تعود لمن يستطيع بقدراته ان يحشد اكثر في ميدان التحرير, ولا يختلف الامر عن لك في تونس,
ان احتمال اجهاض الثورة في هذين الموقعين احتمال قائم, لكن السبب فيه _ ان حدث وارجو ان لا يحدث_ لا يجب الاستمرار في القول انه بسبب بقايا الحزب الوطني والنظام السابق, فهذه البقايا موجوده في ميدان التحرير في صورة قوى واحزاب بلا هوية برنامجية مصرية بل بهوية برنامجية مستوردة, فبقايا النظام السابق لا تقف عند حد المحافظ بل تمتد الى مواطن الشارع نفسه,
ان العالم يتجه ثقافيا الى ادراك الضرورة القومية وكيفية الاستجابة لها بصورة برنامجية علمية, وهو محكوم في ذلك الى شرط قدراته اللاقتصادية, اما منطق لكل مواطن الدولة التي تناسبه فهو منطق مرفوض
اننا نستطيع القول ان تونس ومصر هما في سنة اولى ثورة, ولكن ماذا سنقول في الوضع الليبي, حيث تضافرت جهود الثورة والسلطة على اعدام ليبيا. والان يجري اعدام سوريا واليمن ايضا,
ان عدم وضوح الشخصية القومية لبرنامج الانتفاض والثورة يوازيه عدم وضوح الشخصية القومية للقرار السياسي لمعالجة النظام للازمة في هذه المواقع, لذلك لم يكن مستغربا هذا التراجع الاقليمي عن دعم منهجية الانتفاضة او منهجية السلطة, فمستوى الشك في كل منهما بات اعلى من مستوى الثقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل


.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت




.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو


.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??




.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده