الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطر الاسلاميون

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)

2011 / 7 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


يقول أحد الاسلاميون أن المشروع الإسلامى الذى تحمله دعوة الجماعة هو (تكليف الله) لهذه الأمة ؛ فإذا كان الأمر هكذا ، فمن سيستطيع معارضة تكليف من الله يلقيه علينا أحد هؤلاء ؟!!! .

والغالبية العظمى من الاسلاميين ليسوا بمختلفين تمامآ عن نفس هذا المنطق بل انهم اكثر التصاقآ بذلك ، ولكن بالطبع فاننا نعلم ان منهج الله يختلف استيعابه وتفسيره بين البشر بما ينعكس على ترجمته التطبيقية وشتان الفارق بين من يفهم منهج الله على انه دعوة الى المحبة والسلام واحترام الآخر وأنه لا بد من قراءة النص الديني قراءة واقعية تنطلق من معطيات عصرنا وظروفه، وبين من يرى في النص الديني دعوة الى مخاصمة الآخر والتضييق عليه في الطرقات وقتله وارهابه والتمييز ضد النساء والنظر اليهن على انهن رفيقات الشيطان ، وكل ذلك تحت شعار وسطية الاسلام ورحمته وهم أبعد ما يكونوا عن ادراك مغزى ودلالة هذا العنوان الحقيقي للاسلام فهم يبتعدون بفتاويهم ومظاهرهم وأعمالهم عن حقيقة وكنة هذا الشعار والعنوان ، بل انبرى المسلمون الليبراليين واليساريين دومآ للدفاع عن الاسلام وبيان وجهه الحقيقي في مواجهة ما يمثله الاسلاميون بفتاويهم وأفعالهم .

وحسنآ فعل المسؤولون عن ادراة مصر في مرحلتها الانتقالية العظيمة من الديكتاتورية الى الحرية (التي يمقتها الوهابيون) بان أعلنوا فرض عقوبات واضحة وصريحة والشطب من الانتخابات لكل من تسول له نفسه خداع الناس باسم الدين واستخدام شعارت دينية في حملته الانتخابية وهو الامر الذي يجب ان نصر عليه طيلة العمر والى الأبد ، ونلمس الآن غضب كبير وعارم لدى الاسلاميون بعد ان نجح الليبراليون واليساريون من اقناع المجلس العسكري بضرورة اقرا رمجموعة من الميادئ الحاكمة للدستور ومبادئ اختيار اللجنة التأسيسية المناط بها وضع الدستور .

على الرغم ان ثلة هذه المبادئ لن تخرج عن التأكيد على مدنية الدولة والمساواة بين المصريين جميعآ لا تفرق على أسس دينية او مذهبية أو جنسية ، ولكن نتيجة للخطيئة الاستراتيجية العظمى التي وقع فيها المجلس العسكري الحاكم لمصر منذ البداية بأن جعل كتابة الدستور من حق الفائز بالأغلبية البرلمانية دون ادراك حقيقي منه للوسائل التي يتبعها الاسلامييون واستغلالهم للدين في الترويج لأنفسهم وتكفير خصومهم بل ولعنهم وهو ما وقع وحدث ما كنا نحذر منه في الاستفتاء على التعديلات الدستورية .

فقد أصبحت مصر بسبب تلك الخطيئة في مرحلة بالغة الدقة في مواجهة خطر الاسلاميين ، ورفضهم حتى للمبادئ الحاكمة للدستور ولاختيار لجنة وضع الدستور محتجين بشكل التفافي بنتيجة الاستفتاء لفيه ما يؤكد النية المبيتة لدى هؤلاء الاسلاميون الذي يثقون في فوزهم في الانتخابات المقبلة وبالتالي شبه انفرادهم بكتابة الدستور الذي سيحكم مصر طيلة السنين المقبلة وفقآ لأهوائهم وما يضمرونه لنا ومنهم من سيتمثل المنهج الوهابي في وضع الدستور تحقيقى للأماني السعودية في تفريغ الثورة المصرية من مضمونها وتحويل مصر من دولة تسعى الى الحرية والعدالة والأمل في المستقبل الى دولة تابعة للرياض ولا خوف من رياح حرية أو تغيير حقيقي تهب منها على السعودية ودول الخليج ، وبالطبع فان رفضهم الضمني هذا للمساواة الكاملة بين المصريين وحقهم للترشح لكافة المناصب بما فيها رئاسة الدولة بصرلف النظر عن الجنس أو الدين أو المذهب لهو أدل دليل على الفتنة الطائفية التي ستصطلي بها مصر حال وصول الاسلاميين للحكم .

ان الاصرار على المتاجرة بالدين ورفع الشعارات الدينية بغية الحصول على المزيد من الاصوات الانتخابية والوصول الى كراسي الحكم والسلطة في استغلال واضح وفج لحالة الجهل والأمية المعرفية وحتى الدينية الحقيقية (التي تتجاوز طقوس الصلاة والصوم) المستشرية بين العباد ، وبالتالي فلابد من مواجهته بكل ما أوتينا من القوة والقدرة على التغيير ، دون أي خجل أو خوف من المواجهة مع هؤلاء من أصحاب فكر التكفير واطلاق تهم الديوثة والزندقة على معارضيهم وارهابهم بانهم سيجعلون رجل الشارع العادي يترصد هؤلاء الزنادقة (وفق تعريف هؤلاء الاسلاميون) أو يتولى أغلب أتباعهم من تلقاء أنفسهم مهام السب واللعن على المنابر وشاشات التلفاز وصفحات الجرائد والانترنت لكل معارض ، في اطار منظومة كاملة متكاملة من الارهاب في محوره الناعم بعيدآ قليلآ بغير فارق كبيرعن محور القتل والتعذيب والتفجير .

وهو ما يوضح المستوى الفكري لكثير من هؤلاء وخواء ما يقولونه ويفعلونه في ترجمة واضحة لافلاسهم الفكري الغير قادر على مقارعة المنطق بالمنطق والحجة بالحجة ، مع التسليم في النهاية أن أغلب الطرق تؤدي الى الله سبحانه وتعالى طالما صدقت النوايا ، ولكن هيهات الايمان بهذه القاعدة لأن ذلك يعني قيام أغلبهم بتسليم لمقاليد الأمور وخسارة للسطوة والهيمنة على عقول الناس والأهم خسارة للحسابات البنكية التي تتضخم بفعل التمويلات الوهابية ونشر الفكر الوهابي بين الناس .

وكثير من ممن يسمون أنفسهم علماء دين هم في الأصل من بيئة فقيرة وهذا لا يعيبهم في حد ذاته ولكن يظل السؤال هو كيف تم هذا التحول من فئة الفقراء الى الأثرياء ؟!! مجرد سؤال ، ان دفاعهم المستميت عن عقيدتهم الوهابية وامبراطوريتهم التجارية المتمثلة في مصانع ومحلات بيع ملابسهم التي يسمونها أزياءً اسلامية للرجال والنساء والعطور الشرقية والبخور والسواك والكتب والشرائط الخاصة بهم وغيرها من مشاريعهم التجارية والاصرار على طبع العالم الاسلامي على النموذج السعودي الوهابي أو الأفغاني الطالباني المكرسين للانبطاح للحكام (أولي الأمر) والغاء العقل في تدبر الدين مع اعلاء النقل وكبت النقد البناء بتمويلات وبمباركات خليجية هادرة ، لابد ان يُفهم ان كل ذلك انما هو محض تخطيط مدروس على اعلى مستوى في كثير من العواصم الخليجية.

ولا يجب أن ننسى أبدآ أن أسارير حكام الوهابية تنفرج غبطة وسعادة حين تحدث أية مناوشات أو قلاقل وصدامات بين المصريين في مرحلتهم الانتقالية هذه لأنها تمكن هؤلاء المتربصون بنا بان يشيعوا عنا بأننا شاننا شان بقية الشعوب العربية (بما فيها الشعوب الخليجية وهذه هو المراد) غير مستعدين للديموقراطية وأن الديموقراطية لا تجلب الا الخراب والدمار والاضطرابات وكراهية الناس لبعضهم البعض وبالتلي فان الحكم السلطوي هو خير المراد وطاعة ولي الأمر (وفقآ لأهوائهم وعلاتهم ) هي فعلآ خير الطريق ، وبالطبع فبالنسبة لهم فانه لا داعي للخوف أبدآ حال وصول اتباعهم الوهابيون الى الحكم في مصر لتتحول مصر معهم الى تابع مطيع .

فالفكر الوهابي الذي لا تألوا السعودية جهدآ ولا مالآ لنشره وتعميقه هو فكر بطبيعته ضد مفهوم الثورة بشقها المعرفي الفكري (بالثورة ضد تراث فكري من التفسيرات الدينية والأحاديث الموضوعة التي تدعوا الى الكراهية ونبذ الآخر والانبطاح للحاكم وشيطنة النساء) وشقها السياسي الحركي (بالثورة ضد الخلود في السلطة وتوريثها وقمع المعارضين وسحلهم في المعتقلات ) .

وسعيهم الى توسيع دائرة العضوية في مجلسهم المعروف باسم مجلس التعاون الخليجي ليضم الدول الملكية العربية بسعيهم لضم المغرب والأردن التي رحب ملكها بذلك لعل ذلك يكون خير معين له في مواجهة المطالب الاصلاحية الجذرية الي يطالبه بها شعبه والتي يماطل هو وأتباعه في تنفيذها ، فان التحرك الخليجي في هذا الخصوص انما يعد حركة سياسية مفضوحة الى حد السذاجة لتثبت لمعارضيهم صحة ما يقولونه بأن هذه الأنظمة الخليجية ترتعد من ثورات الحرية العربية وتريد تأسيس كيان خاص بالديكتاتوريات ليعضد كل منها الآخر في مواجهة نسائم الحرية العربية التي تهب علينا ، وبالطبع يحسب لحاكم المغرب ذكائه السياسي وحسن تصرفه بالانتقال الى دستور جديد يمثل نقلة نوعية كبيرة على طريق الملكية البرلمانية الحقيقية وان كانت هناك بعض المثالب ولكن يمكن حلها عبر الحوار والتظاهرات السلمية دون الدخول في أوضاع راديكالية ودقيقة ومجيدة في نفس الوقت كالتي تشهدها كثير من دول الحرية العربية .

وبعد المعونة الخليجية الكبيرة في قمع واضطهاد الثورة البحرينية ضد الظلم والاستبداد وما تلاها من المعوقات الكثيرة التي يضعها النظام الحاكم في البحرين أمام مؤتمرات ولجان الحوار الوطني التي يكنتهي دوره بالدعوة اليها بغية الوصول الى الاصلاح الحقيقي والجذري لبنية النظام السياسيةى البحريني لأدل دليل على الرفض السياسي والفكري لحكام الخليج لثقافة التغيير والحرية والديموقراطية والتخلص من أساليب الاستبداد التي تطبع علاقاتهم بشعوبهم .

ولا مانع أبدآ من التعاون مع من يسمونها هم الشيطان الأكبر (الولايات المتحدة الأمريكية ) لدعم خلودهم في الحكم والتصاقهم بالعرش وايقاف مسيرة التقدم والنهضة في دولة اسلامية كايران تحت دعاوي محاربة الفكر الشيعي بالمساعدة الحثيثة والدعوة الصريحة الى فرض الحصار الجائر والعقوبات الظالمة على الشعب الايراني وكأن الوهابيون لا يثقون في قوة مذهبهم أو ان شئنا القول عقيدتهم فهم قد أفرغوا الاسلام العظيم من مضمونه الحقيقي السليم لكي يكرسوا سلطانهم واحتكارهم لثروات وآبار شعوبهم فما استخرجوا الا سوادآ الأرض ليعينهم على تصدير سواد العقل وكأنهم بمحاربتهم الفجة هذه للفكر الشيعي كأنهم لا يثقون في قوة منطقهم وحجتهم ، فنحن نعلم ان قوة المنطق والعقيدة وسلامة الفكر وانفتاح العقل النقدي لا النقلي الذي لا يستطيع الانفتاح أصلآ هي الحصن الوحيد المنيع ضد أية افكار لا تمت للمنطق بصلة ولا يقبلها العقل الواعي لا المغيب تحت ظلام التكفير والكراهية .

ولكن حقيقة الأمر فان التحرك السعودي ضد ايران ليس الا تحرك سياسي تحاول الرياض التي دأبت هذه الدولة حامية وآوية بن علي وأسرته من اللصوص الطغاة والقواعد الاجنبية في المنطقة أن تضفي المشروعية على تحركها هذا بصبغه بالصبغة الدينية المعهودة ، مصدرة الأوامر لأتباعها في المنطقة أن يقوموا بدورهم بتشويه ايران وتكريه الناس فيها وتحويل المذهب الشيعي ذاته الى تهمة وانها في حرب مقدسة ضد الشيعة والتشيع ، على الرغم أن الأزهر الشريف أكد على مشروعية التعبد الى الله تعالى على أساس المذهب الجعفري الاثنى عشري وهو المذهب الايراني .

وليس معنى ذلك هو دعوة الى ترك المذهب السني والهرولة الى المذهب الشيعي الجعفري وانما هو التخلص من المذهب الوهابي والايمان بان الله تعالى أرسل دين الاسلام لكي نتوحد لا لنتفرق وأنه طالما خلصت النية للواحد القهار وبوشر في اتباع العمل الصالح والتقوى في السر والعلانية وأداء مناسك العبادة بدون تعصب ولا تشدد فليس ثمة فوارق كبيرة بعد ذلك الا في عيون المنتفعين والمتاجرين الذين يسوؤهم توحد المسلمين ونبذهم للفروقات المذهبية بينهم أو حتى وضعها في حدها الأدنى كترجمة حقيقية لطباع البشر ، يجب ان نعي حقيقة واحدة أنه ليس ثمة ملائكة بيننا حتى ولو تمسحوا بالعباءات واللحى والحجاب والنقاب وانما نحن بشر نسير في طريق الله وهو أعلم بالنوايا والأعمال ، والحياة لا يغيرها للأفضل ( وفق ارادة الله تعالى لنا ) الا العمل الفعلي الصالح والقول الناجع لا المظهر الوهابي الواضح والقول الصارخ .

وبالتالي فاننا يجب ان ندرك حقيقة واحدة ان الوهابيين لا يمكن أبدآ ان يمثلوا عضدآ ودعمآ للدول الاسلامية في حروبهم ضد التخلف والاستبداد والسعي الى التقدم والحرية والديموقراطية ، بل انهم بمثابة مخالب القط في أجنابنا وظهورنا بل وفي كل أجسادنا وهم لن يسمحوا أبدآ بتجاوز ظلام الديكتاتورية والتخلف الى نور الحرية والتطور ، لأن ذلك ببساطة يعني زوال عروشهم وثرواتهم المنهوبة من دماء وحريات وحسابات شعوبهم وهم تابعون مطيعون لقوى كبرى تريد مجالآ محددآ للدول الاسلامية لا تتجاوزه فنكون بذلك بين مطرقة ظلام الوهابية وسندان التخلف والفقر في طريق الضياع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ثاني يوم لزيارته: بوتين يؤكد الرغبة بزيادة التعاون مع الص


.. المحامون غاضبون في تونس • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أجرى عملية لطفل فقد 3 من أطرافه.. طبيب أمريكي محاصر في غزة ي


.. تواصل أعمال النسخة الـ 29 من معرض الكتاب في المغرب وسط إقبال




.. تقدم ساحق لروسيا في أوكرانيا والناتو يهب للنجدة... فهل تحدث